تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

في عصرنا الحالي، يسيطر نظام التشغيل لينوكس Linux بقوةٍ على مجموعةٍ واسعةٍ من الأجهزة التقنية، بدءًا من الأجهزة اليومية، مثل: الساعات الذكية، والهواتف الذكية، والحواسيب الشخصية، وصولاً إلى أنظمة خوادم الشركات والأجهزة المنزلية، مثل: التلفزيونات الذكية، وأجهزة الاستقبال، والثلاجات الذكية، وأجهزة الميكرويف، وحتى أجهزة إنترنت الأشياء (IoT)، والسيارات.

في الواقع، يعدُّ نظام التشغيل لينوكس السر الذي يعزز تلك التطورات المتسارعة، وتعتمد عليه العديد من هذه الأجهزة مباشرةً أو بشكلٍ معدل، وهذا يؤدي إلى وجود لينوكس كنظام تشغيلٍ أساسي في العديد من الأجهزة والمنصات التكنولوجية، وحتى في أقوى الحواسيب الخارقة.

هذه التطورات الكبيرة والانتشار الواسع لنظام التشغيل لينوكس تعكس قوته وفعاليته في مختلف مجالات التكنولوجيا، فما الذي يميز لينوكس بالضبط؟ وما السر وراء نجاحه المستمر، وتفوقه على العديد من الأنظمة الأخرى؟ وما هي العوامل التي جعلته يحتل مكانةً رياديةً في عالم التقنية اليوم؟

هذه الأسئلة تدفعنا لاستكشاف وتعريف المستخدمين بنظام التشغيل لينوكس الذي يشكل بديلاً قوياً ظهر بشكلٍ واضحٍ على جميع المنصات التقنية، ورغم استمرار هيمنة أنظمة التشغيل الأخرى، مثل: ويندوز وماك على بعض الأجهزة، إلا أن لينوكس يشتهر بشكلٍ متزايد على الحواسيب الشخصية، مما يوضح التحول الكبير الذي يشهده عالم التكنولوجيا، ويمثل هذا المقال بوابةً لاستكشاف وتعريف نظام لينوكس. ^[1]

ما هو نظام التشغيل Linux؟

يحتل نظام لينوكس مكانةً بارزةً في عالم التكنولوجيا، ويعتبر واحداً من أكثر أنظمة التشغيل شهرةً واستخداماً في مجال الحوسبة والشبكات. يعرف نظام التشغيل ببساطة على أنه البرنامج الرئيسي الذي يدير عملية تشغيل أجهزة الحاسوب، بالإضافة إلى تنفيذ التطبيقات والبرمجيات عليها، ومن بين الأنظمة الرائدة في هذا المجال نظام Windows الخاص بشركة Microsoft، ونظام لينوكس، ونظام macOS المملوك لشركة Apple العملاقة.

ويتميز نظام لينوكس بأنه نظامٌ مفتوح المصدر، مما يعني أن الشيفرة البرمجية التي يبنى عليها هذا النظام متاحة للجميع بشكلٍ مجاني، ومتاحة للتعديل، ويندرج نظام لينوكس ضمن مشروع GNU / Linux، حيث يشارك العديد من المطورين في تطويره وتحسينه، والمساهمة في حل المشكلات المختلفة التي قد تواجهه. ^[2]

تاريخ نظام التشغيل Linux

نظام التشغيل الشهير Linux يمثل تطوراً مهماً في عالم التكنولوجيا، وقد كانت بدايته على يد لينوس تورفالدس في عام 1991، وفي ذلك الوقت كان تورفالدس طالباً في علوم الحاسوب في جامعة هلسنكي بفنلندا، وبدأ بمشروع Linux كهوايةٍ شخصية، اشتق اسم Linux من اسمه لينوس.

بينما كانت معظم أنظمة التشغيل في ذلك الوقت مملوكةً ومكلفة كانت رؤية تورفالدس هي توفير نظام تشغيلٍ متاحٍ للجميع مجاناً، فأطلق نظام Linux كبرنامجٍ مجاني بترخيص GNU العام، مما يسمح لأي شخصٍ باستخدامه وتعديله، وإعادة توزيعه.

بدأ استخدام نظام Linux بشكلٍ رئيسي من قبل المهووسين بالتكنولوجيا ومطوري البرمجيات، ولكن مع مرور الوقت زادت شعبيته، وانتشر استخدامه في مجموعةٍ متنوعةٍ من الأجهزة، مثل: الخوادم، والهواتف الذكية، والأنظمة المدمجة.^[1]

مكونات نظام التشغيل Linux

1- النواة Kernal

نواة لينوكس تعدُّ القلب النابض للنظام، فهي الجزء الأساسي الذي يتمّ تحميله أولاً عند بدء تشغيل الحاسوب، وتعمل النواة كوسيطٍ حيوي بين العتاد والبرمجيات، حيث تدير وتنظم موارد الجهاز، مثل: المعالج، والذاكرة، والطابعات وأجهزة التخزين، وغيرها، فهي تتحكم في تلك الأجهزة، وتدير استخدامها بطريقةٍ فعالةٍ وسلسة.

2- التطبيقات Application

نظام التشغيل جنو (GNU) يمنح المستخدمين مجموعةً شاملةً من التطبيقات والأدوات الخدمية التي تسهّل عليهم إدارة النظام، والتفاعل معه بكفاءةٍ ومرونةٍ فائقة.

3- الصدفة shell

تعتبر جزءاً أساسياً من نظام لينوكس، وتقع بين النواة والتطبيقات الخدمية، وتمكن الصدفة المستخدم من التفاعل مع النظام، واستخدام كامل ميزاته ووظائفه، وتتمثل وظيفتها في استقبال وتنفيذ الأوامر والنصوص البرمجية (السكربتات) التي يدخلها المستخدم ثم تحولها إلى أوامر يمكن فهمها، وتنفيذها من قبل النواة. ^[3]

ما هي ميزات نظام التشغيل Linux

1- المرونة

نظام تشغيل Linux يوفر مرونةً كبيرةً للمستخدمين، حيث يمكن تخصيصه بسهولة لتلبية احتياجاتهم المتنوعة، ويمكن للمستخدمين تحقيق ذلك عبر عدة طرق منها:

– يمكن للمستخدمين تعديل إعدادات النظام وتكويناته وفقاً لاحتياجاتهم الخاصة يتيح Linux للمستخدمين تغيير واجهة المستخدم، وتعديل الخلفيات، وتخصيص القوائم والأزرار.

– يمكن للمستخدمين تثبيت مجموعةٍ متنوعةٍ من البرامج والأدوات الإضافية على نظام Linux لتلبية احتياجاتهم الخاصة سواءً كان ذلك في مجال الإنتاجية، أو الترفيه، أو التطوير.

2- مفتوح المصدر

يعني أن الجميع لديهم الوصول إلى الشفرة المصدرية للنظام، مما يسمح لهم بالتعديل والتحسين المستمر من قبل المجتمع والمطورين، حيث هذا النمط الجماعي للتطوير يسمح بتحسين النظام بشكلٍ مستمر، ويضمن تطوير إصداراتٍ أكثر استقراراً وأماناً وكفاءة، ويمكن للمطورين والمستخدمين العمل معاً لتصحيح الأخطاء، وإضافة ميزاتٍ جديدة، مما يؤدي إلى تطوير نظامٍ يلبي احتياجات المجتمع بشكلٍ أفضل.

3- الاستقرار والأمان

يعتبر نظام تشغيل Linux مستقراً وآمناً، حيث يتمتع بنظام إدارة الأذونات الفعال، والتحديثات المنتظمة لسدّ الثغرات الأمنية، حيث هذا النظام القوي يسمح بتعيين الصلاحيات والأذونات للمستخدمين والمجموعات، مما يحدّ من فرص الوصول غير المصرح به، ويحافظ على سلامة النظام، ويتمُّ توفير التحديثات المنتظمة لنظام Linux لسدّ الثغرات الأمنية، وتحسين الأداء، مما يضمن بقاء النظام آمناً ومحمياً ضدّ التهديدات الأمنية المحتملة.

4- دعم العديد من الأجهزة

يدعم مجموعةً واسعةَ من الأجهزة، مما يشمل الحواسيب الشخصية، والخوادم، والأجهزة المدمجة، والأجهزة الذكية، حيث يمكن تثبيت Linux على مختلف الأنواع من الأجهزة.

5- أدوات التطوير التي يتميز بها نظام تشغيل Linux

توفر بيئةً تطويريةً غنيةً بالأدوات والمكتبات المفتوحة المصدر، مما يسهل على المطورين إنشاء تطبيقاتٍ متقدمة ومتنوعة، حيث تشمل هذه الأدوات مجموعةً واسعةً من المحررات النصية، وأدوات إدارة المشروعات، ومجموعات التطوير المتكاملة، وأيضاً يتضمن Linux مجموعة من لغات البرمجة الشائعة مثل: C، C++، Python.

6- التوزيعات المتعددة

توفر توزيعات Linux المتنوعة خياراتٍ واسعةً للمستخدمين، حيث يمكنهم اختيار الإصدار الذي يناسب احتياجاتهم واهتماماتهم بشكلٍ أفضل، وتختلف هذه التوزيعات في الأدوات، والتطبيقات المضمنة، وواجهة المستخدم، وغيرها من العوامل التي تؤثر على تجربة المستخدم، حيث يمكن أن تكون بعض التوزيعات موجهةً نحو المستخدمين العاديين الذين يبحثون عن تجربة استخدامٍ بسيطةٍ وسهلة.

ويمكن أن تكون التوزيعات الأخرى موجهةً نحو المطورين، أو الخوادم، أو الأجهزة المدمجة، وبفضل هذا التنوع يمكن للمستخدمين العثور على التوزيعة المثالية التي تناسب احتياجاتهم، وتفضيلاتهم الشخصية. ^[4]