Skip links
رسم توضيحي للدماغ ووجود ورم ضمنه

ورم الساركوما الدبقية – الأعراض، التشخيص والعلاج

الرئيسية » المقالات » الطب » أمراض » ورم الساركوما الدبقية – الأعراض، التشخيص والعلاج

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تتنوع أشكال الأورام التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، إلا أن جميع أشكال الأورام العصبية تحمل أهميةً سريريةً سواءً أكانت سليمةً، أو خبيثةً نادرة، أو شائعةً، وذلك لما قد تسبّبه من اضطراباتٍ عصبية، فعلى الرغم من كون النسبة الغالبة من هذه الأورام سليمة، إلا أنها تحظى باهتمامٍ خاص لكونها ضمن الجهاز العصبي المركزي.

أما الخباثات العصبية ضمن الجهاز العصبي المركزي، فهي تشكل تهديداً على حياة المريض دون وجود تدبيرٍ فعالٍ وشافٍ لكثيرٍ منها، ومن بين هذه الخباثات نذكر الساركوما الدبقية (Gliosarcoma) كورم خبيث شديد العدوانية ضمن الجهاز العصبي المركزي دون وجود أي تدبيرٍ فعال له مع نسب بقيا منخفضةٍ جداً.

ما هو المقصود بالساركوما الدبقية؟

الساركوما الدبقية هو نمطٌ من الأورام البدئية ضمن الجهاز العصبي المركزي تنشأ على حساب الخلايا الدبقية (Glial cells)، يعتبر هذا الورم شكلاً خبيثاً من أورام الأرومة الدبقية (Glioblastoma)، والتي تضمّ عدة أصنافٍ ورميةٍ أخرى، حيث تشكل إصابات الساركوما الدبقية حوالي 2.1 بالمئة من جميع إصابات الأورام الأرومية الدبقية. تصيب هذه الأورام الرجال أكثر بكثير من النساء، وبمعدل 1.4-1.8 مقابل كل واحدة من النساء.

بشكل عام تصنّف الخلايا ضمن الجهاز العصبي المركزي إلى نوعين من الخلايا، الخلايا العصبية (العصبونات) التي تتولى مهمة إرسال ونقل التنبيهات العصبية من وإلى الجهاز العصبي المركزي، والخلايا الدبقية التي تتولى بشكلٍ عام مهمة دعم الخلايا العصبية وحمايتها، وهي الخلايا التي تكون عرضةً لأن تصبح أوراماً خبيثة على شكل ساركوما دبقية. وما يميز الساركوما الدبقية من بين أنواع الأورام الأرومية الدبقية الأخرى هو عدوانيتها الشديدة، وانتقالها عبر الدم إلى الأجزاء الأخرى من الجسم على شكل نقائل في الرئة بشكلٍ خاص. [1]

الآلية المرضية

توجد عدة نظرياتٍ تسعى لتفسير تطور أورام ساركومية (أي أورام تصيب الأنسجة الضامة، كالعظام، والعضلات) على حساب خلايا دبق العصبي، اقترحت التفسيرات الأولية وجود أوعيةٍ دمويةٍ مفرطة التنسُّج ضمن الأورام الدبقية أدت إلى تشكل الساركوما الدبقية، بينما النظريات الأحدث تقترح تحولاً خبيثاً شاذاً لخلايا الدبقية غير الناضجة لتصبح أوراماً ساركومية خبيثة.

بغضّ النظر عن الآلية المرضية المقترحة لتشكل الساركوما الدبقية، يعتبر هذا الورم الشكل الأخبث من أشكال الأورام الأرومية الدبقية كما ذكرنا سابقاً، إلا أنه حديثاً في بعض الأوساط الطبية تمّ الاستغناء عن مصطلح الساركوما الدبقية بشكلٍ تام ليتمّ استبداله بورم أرومي دبقي من الدرجة الرابعة (Glioblastoma grade IV)، والذي يصف الأورام الأرومية الدبقية شديدة العدوانية. [1]

الأعراض والعلامات السريرية

تختلف الأعراض التي يعاني منها المريض باختلاف مكان توضُّع الكتلة الورمية ضمن الدماغ، تشمل الأعراض فقدان القدرة على الكلام، والصداع، والشلل النصفي، والنوبات، واضطراب الوعي، وهذه الأعراض تماثل أعراض الأورام سريعة النمو داخل الدماغ. إلا أن جميع هذه الأعراض تتظاهر أيضاً في الأشكال السليمة أيضاً من الأروام الأرومية الدبقية الحميدة الأخرى الأمر الذي شجع أكثر على الاستغناء عن مصطلح الساركوما الدبقية.

يذكر أنه في بعض الحالات الأخرى قد يعاني المرضى المصابون بالساركوما الدبقية من صداعٍ في الراس، دوخة، قيء، وذمة حليمة العصب البصري، تشنجاتٍ، وعجزٍ حركي، وتتعلق هذه الأعراض بطبيعة النمو السريع داخل القحف. من الصعب التحديد الدقيق لأعراض أورام الساركوما الدبقية، وذلك لندرة شيوع هذا الورم، وقلة حالات الإصابة المسجلة. بالنسبة للاختلاطات، فإن الاختلاط الأهمّ هو استسقاء الدماغ، وارتفاع الضغط داخل القحف، وهو السبب الرئيسي للوفيات في هذا الورم، حيث إن مدة البقاء على قيد الحياة بعد تظاهر الأعراض تتراوح بين 8 إلى 24 شهراً. [1] [2]

تشخيص الساركوما الدبقية

للتحري عن الأورام الدبقية بشكلٍ عام يتمُّ الاعتماد على التصوير الشعاعي بشكلٍ أساسي للتعرف على مكان الكتلة الورمية وصفات هذه الكتلة، ويتمُّ ذلك عادةً بالاعتماد على التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، والتصوير الطبقي المحوري CT، يتوجه للشك بالساركوما الدبقية عادةً عند ظهور الكتلة ضمن الفص الصدغي (المكان الأكثر احتمالاً لظهور ورم ساركوما الدبقية).

من الضروري أيضاً في حالة الشك بالساركوما الدبقية إجراء التصوير المقطعي البوزتروني PET، وذلك لنفي انتشار نقائل خارج الجهاز العصبي المركزي، وذلك لشيوع انتشار النقائل في هذا الورم، وخاصةً إلى الكبد والرئة. يلعب التشريح النسيجي للكتلة الورمية دوراً مهماً في وضع التشخيص النهائي، وذلك لما يتميز به هذا الورم من خصائص دبقية ولحمية (ساركومية) كفيلة بإثبات الإصابة بالساركوما الدبقية.

يشمل كذلك الإجراءات التشخيصية تحري الطفرات الجينية، حيث وجد أن مرضى الساركوما الدبقية يعانون من عدة طفراتٍ مسؤولةٍ عن تطور الخباثات، مثل: الطفرات P53 الورمية، وطفرات حذف P16. يجب أن يشمل التشخيص التفريقي المورفولوجي الورم الأرومي الدبقي (Glioblastoma)، والورم الليفي الدبقي (Gliofibroma)، والأورام اللحمية الأخرى.

وقد تُظهر الأورام الأرومية الدبقية الأخرى في بعض الأحيان انتشاراً ملحوظًا في النسيج الضام، والذي قد يكون ناجمًا عن غزو السحايا بسبب الورم، أو كاستجابةٍ لانتشار الأوعية الدموية الدقيقة ضمن هذه الأورام الأمر الذي قد يحاكي بالصفات النسيجية الساركوما الدبقية، ويصعب وضع التشخيص النهائي. [1] [2]

علاج الساركوما الدبقية

يعدّ تدبير الساركوما الدبقية صعباً جداً، فالخط الأول للتدبير هو التدبير الجراحي، والذي يشتمل على استئصال القسم الأكبر من الكتلة الورمية دون أن تسبّب اختلاطاتٍ خطيرةً على صحة المريض، ومن ثم إرسال عيناتٍ من هذه الكتلة المستأصلة إلى التشريح النسيجي لإثبات النمط الورمي، وبسبب الطبيعة العدوانية لهذا الورم من الصعب جداً تحقيق الاستئصال الكامل لهذا الورم، لذا يعدُّ الاستئصال الجراحي من التدابير التلطيفية غير العلاجية.

يتبع العمل الجراحي علاجاً لاحقاً على هيئة جرعاتٍ من العلاج الكيميائي، أو العلاج الشعاعي، أو مزيجٍ بين العلاجين. من الجدير بالذكر أن الساركوما الدبقية لا تستجيب للعلاج الشعاعي أو الكيميائي بشكلٍ جيد (الأمر الذي يصعب تدبير هذا الورم أكثر) إلا أنه يتمُّ الاعتماد على تيموزولوميد (Temozolamide)، بالإضافة إلى جرعاتٍ من العلاج الشعاعي، ليتمّ بعدها الاستغناء عن العلاج الشعاعي مع زيادة جرعة العلاج الكيميائي، يحسن هذا التدبير معدلات البقيا، ويزيد العمر المقدر للمرضى المصابين بالساركوما الدبقية. [1]

المراجع البحثية

1- Pardo، J.، Murcia، M.، García، F.، & Alvarado، A. (2010). Gliosarcoma: A rare primary CNS tumor. Presentation of two cases. Reports of Practical Oncology and Radiotherapy، 15(4)، 98–102. Retrieved May 22، 2024

2- Gliosarcoma: diagnosis and treatment. (2024، March 23). Cancer.gov. Retrieved May 22، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.