Skip links
بنت ترتدي جاكيت حمراء وصبي يرتدي قميص و يقفون في الشارع

تشخيص البلوغ المبكر المحيطي عند الأطفال

الرئيسية » الطب » طب الأطفال » تشخيص البلوغ المبكر المحيطي عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ماذا يعني البلوغ المبكر؟

يحدث البلوغ المبكر (Precocious puberty) عند الطفل عندما يدخل في عملية النضج الجنسي بشكلٍ مبكرٍ جداً، أي قبل سن الثامنة عند الإناث، وقبل التاسعة عند الذكور، وقد يعاني الأطفال المصابون بهذا الاضطراب من صعوباتٍ نفسيةٍ واجتماعية، حيث قد لا يكونون مستعدين عاطفياً للتغيرات الجسدية التي تحدث أثناء مرحلة البلوغ.

وقد يشعرون بالخجل تجاه هذه التبدلات، وهناك نوعان من البلوغ المبكر، وهما: البلوغ المبكر المركزي (Central Precocious Puberty) المعتمد على موجهات الغدد التناسلية، وهو الأكثر شيوعاً، ويسمّى أيضاً البلوغ المبكر الحقيقي، ويؤثر على الفتيات أكثر من الأولاد، والبلوغ المبكر المحيطي (Peripheral precocious puberty) غير المعتمد على موجهات الغدد التناسلية، ويسمّى أيضاً البلوغ المبكر الكاذب.

ويحدث عندما تبدأ عملية النضج الجنسي دون التحفيز الطبيعي للمحور الوطائي النخامي التناسلي أو يسمّى اختصاراً محور HPG، ويضمُّ كل من الوطاء أو تحت المهاد (Hypothalamic)، والغدة النخامية (Pituitary)، والغدد التناسلية (Gonadal)، وفي هذه الحالة يحدث البلوغ المبكر بسبب وجود السيتروئيدات الجنسية (Sex steroids)، مثل: الأستراديول (Estradiol)، أو التستوستيرون (Testosterone) من مصادر داخلية من أجزاء أخرى من الجسم، أو مصادر خارجية، أو خلقية، أو مكتسبة.

وتشمل بعض الأسباب المحتملة لهذا الاضطراب فرط تنسُّج الغدة الكظرية الخلقي (CAH)، ومتلازمة ماكون أولبرايت (MAS)، وأورام الغدد التناسلية، وأورام الغدة الكظرية، والبلوغ المبكر العائلي المحدود للذكور (FMPP)، وقصور الغدة الدرقية الأولي الشديد. [1] [2]

كيف يتمُّ تشخيص البلوغ المبكر المحيطي عند الأطفال؟

1- التاريخ الطبي

– الخطوة الأولى في التعامل مع البلوغ المبكر هي الحصول على تاريخ مفصل وإجراء فحصٍ بدني شامل، ويجب أن يبدأ أخذ التاريخ بالسؤال عن سن ظهور علامات النمو الجنسي، وبشكلٍ عام الحدّ الأدنى لتقييم علامات البلوغ هو 8 سنوات لدى الفتيات، و9 سنوات لدى الأولاد.

– يجب سؤال المرضى صراحةً عن نوع التغيرات التي تطرأ على البلوغ ومعدل تطورها، حيث يمكن أن يساعد ذلك في التوجه نحو التشخيص الصحيح، حيث تشير علامات زيادة الأندروجين (Androgen)، مثل: نمو شعر العانة والإبط، وحب الشباب، ورائحة الجسم التي تشبه رائحة البالغين، والشعرانية إلى أمراض الغدة الكظرية، ومن ناحيةٍ أخرى يشير نمو الثدي والنزيف أثناء الدورة الشهرية إلى زيادة هرمون الأستروجين (Estrogen)، وقد يشير التطور السريع لعلامات البلوغ إلى وجود ورمٍ كامن في الخصية، أو المبيض، أو الغدة الكظرية.

– ويعدُّ تحديد تسلسل تغيرات مرحلة البلوغ أمراً ضرورياً لأن البلوغ المبكر المحيطي غالباً ما يظهر بتسلسلٍ غير طبيعي، على سبيل المثال: في متلازمة ماكون أولبرايت (McCune Albright syndrome) قد يسبق النزيف الحيضي بداية نمو الثدي.

– ويجب أيضاً الاستفسار عن الزيادة الأخيرة في الطول، وعادةً يسبّب البلوغ المبكر المحيطي زيادةً سريعةً في سرعة النمو الطولي عند الأطفال، مما يتسبّب في انتقالهم إلى نسبٍ مئوية أعلى على مخطط النمو، على الأقل في البداية.

– وينبغي السؤال عن التعرض لهرمون الأستروجين أو الأندروجين سواءً على شكل كريمات، أو مراهم، وغيرها، والمواد الكيميائية المؤثرة على عمل الغدد الصماء، مثل: المبيدات الحشرية، وزيت اللافندر.

– ويجب السؤال عن تاريخ الأعراض العصبية (الصداع، التغيرات البصرية، النوبات الاختلاجية) لاستبعاد السبب المركزي للبلوغ المبكر، كما يجب السؤال عن الأمراض المزمنة، والإصابات التي تلحق بالجهاز العصبي المركزي (رضوض الرأس، الاختناق أثناء الولادة، الأورام، الإشعاع).

– يجب أن يركز التاريخ العائلي على توقيت بداية البلوغ لدى الوالدين، وعن وجود أعضاء تناسلية مبهمة لدى الأشقاء، وذلك في حال الشك بوجود فرط تنسُّج الغدة الكظرية الخلقي، وعن السوابق العائلية للبلوغ المبكر.

2- الفحص السريري

– الخطوة الأولى في الفحص السريري هي تسجيل العلامات الحيوية، وقد يشير وجود ارتفاع ضغط الدم إلى ضخامة الغدة الكظرية الخلقي بسبب نقص 11 بيتا هيدروكسيلاز (11 Beta hydroxylase)، وقد يشير بطء القلب إلى قصور الغدة الدرقية.

– وينبغي أخذ الطول، والوزن، ومحيط الرأس، وإسقاطها على مخططات النمو لتحديد سرعة النمو عند الطفل.

– يجب أن يركز الفحص العام على البحث عن علامات لحالاتٍ معينة، مثل: بقع القهوة بالحليب، ففي متلازمة ماكون أولبرايت تبدو على شكل بقعٍ كبيرة مفرطة التصبُّغ ذات حدود غير منتظمة وتوزيع قطاعي، وينبغي تمييزها عن بقع القهوة بالحليب الخاصة بالورم الليفي العصبي، والتي تميل إلى أن تكون لها حدود منتظمة، وتشمل العلامات الأخرى التي تظهر في متلازمة ماكون أولبرايت خلل التنسُّج الليفي متعدد العظام، والذي يظهر على شكل تشوهاتٍ عظمية، وكسور مرضية، واضطراباتٍ في المشية، وألمٍ في العظام.

– يجب إجراء الفحص العصبي واختبار المجال البصري للكشف عن العجز العصبي الثانوي الناتج عن كتلة محتملة داخل الجمجمة، ويجب إجراء فحص البطن لتحديد أي كتلٍ واضحة يمكن أن تنشأ بسبب أورام الغدة الكظرية أو المبيض.

– الجزء الأكثر أهمية في الاختبار هو تقييم النضج الجنسي باستخدام تصنيف تانر (Tanner staging)، ويتمُّ من خلاله تقييم شعر العانة، والثدي، والأعضاء التناسلية، وذلك عبر تصنيفها على مقياس من 1 إلى 5، حيث يمثل 1 مرحلة ما قبل البلوغ، و5 يمثل نمو البالغين.

وأثناء تقييم نمو الثدي لدى الفتيات، يجب الحرص على التمييز بين أنسجة الثدي القنوية غير المنتظمة والأنسجة تحت الجلد، والتي تكون ناعمةً ولينة، وبالمثل يجب إجراء ملامسة الخصيتين، وقياس طول القضيب الممتد، وحجم الخصية باستخدام مقياس حجم الخصية (Orchidometer) بدقة، وتشير أبعاد القضيب الكبيرة وغير المتناسبة مع أبعاد الخصية إلى البلوغ المبكر المحيطي بسبب أمراض الغدة الكظرية.

وقد يشير تضخم الخصيتين المتماثل المعتدل إلى البلوغ المبكر المحدود لدى الذكور أو وجود ورم يفرز هرمون موجهة الغدد التناسلية (HCG). ومن ناحيةٍ أخرى، قد يشير تضخم الخصية غير المتماثل مع وجود كتلةٍ واضحة في الخصية إلى وجود ورمٍ في خلايا لايديغ.

3- التشريح المرضي

تختلف نتائج التشريح المرضي اعتماداً على السبب الأساسي، وتشمل:

أكياس المبيض (Ovarian cysts)

تظهر الأكياس الجريبية نسيجياً على شكل أكياس رقيقة الجدران تحتوي على السائل الجريبي، وتبطنها الخلايا الحبيبية والخلايا القرابية الداخلية.

أورام المبيض (Ovarian tumors)

يختلف ظهور أورام الخلايا الحبيبية حسب نوع الخلايا ناضجة أو فتية، حيث تظهر الخلايا الحبيبية من النوع الناضج، كخلايا شاحبة متطاولة ذات هيولى قليلة ونواة محززة، وتظهر هذه الخلايا غالباً على شكل وريدات حول مجموعاتٍ من السائل الحمضي يشار إليها باسم أجسام كول إكسنر (Call Exnerbodies)، وتشبه الجريبات البدائية، بينما تظهر الخلايا الحبيبية الفتية كخلايا غير ناضجة ذات نشاطٍ انقسامي متكرر.

أورام خلايا لايديغ (Leydig cell tumors)

تظهر أورام خلايا لايديغ من الناحية النسيجية على شكل مجموعاتٍ من الخلايا الكبيرة ذات نوى مستديرة منتظمة وهيولى حمضية، وتتواجد بلورات رينكه (Reinke crystals) عادةً في هذا النوع من الأورام، وتساعد على تأكيد التشخيص.

فرط تنسُّج الغدة الكظرية الخلقيCongenital adrenal) hyperplasia)

تشمل المظاهر النسيجية تضخم قشر الكظر المنتشر. [3] [4]

ما هي التحاليل المخبرية اللازمة لتشخيص البلوغ المبكر المحيطي عند الأطفال؟

1- الهرمونات الجنسية

ينبغي قياس مستوى الهرمونات الجنسية (Sex hormones) الأساسية، وهي هرمون التستوستيرون لدى الذكور، والأستراديول عند الإناث، ويتمُّ تفسير النتائج وفق ما يلي:

يشير ارتفاع الهرمونات الجنسية الأساسية مع تثبيط موجهة الغدد التناسلية (HCG) إلى البلوغ المبكر المحيطي، وقد يشير مستوى هرمون التستوستيرون المرتفع بشكلٍ ملحوظ إلى وجود ورمٍ في الخصية لدى الأولاد، أو يكون مصدره وجود إصابة، أو ورمٍ في الغدة الكظرية لدى الأولاد والبنات.

وتشير مستويات الأستراديول التي تزيد عن 20 بيكوغرام / ميلي لتر إلى حدوث مرحلة البلوغ عند الفتيات، وتشير مستويات أستراديول المصل المرتفعة بشكلٍ ملحوظ (أعلى من 100 بيكوغرام / ميلي لتر) لدى الفتاة إما إلى وجود كيس مبيض يفرز هرمون الأستروجين أو ورم في المبيض. ومن ناحيةٍ أخرى، يشير المستوى الأساسي المنخفض للإستراديول الذي يقل عن 10 بيكو غرام / ميلي لتر إلى البلوغ المبكر المركزي.

2- الهرمون الملوتن، والهرمون المنبه للجريب، وموجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية

في البلوغ المبكر المحيطي، تكون مستويات الهرمون الملوتن ((LH) Luteinizing hormone) ،والهرمون المنبه للجريب ((FSH) Follicular stimulating hormone) في نطاق مرحلة ما قبل البلوغ. يجب قياس مستويات LH القاعدية في الصباح الباكر، وتشير مستويات LH القاعدية الأقل من 0,2 ميكرو وحدة / ميليلتر إلى البلوغ المبكر المحيطي، أو متغيرات البلوغ الحميدة والقياسات العشوائية لـ FSH ليست مفيدةً جداً في التشخيص. وتشير المستويات المرتفعة من موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية ((HCG) Human chorionic gonadotropin levels)  إلى وجود أورام تفرز HCG، مثل: سرطان الخلايا الجنينية، والورم الظِهاري المشيميائي، والورم الإنتاشي.

3- مستوى السيتروئيدات الكظرية في الدم

يعدُّ قياس مستويات السيتروئيدات الكظرية (Ddrenal steroids) في الدم مفيداً في التمييز بين تضخم الغدة الكظرية المبكر (التَّكَظّر المبكر)، والبلوغ المبكر المحيطي، ويتمُّ تحليل النتائج وفق ما يلي:

– في الأطفال الذين يعانون من التَّكَظّر المبكر (Premature adrenarche)، تكون مستويات كبريتات ديهيدرو إيبي أندروستيرون (Dehydroepiandrosterone sulfate (DHEAS)) تتراوح بين 40 إلى 135 ميكروغرام/ديسيلتر، والتستوستيرون بين 1,1 إلى 3,7 ميكرو مول/لتر، و17 هيدروكسي بروجسترون (17 Hydroxyprogesterone) بين 115 إلى 200 نانو غرام/ ديسيلتر، أي تكون مرتفعةً بشكلٍ طفيفٍ فقط، بينما يشير ارتفاع هرمون DHEAS والتستوستيرون فوق هذه النطاقات إلى أورام الغدة الكظرية، أو تضخم الغدة الكظرية الخلقي.

– ويشير ارتفاع مستوى 17 هيدروكسي بروجسترون في الصباح الباكر إلى أعلى من 200 نانو غرام/ ديسيلتر إلى فرط تنسُّج الكظر الخلقي غير التقليدي.

– بينما يشير ارتفاع 11- ديوكسي كورتيزول (11 Deoxy cortisol)، وديوكسي كورتيزون (Deoxy cortisone)  إلى فرط تنسُّج الكظر الخلقي التقليدي.

4- اختبار وظائف الغدة الدرقية (Thyroid function test)

يجب فحص تركيز الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH)، ومستويات الثيروكسين الحر (T4 Free) لدى الأطفال الذين يعانون من علامات وأعراض قصور الغدة الدرقية الأولي. [4] [5]

ما هي الفحوص الشعاعية اللازمة لتشخيص البلوغ المبكر المحيطي عند الأطفال؟

1- تقييم العمر العظمي (Bone age)

ينبغي إجراء صورٍ شعاعية لليد والمعصم في حالات البلوغ المبكر المشتبه به لتقييم نضج مشاش العظام، ويشير متوسط ​​عمر العظام أو تأخره قليلاً (أقل من عامين من العمر الزمني) إلى متغيرات حميدة، مثل: التَّكَظّر المبكر. ومن ناحيةٍ أخرى، يشير عمر العظام المتقدم بشكلٍ ملحوظ (أكثر من انحرافين معياريين فوق متوسط ​​العمر) إلى نموٍّ خطي متسارع وبلوغٍ مبكر، والتقدم السريع في عمر العظام يجب أن يثير القلق بشأن فرط تنسج الغدة الكظرية الخلقي، أو الأورام التي تنشأ من المبيضين، أو الغدد الكظرية، أو الخلايا الإنتاشية.

2- التصوير بالموجات فوق الصوتية، والتصوير المقطعي المحوسب (CT)

بالنسبة للفتيات اللاتي يشتبه في أنهن يعانين من البلوغ المبكر المحيطي، يعدُّ إجراء الموجات فوق الصوتية على الحوض أمراً ضرورياً لتحديد ما إذا كانت أكياس المبيض أو الأورام هي المسببات الأساسية، وتساعد الموجات فوق الصوتية على الحوض أيضاً في تحديد طول الرحم وحجمه.

وهو مؤشر جيد لتحديد مدة التعرض لهرمون الأستروجين، وعند الأولاد، تساعد الموجات فوق الصوتية على الخصية في تحديد الأورام الخبيثة، مثل: أورام خلايا لايديغ، وعند الأطفال (الذكور والإناث) الذين لديهم علامات سريرية أو أدلة مخبرية على زيادة الأندروجينات الكظرية، يوصى بإجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية أو تصوير مقطعي محوسب للبطن.

3- التحاليل الأخرى

– يحتاج المرضى الذين يعانون من التغيرات البصرية أو الاضطرابات العصبية إلى التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ لاستبعاد الأمراض داخل الجمجمة.

– يلزم إجراء فحوصات للعظام، ومسح للهيكل العظمي في حالات الاشتباه في الإصابة بمتلازمة ماكون أولبرايت لتحديد خلل التنسُّج الليفي.

– قد تكون هناك حاجة لإجراء اختباراتٍ جينية لتحديد الطفرات، وتأكيد التشخيص لدى المرضى الذين يعانون من فرط تنسج الغدة الكظرية الخلقي، والبلوغ المبكر العائلي المحدود عند الذكور، ومتلازمة ماكون أولبرايت. [4] [5]

المراجع البحثية

1- Zimlich, R.  (2021, October 29). Pathology is key In diagnosing peripheral precocious puberty. Contemporary Pediatrics. Retrieved July 15, 2024

2- Boston Children’s Hospital. (n.d.). Precocious Early Puberty . Boston Children’s Hospital. Retrieved July 15, 2024

3- Klein, D, A.  Emerick, J, E., Sylvester, J, E.  Vogt, K, S. (2017). Disorders of Puberty: An Approach to Diagnosis and Management. American Family Physician. Retrieved July 15, 2024

4- Qudsiya, Z. Gupta, V. (2023, July 10). Precocious Pseudopuberty. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved July 15, 2024

‌5- Nyulangone.org. (n.d.). Diagnosing Disorders of Puberty. Nyulangone.org. Retrieved July 15, 2024

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.