لغة العيون – أهميتها، كيف تعكس المشاعر وما دورها في الحوار؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو تعريف لغة العيون؟
هي نوعٌ من أنواع التّواصل غير اللفظي، والذي يتمُّ فيه استخدام حاسة البصر بشكلٍ أساسي للتعبير عن عدة مشاعر وأفكار دون الحاجة إلى كلمات وأحاديث، حيث تعكس العين حالاتٍ عاطفيةٍ ونفسية وجدانية متنوعة، كالفرح، أو الغضب والحزن، أو الإعجاب، والحب، وفي بعض الأحيان تكون نظرة واحدة كفيلة بإيصال ونقل أحاسيس ورسائل معقدة كثيرة يمكن أن تكون أكثر تأثيراً وصدقاً من الكلمات المنطوقة. [1]
ما هي أهمية لغة العيون؟
1- تعدُّ العين من أكثر وسائل التواصل البشري صدقاً مقارنةً بغيرها لأن نظراتها تلعب دوراً كبيراً في إفصاح حقائق الأمور، وكشفها على الجانب الصحيح.
2- التواصل بالأعين يعدُّ جزءاً أساسياً في إدارة الكثير من التفاعلات الإنسانية والاجتماعية، كالمحادثات اليومية المهنية أو العاطفية، فالابتسامة اللطيفة مع نظرةٍ قد تعبر عن كثيرٍ من الأشياء التي يصعب على الإنسان الاعتراف بها.
3- العين تُظهر الكثير من التفاصيل الدقيقة المَخفية، كالتغيُّرات الطفيفة، والانفعالات السريعة المفاجئة، على سبيل المثال: يمكن للنظرة العابرة أن تكشف مشاعر الحنين والاشتياق في حين أن توتر العينين أو التحديق الطويل يدل على الخوف وعدم الاطمئنان.
4- لغة العيون لها دورٌ في تعديل أو تعزيز الرّسائل التي تنقل بالكلام عندما يتمُّ إرفاقها بالنظرات المناسبة، فيصبح عندئذٍ التواصل أكثر قوةً وصدقاً، وفي المقابل يمكن أن يؤدي سوء فهم إشارات العين أو غياب التواصل البصري إلى حدوث مشكلاتٍ كسوء فهم أو انقطاعٍ نهائي في العلاقات والتواصل. [1]
كيف تعكس لغة العيون مشاعر الإنسان؟
سنقوم الآن بتوضيح عدة طرقٍ يتمُّ من خلالها ذلك، ومنها: [2]
1- المشاعر الإيجابية
كالسعادة والفرح، فعندما يشعر الفرد بها تصبح عيونه لامعةً براقة، وتتوسّع حدقة العين، فالابتسامة المرافقة لذلك يمكن أن تبرز من خلال تعابير العيون الأمر الذي يعكس الحالة الداخلية للفرد من السلام النفسي، وفي الجهة المقابلة لدينا الحب والإعجاب، ففي هذه الحالات يتضح التركيز على العين أكثر، فتتسع الحدقة، ويزداد التأمل والنظر للشخص الآخر، وتُعتبر النظرات الطويلة المليئة بالمودة والثقة من أكثر العلامات التي تعكس مشاعر الإخلاص والتقدير.
2- المشاعر السلبية
كالحزن، فعندما يشعر الفرد به تصبح عيونه مكتئبةً ودامعة، وقد تبدو حينها الجفون متدليةً والعيون غائرة الأمر الذي يعكس حالاتٍ من الخيبة، وتصبح العيون منتفخةً أو حمراء نتيجة البكاء، إضافةً إلى الغضب، حيث يتغير عندها لون العينين أحياناً لتصبح الحدقة ضيقةً جداً، وتوضح خلالها ملامح قاسية وحادة.
ويعكس ذلك حالة من التوتر الذهني والعاطفي للشخص، ويمكن أن يترافق الغضب مع حركةٍ سريعةٍ للعينين أو تجنُّب النظر بشكلٍ مباشر، ولا ننسَ في حالات القلق والخوف تتوسّع حدقة العين، وتصبح حركتها سريعةً وغير مستقرة، مما يدل على الارتباك والخوف من المجهول.
3- التعبيرات الدقيقة
كالانتظار والتّرقب، حيث تصبح العينين أثناءها متوجهتين نحو الشيء الذي يريده الشخص مع بروز تركيزٍ واهتمامٍ شديدين في النظر. أما بالنسبة للدهشة والمفاجأة، فعندما يصيبان الفرد يتسع لديه بؤبؤ العين، وتتفتح الجفون الأمر الذي يعكس استجابةً فوريةً للحالة غير المتوقّعة، كما أن شعور الفرد بالانشغال والاهتمام يُلاحظ من خلال استمرار التواصل بالأعين، والانتباه الكامل لجميع حركاته، والمحتوى الذي يقوم بالحديث عنه، مما يعكس الانغماس الفكري في الموضوع.
ما هو دور العيون في الحوار اليومي؟
1- العين كمؤشرٍ للتفاعل والمشاعر
في المناقشات اليومية
يمكن للعين أن توافق أو تنفي الكلمات المنطوقة، على سبيل المثال: إذا عبّر شخص عن حالته، وقال أنا أشعر بطاقةٍ إيجابيةٍ عاليةٍ اليوم، لكن بالمقابل تُظهر عينيه نظرةً متوترةً وحزينة، فإن ذلك يعكس التناقض بين ما يقوله، وما يشعر به داخلياً، ومن ناحيةٍ أخرى إذا كانت العيون مليئةً بمشاعر التوتر والسعادة، يمكن بالتالي أن تضيف مصداقيةً أو تفسّر بشكلٍ أفضل من الرسائل المنطوقة.
التواصل العاطفي غير المباشر
حيث يمكن أن تكون العيون وسيلةً لنقل مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلمات، على سبيل المثال: نظرة بسيطة قد تعبّر عن اهتمامٍ أو حبٍّ بينما نظرة أخرى قد تعبر عن غضب أو انزعاج دون الحاجة للتحدث.
2- الإشارات الاجتماعية والعيون
التواصل البصري
في معظم الثقافات يُعتبر التواصل البصري أحد أهمّ الأبعاد التي تضع أساسيات التفاعل الاجتماعي، فالتواصل بالعين يعكس الاحترام والاهتمام بالحديث والتركيز، فعندما ينظر الشخص إلى عين الآخر خلال المحادثة يظهر أثناءها اهتمامه بما يقال. أما إذا تجنّب النظر نحو المُتحدِّث، فذلك يمكن أن يُفسَّر على أنه قلة اهتمام وتهرُّبٌ من الحديث.
الابتسامة والتعبير عن الودّ
الابتسام هو واحدٌ من أقدم وأوضح طرق الاتصال غير اللفظي، فعندما تكون العيون مشحونةً بالابتسامة يصبح التواصل عندها أكثر صدقاً ودفئاً، وذلك لأن الابتسامة المصحوبة بنظراتٍ دافئة تساهم في بناء علاقةٍ إيجابيةٍ بين الأطراف، وتُقلّل من المسافات الاجتماعية.
3- العيون في التواصل بين الجنسين
التعبير عن الجاذبية والإعجاب
في الحوار اليومي بين الجنسين تلعب العيون دوراً كبيراً في الإفصاح عن الإعجاب والحب، وفي بعض الأوقات تكون نظرة العيون المركزة والطويلة من أهمّ العلامات غير اللفظية التي من الممكن أن تشير إلى رغبةٍ في التّواصل أو التّقرب بشكلٍ أعمق.
التفاعل العاطفي
يمكن أن تكون العين وسيلةً مهمةً لبناء روابط عاطفية قوية بين الأفراد، وفي العلاقات، حيث إن تبادل النظرات بين العشاق قد تكون أكثر إلهاماً وتعبيراً من الكلمات المنطوقة.
4- العيون وتخفيف التوتر في المحادثات الصعبة
الموازنة بين الكلام والصمت في النقاشات الحادة أو المواقف التي تتطلب أجوبةً وقراراتٍ فورية يمكن للغة العين أن تساعد في التخفيف من تصاعد مشاعر الغضب أو التوتر، فنظرات الدعم أو التفهُّم يمكن أن تبني جسراً من الثقة، وتقلّل من حدة الموقف بين الطرفين لأنه وعندما يستخدم الأشخاص عيونهم للتعبير عن التعاطف أو الإصغاء الجيد، فإن ذلك يعزّز من التعاون والتفاهم بينهم. [3]
الفروق بين الثقافات في قراءة وفهم لغة العيون؟
1- النظرة المباشرة مقابل التجنُّب والامتناع عن النظر
في بعض الثقافات يُعتبر النظر بالعين مباشرةً علامةً على الثقة المرتفعة بالنفس، والاهتمام بالطرف الآخر، وعدم تهميشه، على سبيل المثال: في العديد من الثقافات الغربية، كالولايات المتحدة، وأوروبا يُعتبر التواصل البصري المباشر جزءاً أساسياً من الحوار الذي يعكس اهتمام الفرد بما يقال وبقوة الشخصية.
ومن نواحٍ أخرى في الثقافات الآسيوية، كاليابان أو الصين قد يُعتبر النظر المباشر في العين سلوكاً غير مهذّب أو تحدٍّ للآخر ووقاحة، لذلك في هذه الثقافات يُفضّل تجنُّب الاتصال المباشر البصري، كعلامةٍ على الرّقي والتقدير، وبالأخص عندما يكون الحديث مع شخصٍ أكبر سناً أو في مواقف رسمية.
2- تعبير العيون والتحدّي أو الغضب
في بعض المجتمعات الغربية أو العربية قد يُعتبر التحديق في العينين لفترةٍ طويلة دليلاً على الغضب، ويمكن أن تعكس هذه النظرة مشاعر الاستفزاز والعدوانية، وخاصةً إذا كانت مصحوبةً بتعبيرات وجهٍ حادة، وبالمقابل في الثقافات الأخرى، كالهند أو أجزاء من أمريكا اللاتينية، فقد يكون التحديق العميق في العينين جزءًا من التعبير عن الانتباه أو الود، وليس بالضرورة أن يكون علامةً على العدوان.
3- بؤبؤ العين وتفسيره الثقافي
الضيق أو الاتساع في الحدقة يمكن أن يكون له دلالات متنوعة تبعاً للسياق الثقافي، فبعض الثقافات تتسم بالانفتاح العاطفي (الثقافات الغربية)، وقد يُعتبر اتساع حدقة العين أثناء الحديث أو الاستماع إشارةً إلى الاهتمام الشديد أو الإثارة العاطفية، ولكن في ثقافات أخرى، كالمجتمعات الآسيوية أو في الشرق الأوسط يُعتبر التحديق المُفرط بالعينين إشارةً إلى وجود سلوكٍ غير لائقٍ أو غير مهذب، لذلك تختلف الانطباعات بناءً على التقاليد والعادات الثقافية. [4]
المراجع البحثية
1- The language of the eyes. (2022, March 22). ScienceDaily. Retrieved November 14, 2024
2- Eye anatomy: parts of the eye and how we see. (2023, April 29). American Academy of Ophthalmology. Retrieved November 14, 2024
3- Calm Editorial Team. (2024b, August 19). The benefits of making eye contact (and 9 tips to improve). Calm Blog. Retrieved November 14, 2024
4- Sprabary, A. (2022, July 6). How eye contact can help or hurt communication. All About Vision. Retrieved November 14, 2024