فِطام الطفل عن الحليب – أهميته، وما هي الخطوات الصحيحة لنجاحه؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
يعدُّ الفِطام من أهمّ المراحل الانتقالية في حياة الطفل والأم على حدٍّ سواء، فهو يمثل الخطوة الأولى في رحلة الطفل نحو الاعتماد على مصادر غذائية جديدة تلبّي احتياجاته المتزايدة للنمو والتطور، وعادةً ما يثير قرار الفِطام العديد من التساؤلات لدى الأمهات حول التوقيت الأمثل، والطريقة الأنسب لتحقيق ذلك بأمان ونجاح دون أن يشكل أي ضغطٍ نفسيٍّ أو جسديٍّ على الطفل. هذا المقال سنستعرض مفهوم الفِطام وأهميته، وكيفية الاستعداد له تدريجياً إلى جانب النصائح التي تساهم في تخطّي هذه المرحلة بسلاسة، وتجنُّب التحديات المُحتملة.
ما هو الفِطام وما أهميته في نمو الطفل؟
هو عملية انتقال الطفل تدريجياً من الاعتماد الكامل على الحليب إلى تناول الأطعمة المتنوعة كمصدرٍ رئيسي للتغذية، ويعدُّ مرحلةً مهمةً في نمو الطفل، فهو يساعده على التكيُّف مع الأطعمة المختلفة، وتعزيز قدرته على تناول المُغذّيات المتنوعّة التي يحتاجها جسمه للنمو السليم. وتتجلى أهمية الفِطام في عدة جوانب أبرزها:
1- تلبية احتياجات الطفل الغذائية المُتزايدة
مع تقدُّم الطفل في العمر تزداد حاجته إلى عناصر غذائية لا يستطيع الحليب وحده توفيرها، مثل: الحديد، والزنك، والفيتامينات الأساسية التي تدعم نموَّه العقلي والجسدي.
2- تنمية مهارات الأكل والاستقلالية
يساعد الطفل على تطوير مهارات تناول الطعام، والمضغ، والبلع، وهي مهاراتٌ مهمةٌ لصحته ونموه على المدى الطويل، كما يُعزّز الفِطام استقلالية الطفل، ويساعده في التعرُّف على نكهاتٍ وأشكال مختلفة للأطعمة.
3- تعزيز النمو الصحي للأسنان والفم
يُعزّز تناول الأطعمة نموّ الأسنان، وتطوُّر الفكين، ويدعم الصحة العامة للفم.
4- تكوين عادات غذائية صحية
يعدُّ فرصةً جيدةً لتعليم الطفل تناول أطعمةٍ متنوعةٍ وغنيةٍ بالعناصر المفيدة، مما يساهم في بناء عاداتٍ غذائيةٍ صحية تدوم مدى الحياة.
ما هو التوقيت المناسب للفِطام؟
يعتمد التوقيت المناسب للفِطام على عدة عوامل تتعلق بجاهزية الطفل، ورغبة الأم، لكن بشكلٍ عام توصي منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ببدء تقديم الأطعمة الصلبة للطفل تدريجياً بدءاً من عمر 6 أشهر مع الاستمرار في الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي حتى عمر 12 شهراً على الأقل، حيث يبقى الحليب مصدراً أساسياً للتغذية خلال هذه الفترة.
ويمكن بعد عمر السنة تقليل عدد الرضعات تدريجياً، والاستعاضة عنها بوجباتٍ غذائيةٍ متوازنة، لكن من المهمّ أن يكون هذا التدرُّج متناسباً مع استعداد الطفل واحتياجاته بحيث لا يحدث الفِطام فجأةً حتى لا يشكل ضغطاً نفسياً أو جسدياً عليه. سنذكر بعض العلامات التي تدل على استعداد الطفل للفِطام فيما يلي:
1- قدرته على الجلوس بمفرده، والتحكُّم في رأسه جيداً.
2- اهتمامه بالطعام، مثل: مراقبته الآخرين أثناء تناول الطعام أو محاولة الوصول إلى الأطعمة.
3- تقبُّله للطعام وقوامه أثناء المضغ والبلع.
4- تزايد احتياجه إلى عناصر غذائية إضافية غير متوفرة في الحليب وحده، مثل: الحديد، والزنك.
5- تناقص طلب الطفل لرضاعة الحليب تدريجياً.
الخطوات الصحيحة لنجاح عملية الفِطام؟
عملية فِطام الطفل تتطلب صبراً وتدريجاً لضمان انتقالٍ سلسٍ وآمنٍ للطفل من الحليب إلى الأطعمة الأخرى، وفيما يلي بعض الخطوات التي تساعد على فِطام الطفل بشكلٍ تدريجي وناجح:
1- التدرُّج في تقليل عدد الرضعات
وذلك بالبدء بتقليل عدد الرضعات تدريجياً، حيث يمكن البدء بإلغاء الرضعة التي يُفضّلها الطفل أقل من غيرها، مما يجعل التغيير أسهل عليه، واستبدال كل رضعة تقوم الأم بإلغائها بوجبةٍ خفيفةٍ من الأطعمة المناسبة لعمر الطفل.
2- مراقبة احتياجات الطفل الغذائية
يجب اختيار أطعمةٍ غنيةٍ بالعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الطفل، مثل: الحديد، والكالسيوم لتلبية احتياجاته المتزايدة، والحفاظ على التنوُّع في الأطعمة بتقديم الأصناف المختلفة من الخضروات، والفواكه، والحبوب، والبروتينات ليكتسب عاداتٍ غذائيةٍ صحية.
3- توفير بيئةٍ هادئةٍ ومشجّعةٍ أثناء تناول الطعام
عن طريق جعل وقت تناول الطعام مريحاً وخالياً من التوتر لمساعدة الطفل على الشعور بالأمان والدعم خلال عملية الفطام، وتجنُّب الضغط عليه لتناول الأطعمة، بل منحه حرية استكشاف الطعام، وتذوقه بمفرده.
4- الاستجابة لاحتياجات الطفل العاطفية
قد يفتقد الطفل لحظة الاتصال الجسدي والعاطفي مع الأم أثناء الرضاعة، لذا يجب على الأم محاولة تعويض ذلك باحتضانه وتهدئته، وتوفير الدعم النفسي والكثير من الحنان له خلال هذه الفترة لتقليل أي تأثيرٍ نفسي للفِطام عليه.
5- التعامل مع التحدّيات المُحتملة
قد يرفض الطفل بعض الأطعمة الجديدة أو يعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي في بداية الفِطام، وفي هذه الحالة على الأم أن تكون صبورةً، وتحاول إعادة تقديم الطعام في وقتٍ لاحق، كما يجب عليها متابعة أي ردود فعلٍ تحسُّسيةٍ قد تظهر عند تناول أطعمةٍ جديدة، ويُفضّل تقديم نوعٍ واحدٍ من الطعام في كل مرةٍ لمراقبة ردود الفعل.
6- التواصل مع الطبيب عند الحاجة
إذا واجهتِ الأم صعوبةً في عملية الفِطام أو إذا لم يستجب طفلها بشكلٍ جيدٍ للأطعمة يمكنها استشارة طبيب الأطفال للحصول على إرشاداتٍ وتوجيهاتٍ مخصّصةٍ لحالة الطفل.
كيف يمكن دعم الأم خلال مرحلة الفِطام؟
مرحلة الفِطام ليست فقط تحدياً للطفل، بل تمثل أيضاً فترةً حساسةً للأم، حيث يمكن أن تختبر مشاعر متناقضة، مثل: الفرح لرؤية طفلها ينمو، والحزن بسبب الابتعاد عن لحظات الرضاعة القريبة منه، لذا من المهمّ دعم الأم خلال هذه المرحلة بمراعاة النقاط التالية:
1- التوعية والتثقيف
– التعرف على تفاصيل الفِطام: عندما تكون الأم على دراية بعملية الفِطام وخطواتها، تصبح مستعدةً للتعامل بثقةٍ مع أي تحدياتٍ قد تظهر.
– قراءة تجارب الأمهات الأخريات: إن الاطلاع على تجارب الأمهات، ومعرفة التحدّيات والحلول التي استخدمنها قد يخفّف من القلق لدى الأم، ويعزّز ثقتها بقدرتها على الفطام.
2- التأكيد على التدرُّج في عملية الفِطام
ذلك لأن الفِطام التدريجي يساعد الأم على التكيُّف ببطء مع التغيير، ويمنحها وقتاً كافياً للاستعداد للتوقُّف عن الرضاعة دون أن يحدث هذا فجأةً، كما يجب على الأم تذكير نفسها أن الفِطام ليس عمليةً مستعجلة، وأن كل طفلٍ وأمٍّ لهما وتيرتهما الخاصة.
3- الدعم العاطفي
عن طريق مشاركة المشاعر مع الزوج أو أفراد الأسرة، فالشعور بالدعم العاطفي يساعد الأم على تخطّي مشاعر القلق أو الحزن التي تشعر بها خلال هذه الفترة.
4- الاهتمام بالنفس والراحة
قد يكون الفِطام مرهقاً جسدياً بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث للأم، لذا يجب عليها الحرص على الراحة والنوم الجيد، بالإضافة إلى الاعتناء بصحتها النفسية، حيث قد تشعر بتغيراتٍ مزاجيةٍ نتيجة هذه التغيرات الهرمونية، ومن المفيد أن تخصّص وقتاً لنفسها لممارسة الأنشطة التي تحبها والاسترخاء.
5- التعامل مع مشاعر الحزن أو القلق
وذلك بالتركيز على إيجابيات الفِطام، فبدلاً من التركيز على مشاعر الحزن يمكنها تذكير نفسها بالفوائد التي يقدمها الفِطام للطفل، كتعلمه الاستقلال، وتطوير مهاراتٍ جديدة، كما يمكنها ممارسة تمارين التأمل أو التنفُّس العميق، هذه التقنيات يمكن أن تساعدها على تهدئة نفسها، والتغلب على مشاعر القلق.
6- طلب استشارةٍ من الطبيب عند الحاجة
إذا كانت الأم تعاني من صعوباتٍ كبيرةٍ في التكيُّف مع مرحلة الفِطام يمكن أن تستفيد من استشارة مختصٍّ في الصحة النفسية أو طبيب أطفالٍ للحصول على إرشاداتٍ ونصائح تفيدها.
7- التذكير بأنها تقوم بعملٍ رائع
يجب تذكير الأم بشكلٍ مستمرٍّ على أنها تقدم رعايةً ممتازةً لطفلها، وأن مرحلة الفِطام جزءٌ من رحلتها الجميلة في الأمومة، فهذا يساعد على تعزيز ثقتها بنفسها. [1] [2]
في الختام يمكننا اعتبار مرحلة الفِطام مرحلةً طبيعيةً وأساسيةً في نموّ الطفل وتطوره، وباتباع خطواتٍ تدريجية، وتقديم الدعم العاطفي المناسب يمكن لهذه المرحلة أن تصبح انتقالاً سلساً نحو نمط حياةٍ جديدٍ وصحي، فالفطام ليس نهايةً لعلاقة الأم بطفلها، بل خطوةٌ نحو تعزيز استقلاله وقدرته على التكيُّف، مما يمهّد لنموّه وتطوّره بشكلٍ سليم.
المراجع البحثية
1- Huggins, K., & Ziedrich, L. (2010). The nursing mother’s guide to weaning – revised: How to bring breastfeeding to a gentle close, and how to decide when the time is right. Harvard Common Press. Retrieved November 12, 2024
2- Rapley, G., & Murkett, T. (2010). Baby-Led Weaning: The essential guide to introducing Solid Foods—and helping your baby to grow up a happy and confident eater (Reprint edition). Experiment. Retrieved November 12, 2024