تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي لغة الجسد في علم النفس؟

هي الميل إلى استخدام السلوك الجسدي في التعبير عن كل ما يهواه الفرد من حاجات، وأمور، ورغباتٍ مكبوتة، والتي لا يستطيع تحرريها إلا عن طريق التواصل غير اللفظي، وغالباً ما يكون ذلك بشكلٍ غريزي مع علم الشخص به أو تتمّ بشكلٍ غير واعٍ دون الانتباه له، فعندما يتفاعل الصديق مع زملائه في العمل، فإنه يرسل ويستقبل منهم باستمرار إشاراتٍ وبدون كلمات.

على سبيل المثال: الأفعال غير اللفظية كإيماءات الوجه أو وضعية الجسم عند حدوث موقفٍ معين، ومدة التواصل البصري مع الآخر، كل ذلك يعبر عن مدى القوة في التحليل. إن اكتشاف الأسرار الكامنة وراء اتباع الفرد للغة الجسد ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج لدقةٍ في الانتباه مع التركيز في معالم الفرد وملامحه.

ولكن في بعض الحالات قد لا تتوافق لغة الجسد مع الكلام الذي يقوله الفرد، فإذا تكلم بشيء ولغة جسده توحي بشيءٍ آخر، فمن المحتمل أن يشعر الطرف المقابل بكذب الفرد معه ونفاقه، على سبيل المثال: أن يقول أحدهم أنه موافق على إجراء هذا العمل، ويدعي أنه يمتلك مهاراتٍ احترافيةٍ جيدة جداً، وبالفعل قد يكون كذلك، ولكن لا تبدو عليه علامات الثقة بنفسه فسرعان ما تظهر عليه تعابير القلق والتوتر، لذلك يجب أن يتناسب الكلام مع التواصل الجسدي لكي يحقق الإنسان غايته. ^[1]

ما هي أنواع لغة الجسد؟

تشمل لغة الجسد أنواعاً كثيرة، ومن أهمها: ^[2]

1- إيماءات الوجه

يمكن للوجه البشري أن ينقل الكثير من الأحاسيس والمشاعر بدون أن ينطق بكلمةٍ واحدة فقط من خلال إبراز ملامح الوجه، والتي تتنوع ما بين السعادة، والفرح، والحزن أو الغيرة، والغضب.

2- حركة الجسم ووضعيته

الطريقة التي يمشي بها الفرد أو يجلس ويقف كلها تلعب دوراً، وتؤثر على لغة جسده، وتترك انطباعاً عنه لدى الآخرين، فإما أن يكون سلبياً أو إيجابياً، وذلك تبعاً لشخصية الفرد، وكيف يعبر عنها أمام الناس.

3- الاتصال بالعين

يعتبر من أهمّ عناصر التواصل غير اللفظي، ويعدّ عنصراً فعّالاً جداً في نقل الأحاسيس، وإذا كان الطرف الآخر خبيراً في هذا التواصل سيكشف من خلال نظرةٍ واحدة كل ما يدور في ذهن شريكه.

4- حركات الجسد

إن استخدام الفرد ليديه أثناء الكلام مع إشاراتٍ وحركاتٍ معينة تلعب دوراً كبيراً في إيصال معانٍ غير لفظيةٍ للطرف الآخر، وتكون واضحةً لأنها تلقائية وغير مصطنعة.

5- المساحة الشخصية

تعدّ نوعاً مهماً من أنواع لغة الجسد، حيث يظهر من خلالها كثيراً من الأدلة، فإذا كانت المساحة بينك وبين الآخر قريبةً جداً، فهذا يدل على أنك متجاوزٌ للحدود معه، بالتالي إذا كانت المساحة بعيدة، فهذا يدل على محافظة الشخص على حدوده مع الطرف الآخر، وأنه لم يخرج عن نطاق الرسمية في التعامل معه.

ما هي أهمية لغة الجسد؟

تأتي أهمية لغة الجسد من كونها تلعب خمسة أدوار: ^[3]

1- التكرار

حيث إنها تقوي، وتؤكد على الرسالة التي يرسلها الفرد لفظياً للآخرين.

2- التناقض

تفيد لغة الجسد في إيصال أفكارٍ معينة، حتى لو كان الكلام عكس ذلك، فلغة الجسد مقنعة أكثر من التكلم.

3- التبادلية

حيث يمكن أن تكون لغة الجسد بديلاً عن الرسائل اللفظية، على سبيل المثال: غالباً ما تنقل تعبيرات الوجه رسائل واضحة أكثر من الكلام.

4- الشدة واللهجة

على سبيل المثال: أن يتعرض الفرد لموقف، ويبدأ بالكلام ثم يقوم أحد المشاركين باستخدام اليد، والطرق على الطاولة بقوة تأكيداً على انتهاء الحديث والقوة في ذلك.

5- التأثير على الشخص

كمثال على ذلك: أن يقوم مدير العمل بالثناء على موظفه من خلال التصفيق على كلامه أو التربيت على كتفه، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالفرح والقبول.

ما هي أنواع الابتسامة في لغة الجسد؟

لكل نوع من الابتسامة لها معنى مختلف، ومنها: ^[4]

1- الابتسامة الحقيقية

إذا كان الطرف الآخر يودّ التعرف على صدق الابتسامة، فسوف يلاحظ ارتفاعاً في زوايا الفم، وضيقاً في العيون، وظهور خطوط الضحك واضحةً على الوجه.

2- الابتسامة الخادعة

يتمّ كشفها من خلال عدم ظهور علامات السعادة على الوجه، حيث لا تظهر الأسنان، وتكون النظرة نظرة حقدٍ أو غيرة، ولا تحدث تجاعيد حول الفم في ذلك، حيث تكون ابتسامةً خفيفةً مصطنعة.

خمس طرقٍ أساسية لقراءة لغة الجسد بشكلٍ إيجابي

1- اتخاذ وضعيةٍ جيدة

في حال كان الشخص يجلس، وبشكلٍ مستقيم، فهذا يدل على انتباهه الشديد، وتركيزه معك بشكلٍ تام.

2- المحافظة على التواصل بالعيون (البصري)

هنالك فرقٌ بين التحديق والحفاظ على الاتصال البصري، فإذا كان الشخص شارداً، وهو ينظر إليك، فهذا يدل على أنه مندمجٌ في الحديث وبشكلٍ كبير، أما في حال التحديق وبشكلٍ مباشر، فهذا أمرٌ ليس مرغوب، خاصةً إذا كان الاتصال غير عفوي لأن التواصل العفوي قد يرمش به الفرد، وينظر بعيداً عن الفرد لمدةٍ قصيرة. أما التحديق، فيظل وبشكلٍ مستمر دون أي رمشه عين، ولا يركز في الكلام بقدر ما يركز على لغة الجسد، والحركات التي يقوم بها.

3- الرغبة في الاستماع

يكون الشخص منصتاً إلى الكلام، ومستمتعاً فيه في حال كان يجلس باتجاه الفرد تماماً، فالرأس والجذع يميلان إلى الشخص الآخر.

4- المصافحة القوية

إذا قام أحد بمصافحة الفرد وبقوة، فهذا يدل على مقدار الحب والاحترام الذي يحمله له، ولا ينبغي أن تكون المصافحة مؤلمةً وقويةً، لأنها قد تثير الخوف والقلق لدى الآخر. ^[4]

5- طرق التواصل السلبية في لغة الجسد

1- تجنُّب النظر بالعين

في حال تجنب الفرد التواصل البصري مع الطرف الآخر، فذلك يدل على عدم الاهتمام به، وتجاهل حديثه، وفي الأغلب هي محاولة منهم قد تكون لإخفاء شيء، والخوف من المواجهة.

2- عدم الجلوس بطريقة مستقيمة

إذا كان الفرد الذي يستمع إليك قد أخذ وضعية الملل والاسترخاء، فهذا يدل على أنه بدء يشعر بالقلق والتوتر، ولا يريد إكمال الحديث، ولا حتى الإنصات لما يقوله.

3- تعابير الوجه السلبية

يمكن التعرف على استجابات الطرف الآخر من خلال بعض الإيماءات التي تظهر على وجهه، كالعبوس مثلاً أو الارتباك فجأة، والغضب أيضاً، والتعليق بشكلٍ خاطئ على كل ما يقوله سواءً أكان صحيحاً أم خطأ. ^[4]

بعض النصائح حول لغة جسد ناجحة ومتمكنة؟

1- المحافظة على الاتصال البصري وبشكلٍ قوي، وبالأخص إذا كان الحديث مع شريكٍ أو عميل.

2- الابتسامة في الوقت المناسب، وترك مسافةٍ شخصيةٍ واضحة بينك وبين الأشخاص الآخرين.

3- عدم المبالغة في حركات اليدين، وإن وجب تحريكهما، فعلى الفرد أن يقوم بذلك، ولكن بانسجامٍ مع الحديث كي لا يحدث الفوضى، ويفقد هيبته أمام الحاضرين.

4- الكلام والتحدث بشكلٍ عالٍ وثقةٍ ووضوح، وتجنّب الحديث بسرعة لأن ذلك يقلل من ثقة الفرد بنفسه.

5- تجنب عقد الذراعين عند التحدث مع أحد.

6- عندما يقوم أحد بالتحدث إليك يجب أن تعطه كل الانتباه له ولكلامه، وألا تقاطعه أبداً كي لا يشعر بقلة الاهتمام أو الإهانة. ^[5]

وأخيراً تعتبر وضعية الجسم جزءاً مهماً آخر من لغة الجسد لأنها تشير إلى انفتاح الشخص أو انغلاقه تجاه الآخر.