تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو علم النفس الاجتماعي؟

هو دراسة وتحليل مدى ترابط العقل والشخصية مع السلوك والبيئة التي ينشأ بها الفرد، ويكتسب منها كل العادات، والتقاليد، والقيم التي تتأثر، وتؤثر بجميع أنماط الفرد من تفكير وتربية، ومواقف، واتجاهات، والتي يساهم المحيط الاجتماعي في تشكيلها والفرد في تنفيذها.

فالسلوك لا يأتي من فراغ، بل ينشأ ويتطور تبعاً لظروف كل واحد، ودور الأسرة في التعليم والمدرسة في التوجيه، ووضع المعيشة، والمستوى الاجتماعي، وطرق التعامل مع الآخرين ليجتمع كل ذلك، ويكّون ضمن مفهومٍ خاص يسمّى بعلم النفس الاجتماعي. ^[1]

ما هي مفاهيم علم النفس الاجتماعي؟

يؤثر الآخرين بسلوك الفرد تأثيراً واضحاً، والعكس صحيح، حيث إنه لا يوجد فرد لا يجامل أو يتقمص شخصية، ويقلد نمطاً معيناً، على سبيل المثال: قد تكون معاملة الشخص مع عائلته مختلفةً تماماً عن تصرفاته مع زملائه في العمل، وهذا هو الشيء الطبيعي الذي لا يوجد تفسير له، لكن ذلك لا يعني أنه لا يقع بالخطأ، فالكثير قد يكون متقمصاً لشخصيةٍ جميلة ورائعة، ولكن مع أسرته شيء مختلف تماماً عن ذلك.

لأنه قد يهتمّ بوجهات نظر الآخرين عنه ضمن إطار العمل، وما يحقق مصلحته، ولا يوجد أي اهتمامٍ آخر منه على الصعيد الشخصي أو العائلي، حيث إن كل هذه التعديلات الاجتماعية، والاختلافات بسيطة بوجود بعض المفاهيم التي تؤثر على نظام المعتقدات والتفكير، ومنها ما يلي: ^[2]

1- المطابقة

تحدث هذه العملية عندما يقع الفرد في مأزقٍ وضغط يحدث على إثره تغيير أو تعديل في السلوك لكي يتناسب مع المحيط من حوله، على سبيل المثال: عندما يكون الفرد مغترباً في دولةٍ أخرى نظامها وقيمها وعاداتها مختلفة عما كان هو متأقلم عليه، وتوجد ثلاثة أنواعٍ للمطابقة، وهي:

– التدخيل: وهي عملية تقبُّل الفرد لمعايير الجماعة من حوله.

– تحديد الهوية: وهو احتفاظ الفرد بجميع آرائه ومعتقداته لنفسه دون مشاركة أحدٍ فيها.

– الامتثال الجحود: وهو قبول الفرد، وموافقته لآراء وأفكار الآخرين بدافع الحصول على مكاسب اجتماعيةٍ معينةٍ منهم.

2- الطاعة

وتحدث عندما يتبع الفرد أوامر الآخرين، ويخضع لهم دون وجود غايات، ولا رغباتٍ معينة، وتكون هذه الشخصيات متسلطة، وهدفها السيطرة فقط.

3- معنى الذات

يصف المفهوم الذاتي كيفية تفكير الفرد، ومعرفته لنفسه، وإدراكه لها، ويشكل إدراك الشخص لنفسه جزءاً مهماً جداً للكشف عن توقعات الآخرين له، ويوجد مجالات عديدة لهذا المعنى، ومنها:

– كيف ينظر الشخص لنفسه.

– كيفية احترام وتقدير الفرد لذاته.

– الذات الحالمة أي المستوى الذي يحب الفرد أن يصل إليه مستقبلاً.

4- التمييز

يصف التمييز سلوكياتٍ سلبية وإيجابية، ويعمل على توضيحها، وعادةً ما تكون الأشياء السلبية تستهدف جنس المجموعة أو أصولها معتقداتها وصفاتها الأخرى.

التميُّز والتحيُّز مصطلحان مختلفان عن بعضهما البعض نظراً لأن التميُّز هو سلوك يقوم به الفرد بكامل إرادته، بينما التحيُّز هو فكرٌ معينٌ لا يتمُّ التصرف به إلا عند الضرورة، على سبيل المثال: اختلاف الآراء في قضيةٍ ما قد ينحاز الفرد إلى طرفٍ معين، ويقف معه فقط لأنه يدرك الصحيح من الخطأ.

ما الفرق بين علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع؟

يوجد فرقٌ مهمٌّ بين علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع، حيث يهتمُّ علماء النفس الاجتماعي بدراسة الأفراد في المجموعة أي عند تعرضهم لموقفٍ معينٍ مع أقرانهم، بينما يدرس علماء الاجتماع مجموعاتٍ من الأشخاص، وبشكلٍ عام، على سبيل المثال: القيام بحلقة بحثٍ معينة، وإسقاطها على بعض الأفراد، ومن ثم اكتشاف النتائج، وتمَّ التوصل في النهاية إلى هذه المعلومات، حيث إن: ^[3]

علم الاجتماع: هو أصل كل المجموعات، وكيفية تطورها، وبنيتها، وعملها.

علم النفس الاجتماعي: هو دراسة كل ما يخص المشاعر النفسية للفرد، وارتباطها بتطور وتقدم المجموعات الاجتماعية، وعملها وعلمها.

ما هي العمليات المهمة ضمن إطار علم النفس الاجتماعي؟

يوجد اثنان من العمليات المهمة في هذا العلم، ونذكر منهم ما يلي: ^[4]

1- سلوك المجموعة

من المحتمل أن تؤثر طريقة تفكير وإعداد المجموعة على سلوك الشخص وتصرفاته، بالإضافة لنمط حياته، على سبيل المثال: قد ينضم الشخص لمجموعةٍ رياضيةٍ بهدف الذهاب معهم إلى النادي الرياضي، وإجراء تمارين معينة، بالتالي قد يتأثر الفرد هنا بطريقة طعام كل أحد، والنظام الغذائي لديه.

بالإضافة إلى التمارين الرياضية، واختلاف وجهات نظر كل أحد فيهم، ولأن هذه المشاركة تلبي رغبات وحاجة الشخص سواءً أكانت الآراء إيجابيةً أو سلبية، فإن المجموعة تلعب دوراً في تغيير عادات الفرد، وسلوكه بشكلٍ كبير، وهنالك ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر في السلوك، ومنها:

أفكار المجموعة

وهي التي تؤثر على سلوكيات وأنماط تفكير الفرد لأنه يتأثر ويحتكُّ فيها.

الانقلاب الجماعي

وهو عندما يكون الجميع على رأيٍ واحد، وفجأة يحدث انقلاب من قبل القائد أو الميسر للجماعة، وتتبدل الآراء، وتختلف الاتجاهات، وهنا قد يجبر الفرد على تغيير قراراته، والمضي وراء أخلاقيات الجماعة وعقائدهم كي لا يصبح منعزلاً عنهم، وبالتالي وحيداً ومنبوذاً.

عدم التفرد

ويحدث ذلك عندما يتخلى الفرد عن جميع مبادئه وسيطرته تحت ظروفٍ قاهرة، والموافقة بعدها على جميع القوانين السائدة في العصر الحالي، ولو كان ذلك أمراً سلبياً، ولكن لا يستطيع رفضه أبداً.

2- الإدراك الاجتماعي

يركز هذا الإدراك على طريقة الفرد في تحليل وتخزين معلومات العالم من حوله، واستخلاص المهمّ منها، كما أنه يلعب دوراً في فهم جميع الأشخاص المقربين منه، وتشكيل انطباعات عنهم، ويمكن أن تكون تلك الانطباعات سلبيةً أو إيجابية، وذلك تبعاً للتصرفات والسلوكيات المُتّبعة.

ماذا يفعل علماء النفس الاجتماعي؟

يركز عالم النفس الاجتماعي على السلوك البشري بشكلٍ عام، لكنه لم يقتصر عليه، بل امتدَّ ليشمل العديد من الأبحاث والاستراتيجيات التطبيقية الخاصة بممارسي المهنة ليشمل: ^[5]

1- خريجي علم النفس

لأن هذا العلم يطبق الإدراك والفهم الكامل للسلوك الإنساني، فإنه يساهم في مساعدة المنظمات والشركات غير الربحية من حيث المشاركة في التدريب، وتأهيل موظفي هذه المؤسسات باستخدام علم النفس الاجتماعي.

2- المدارس النفسية والاجتماعية

المدرسة في نظر الأخصائيين الاجتماعيين هي بيئةٌ معقدة تقوم على برامج ومنهجية محددة مفروضة من قبل واضعيها، لذلك هم يساهمون في مساعدة المعلمين، وأيضاً الطلاب على مواكبة هذه التغييرات الدائمة في بحر العلم الواسع.

3- خيارات أخرى للتطبيقات الاجتماعية النفسية

قد يعمل عالم النفس الاجتماعي في البحث والتسويق لنفسه ولبرامجه التدريبية، وتقديم استشاراتٍ معينة للمراهقين، بالإضافة لبناء ووضع برامج وخطط دراسية، وأينما يحل البشر سيرافقهم علم النفس الاجتماعي.