تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

هل سينتهي الكون؟

الكون (universe) كأي شيءٍ في الحياة، فكما هنالك ولادة ونمو سيكون هنالك نهاية وفناء، يعتقد العديد من علماء الفيزياء أصحاب نظريات نهاية الكون (Theories about the end of the universe) أن الكون يمكن أن ينتهي بعد زمن من 2.8 مليار إلى 22 مليار سنة من الآن. لكنهم لا يستطيعون الاتفاق على ماهية هذه النهائية، فوفقاً لآخر الأبحاث والقياسات أثبت أن كوننا يتوسّع بشكلٍ أسرع بكثير مما كان يُعتقد سابقًا، فمثلما بدأ الكون بعد الانفجار الكبير (Big Bang) يحاول علماء الفلك دراسة التوسُّع الهائل للكون للتنبُّؤ بالكيفية والشكل الذي سينتهي عنده الكون ويفنى.

من خلال دراسة الضوء القديم (الصادر عن الانفجار العظيم)، يمكن لعلماء الفلك رؤية ما يسمّى بـ “الإشعاع المتبقي” (Relic radiation) من الانفجار الكبير، والمعروف أيضًا باسم الخلفية الكونية الميكروية (Cosmic microwave background). استخدم علماء الكون بيانات من دراسات إشعاع الخلفية الكونية، لتحديد “العمر الكوني” (Cosmic age) الافتراضي الذي قدر بحوالي 13.799 مليار سنة، وهذا يمكن أن يساعد في التنبُّؤ بكيف ومتى يمكن أن ينتهي الكون، فما هي النظريات الفيزيائية والفلكية التي ناقشت فكرة فناء الكون وما تفاصيلها؟ ^[1]

ما هي نظرية التمزُّق الكبير؟

على الرغم من أن كوننا قد يبدو لا نهائيًا، إلا أن كل شيء كما له بداية له نهاية، وهذا مصيرٌ محتومٌ لكل الكائنات، فمع التوسُّع المستمر والمتسارع للكون، تتنبأّ إحدى تلك النهايات النظرية بأن الكون سيصل في النهاية إلى الحدّ الذي ستتفكك فيه المادة إلى مكوناتها الأساسية، حيث سيتمُّ التغلب على قوة الجاذبية التي تربط الأشياء معًا، مما يؤدي إلى تمزيق نسيج الزمكان وكل شيء فيه مثل شريطٍ مطاطي ممتدّ بعيدًا سيصل لحدّ يتمزق عنده.

ومع استمرار توسّع الكون تبدأ العناقيد المجرّية في الانجراف بعيدًا ثم تبدأ النجوم بالابتعاد عن مجراتها، والكواكب عن نجومها، والأقمار عن كواكبها، حتى الجزيئات والذرات ستنقسم وتتمزق، مما يؤدي إلى تقليص الكون إلى أشكاله البدائية التي كان عليها في بداية خلقه.

ما هي أسباب التمزُّق الكبير؟

تعود نظرية التمزُّق الكبير (Big Rip)  فيزيائياً لسببين: ^[2]

السبب الأول يعود إلى مفهوم الطاقة المظلمة (Dark energy)، فعندما يتوسّع الكون بتأثير الطاقة المظلمة، فإن المسافة بين مكونات الكون ستزداد بشكلٍ مطرد، ولقياس تطور المادة مع الزمن في الكون، يستخدم العلماء معادلةً تدعى معادلة الحالة (Equation of state) المعروفة أيضًا باسم w حيث تبلغ قيمة w لأي ثابت كوني ( 1 ^_)، وقد تمّ تخصيص نفس القيمة للطاقة المظلمة. ومع ذلك، قرر الفيزيائي روبرت كالدويل (Robert Caldwell) في كلية دارتموث (Dartmouth) وزملاؤه استكشاف إمكانية أن تكون قيمة w أقل من ( 1 ^_).

وهو أمرٌ ممكنٌ إذا كانت سرعة تمدُّد نسيج الزمكان أكبر من سرعة الضوء مؤدياً ذلك إلى تمزيق الكون عندئذ يسمّى هذا النوع من الطاقة المظلمة “الطاقة المظلمة الشبحية “(Phantom dark energy)، وعلى عكس التعريف السابق للطاقة المظلمة، فإنها لن تبقى ثابتة، وبدلاً من ذلك، سوف تزداد قوةً مع توسُّع الكون.

والسبب الثاني في نظرية التمزُّق الكبير هو لزوجة الكون (Viscosity of the universe)، وهي مقياس مدى مقاومة الكون للتوسُّع أو الانكماش. وفي نموذج أحدث تمّ تطويره في عام 2015 من قبل مارسيلو ديسكونزي (Marcelo Disconzi) من جامعة فاندربيلت (Vanderbilt) وزملائه، توصلوا إلى أن لزوجة الكون منخفضةٌ بما يكفي للتوسّع إلى حجمٍ لا نهائي يتبعه تمزق الكون.

ما هي نظرية الانسحاق الكبير؟

في عام 1922 اشتقّ عالم الفيزياء والرياضيات الروسي ألكسندر فريدمان (Alexander Friedmann) مجموعةً شهيرةً من المعادلات أطلق عليها اسم معادلات فريدمان (Friedmann equations)، وأظهرت هذه المعادلات أن مصير كوننا يتحدد من خلال كثافته، وأنه ليس كوناً مستقراً ثابتاً، فتوسّع الكون سيؤدي إلى انكماشه مرةً أخرى نحو الداخل.

فوفق نظرية الانسحاق الكبير (Big Crunch) سيتوقف الكون عن النمو يومًا ما. وبعد ذلك، سوف يبدأ في الانكماش (Shrink) هذا الانكماش يؤدي إلى صغر حجم الكون، فيصبح أكثر سخونةً أيضًا، أي نستطيع أن نقول إن الانسحاق الكبير هو عكس الانفجار الكبير. فبدلاً من التمدُّد والتبريد، سوف يتقلص الكون ويسخن وكل ما هو موجود في الكون سوف ينهار إلى نقطةٍ صغيرةٍ تمامًا كما بدأ.

ثم ماذا؟ يعتقد البعض أن الكون قد يبدأ من جديد بانفجارٍ عظيم، ويعتقد آخرون أن الكون سوف ينفجر مثل الفقاعة في مكانٍ جديد حتى أن البعض يعتقد أن هذه العملية تحدث مرارًا وتكرارًا، مما يؤدي إلى ظهور العديد من الأكوان غير كوننا. ^{[3] [4]}

ما هو التجمد الكبير؟

التجمد الكبير (The ‘Big Freeze’)، والمعروف أيضًا باسم الموت الحراري (Heat Death)، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، فوفق هذا السيناريو، يستمر الكون في التوسّع، وينخفض تدريجياً إلى درجة الصفر المطلق (Absolute zero)، حيث سيكون الكون عندها غير قادرٍ على الحفاظ على الحركة أو الحياة.

وفي نهاية المطاف سيصل إلى حالة من الإنتروبية (Entropy) القصوى (الإنتروبية هي مقياس لعدم توفر طاقة النظام للقيام بالعمل). والإنتروبية تميل إلى الزيادة بمرور الوقت، وتقترب من القيمة القصوى عندما تصل إلى التوازن الحراري)، حيث يصبح الكون ببساطة باردًا جدًا بحيث لا يمكنه الحفاظ على الحياة.

فحتى الذرات التي تشكل المادة المتبقية ستبدأ في التحلل والتفكك، وتتحلل البروتونات والنيوترونات إلى بوزيترونات وإلكترونات، والتي بمرور الوقت سوف تتصادم وتفني بعضها البعض. وبهذه الطريقة، ستتبخر كل المادة ببطء كطاقةٍ ضعيفة، تاركةً فقط الثقوب السوداء، المنتشرة على نطاقٍ أوسع مع استمرار الكون في التوسّع سوف تنهار الثقوب السوداء نفسها، وسيوجد الكون مجرد مساحة فارغة وإشعاع ضعيف عند درجة حرارة متناهية الصغر فوق الصفر المطلق.

في نهاية الكون حتى الوقت نفسه سيفقد كل معناه، إذ لن تكون هناك أحداث من أي نوع، وبالتالي لن يكون هناك إطار مرجعي للإشارة إلى مرور الوقت أو حتى اتجاهه. ^[5]