تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

اضطرابات النوم تتظاهر بأشكال مختلفة، كانقطاع التنفُّس أثناء النوم، والكوابيس، والأرق، والتي قد تُسبّب للمريض أعراضاً متعدّدةً تؤثر على جوانب حياة المريض كافة، خاصةً على الجانب النفسي والاجتماعي، ومن أشكال الاضطرابات التي تترافق بأعراض حركية، وتظاهرٍ مميزٍ جداً تجعل المريض يعاني من شللٍ تام غير مُفسّر مع صحوٍ مفاجئٍ للمريض من النوم، وهو اضطرابٌ يُعرف بالشلل أثناء النوم (Sleep paralysis) وأعراضه قد تُدخل المريض في اختلاطاتٍ واضطراباتٍ ذهنيةٍ خطيرةٍ جداً تتطلب زيارة مراكز العناية النفسية.

ما هي مراحل النوم الطبيعي؟

في الحالة الطبيعية يمرُّ الإنسان بعدة مراحل أثناء النوم، وبشكلٍ عام يمكن تمييز مرحلتين أساسيتين:

1- النوم السطحي غير العميق

والذي لا يترافق مع حركاتٍ عشوائيةٍ للعين (Non rem sleep)، في هذه المرحلة من النادر مشاهدة الأحلام، ويمكن إيقاظ النائم بسهولة، كما تندر فيه مشاهدة اضطرابات النوم المهمّة.

2- النوم العميق

ويترافق مع حركاتٍ عشوائيةٍ للعين (Rem sleep)، وفي هذه المرحلة من النوم يكون إيقاظ الشخص النائم صعباً، وتكثر مشاهدة الأحلام والكوابيس، كما أن النائم في هذه المرحلة يفقد السيطرة المباشرة على عضلات الجسم الهيكلية، ويستعيدها بعد الاستيقاظ من النوم.

ما هو اضطراب الشلل أثناء النوم؟

هو اضطرابٌ نوميّ يعاني فيه المريض من صحوٍ مفاجئٍ من النوم العميق REM sleep، وفي هذه الحالة يتمتع المريض بوعيٍ حسّي كاملٍ دون القدرة على تحريك عضلاته بشكلٍ سليم، أي أن المريض يكون مستيقظاَ وغير قادرٍ على الحركة إطلاقاً، وهذه الحالة تترافق مع الخوف الشديد، والكوابيس، والاعتقاد بوجود أجسام غريبة، كالأشباح في الغرفة مع سماع ومشاهدة أهلاس سمعية بصرية.

وقد يجزم أنه مقيّدٌ من قبل شخصٍ موجودٍ في غرفة النوم، وبشكلٍ عام يُعتبر الشلل أثناء النوم من المؤهّبات الرئيسية للإصابة بالأمراض الذّهانية المختلفة، قد تترافق هذه الحالة بتظاهراتٍ أخرى ضمن ما يسمّى ظاهرة الكابوس، والتي يُلاحظ فيها الهلوسة مع الشعور بالضغط على الصدر، ويميل إلى أن يكون مصحوبًا بالقلق، والشلل، والشعور بالاختناق مع عدم القدرة على الكلام، والنعاس أثناء النهار. ^{[1] [2]}

ما هو التفسير المرضي للشلل أثناء النوم وظاهرة الكابوس؟

التفسير المُحتمل لهلوسة الكابوس أثناء نوبة شلل النوم هو أن هناك انخفاضًا في نشاط عضلات الجهاز التنفُّسي أثناء النوم العميق؛ ويرجع ذلك إلى تثبيط الخلايا العصبية الحركية. أثناء النوم العميق يصبح التنفُّس غير منتظم، ويحدث نقص التوتر في العضلات الهيكلية، مما يؤدي إلى انخفاضٍ كبيرٍ في التهوية السنخية، وسعة التنفُّس الرئوية، مما يؤدي إلى فرط ثنائي أكسيد الكربون في الدم.

في الحالة الطبيعية، يمكن أن تكون التهوية السنخية أثناء نوم العميق أقل بنسبة 40 بالمئة عنها أثناء اليقظة، والنقص الشديد للتهوية المُلاحظ عند البعض قد يكون السبب الكامن وراء استيقاظ المريض من النوم العميق دون استعادة القدرة على التحكم بالعضلات التي لا تزال غير قادرةٍ على الحركة والتقلص.

أحد التفسيرات المُحتملة لاضطرابات نوم REM هو وجود خللٍ في البُنى التي تشكل جذع الدماغ، عادةً ما يعاني المرضى من هجمات الشلل أثناء النوم وقبل النوم بقليل، وعقب الاستيقاظ من النوم، ويُلاحظ عند سؤال المريض وجود قصصٍ سابقة لحالات شدّةٍ نفسيةٍ أو اضطراباتٍ نفسية، كالهلوسة أو تغيراتٍ مزاجيةٍ عاطفيةٍ قبل بدء ظهور نوبات الشلل أثناء النوم بفترةٍ قليلة. ^{[1] [2]}

تقييم الشلل أثناء النوم

تمّ تطوير استبياناتٍ متعددةٍ للمساعدة في تقييم شلل النوم، وتشمل بعض الأمثلة استبيان تجارب شلل النوم والظواهر SP-EPQ، واستبيان تجارب النوم غير العادية USEQ، والاستبيانات المتعدّدة التي تُقيّم عوامل الخطر لشلل النوم، على سبيل المثال: مقياس بيك للاكتئاب، واستبيان شخصية آيزنك، والتقييم السريري.

مقياس اضطراب ما بعد الصدمة، ومقياس تقييم هامينغتون للقلق، ومقياس ليبويتز للقلق الاجتماعي، وتساعد هذه الاستبيانات في تحديد العامل المُسبّب لهذه النوبات، وقد تساعد في إدارة هذه الحالة، ومن الفحوص ذات الأهمية للتحرّي عن جودة النوم نذكر دراسة النوم أثناء الليل، مخطط النوم (Polysomnogram) الذي يراقب سرعة التنفُّس، ونبضات القلب، ونشاط الدماغ أثناء النوم. ^{[1] [2]}

 ما هي مُسبّبات شلل أثناء النوم؟

لا توجد مُسبّباتٌ محددّةٌ معروفة، والآلية المرضية لا تزال مجهولة، إلا أنه لوحظ أن الشلل أثناء النوم يترافق مع مجموعةٍ من الأمراض النفسية منها: ^[2]

1- اضطراب النوم المفرط خلال اليوم، والذي يُعرف أيضاً باسم التغفيق (Narcolepsy).

2- عدم النوم بشكلٍ كافٍ (الحرمان من النوم).

3- جدول نومٍ غير منتظم (اضطراب النوم أثناء العمل).

4- انقطاع التنفُّس الانسدادي أثناء النوم.

5- حالات الصحة العقلية، مثل: القلق، أو الاضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، أو اضطراب الهلع.

6- بعض الأدوية، مثل: تلك التي تُعالج اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه.

7- اضطراب تعاطي المخدرات SUD.

ماذا يمكن أن يُسبّب الشلل أثناء النوم من مخاطر؟

لم تثبت أي دراساتٍ أي عواقب طويلة المدى على صحة المرضى الذين يعانون من شلل النوم، وفي حين أن عوامل الخطر الأساسية قد تساهم في ظهور بعض الاختلاطات في وقتٍ لاحقٍ من الحياة، على سبيل المثال: يشكل القلق خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. يقال إن نوبات شلل النوم تأتي على شكل “موجات أو نوبات”، ويكون التشخيص والتدبير جيدًا إذا تمّت إدارة المؤهّبات بشكلٍ فعّالٍ في معظم الحالات. ^[1]

 علاج الشلل أثناء النوم

لا يوجد حالياً خططٌ علاجيةٌ مناسبةٌ لتدبير الشلل أثناء النوم في الطور الحاد، على الرغم من الأبحاث والتجارب التي يتمُّ إجراؤها بشكلٍ دوري ومستمر لتحرّي الأسباب العضوية، وتحديد الآفات والمُحرّضات التي قد ترتبط بشكلٍ مباشرٍ بالشلل أثناء النوم، لكن دون تحقيق نتائج مهمة. عادةً تكون اضطرابات النوم المختلفة مترافقةً مع بعضها الأمر الذي يقترح ضرورة تغير نمط الحياة، واتباع نظامٍ نوميٍّ صحيّ سليم يشمل: ^{[1] [2]}

1- جدول نومٍ ثابت (الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في الصباح)، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع.

2- يجب أن تحتوي غرفة النوم على مرتبةٍ ووسادةٍ مريحة.

3- أن تكون غرفة النوم بعيدةً عن الضوضاء والأضواء المزعجة.

4- الحفاظ على روتينٍ محدّدٍ قبل النوم، وتجنُّب مشاهدة التلفزيون في غرفة النوم.

5- التخفيف من استهلاك الكافيين والكحول، وخاصةً في المساء.

6- التوقُّف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف المحمولة، لمدة نصف ساعةٍ على الأقل قبل النوم.