Skip links
رجل مسن يرتدي قميص أزرق رافعاً رأسه للأعلى ويضع يد حول عنقه

متلازمة اليد الغريبة – الأعراض، الأسباب وطرق العلاج

الرئيسية » المقالات » الطب » أمراض » متلازمة اليد الغريبة – الأعراض، الأسباب وطرق العلاج

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

سيدةٌ كبيرةٌ في السن تُراجع قسم الإسعاف بشكاية صداعٍ مستمرٍّ مع عدة نوباتٍ من مهاجمة يدها اليسرى لجسدها بشكلٍ خارجٍ عن إرادتها، يمكن للفكرة السابقة أن تكون مناسبةً لفيلم خيالٍ علمي بطلته هذه السيدة، إلا أن هذه الحالة هي حالة حقيقية مسجلة ضمن الأدب الطبي.

اعتدنا كثيراً في أفلام الخيال العلمي على بعض الظواهر التي لا تمتُّ للواقع بصلة، كظاهرة الأموات الأحياء (الزومبي)، وظاهرة التنويم المغناطيسي، والسيطرة على العقول، وغيرها من الافتراضات التي لا ترتبط بالواقع بأي شكلٍ من الأشكال. قد نذكر في بعض الأفلام فكرة فقدان سيطرة الإنسان على جسده، على الرغم من غرابة هذه الفكرة إلا أنها من الظواهر العصبية الفريدة التي يمكن مشاهدتها في بعض الحالات النادرة.

كاختلاطٍ لبعض الإصابات العصبية، كالصدمة (Stroke)، وفيها بالفعل تتصرف يد المصاب دون تحكم صاحبها بها، كأنها خاضعة لقوةٍ فضائية خارجيةٍ، واسم هذه الظاهرة مستوحى من هذه الفكرة، ألا وهي متلازمة اليد الغريبة

(Alien hand syndrome)، وما يجعل هذه الظاهرة فريدةً من نوعها هو أنها بقيت لفترةٍ طويلةٍ من الزمن تندرج تحت مسمّى الخرافات الطبية، وذلك لندرتها إلا أن عدد الحالات المسجلة بهذه المتلازمة في تزايدٍ مستمر، مما جعلها من الحالات الطبية المثُبتة.

ما هي متلازمة اليد الغريبة؟

هي اضطرابٌ عصبيٌّ نادرٌ يعاني فيها المريض من حركةٍ لا إرادية للأطراف، وخاصةً الأطراف العلوية، على الرغم من كون الحركة لا إرادية إلا أنها في نفس الوقت تبدو وكأنها حركات ذات غاية أو هدف. تعدُّ هذه المتلازمة من الاعتلالات العصبية النادرة التي يصعب دراستها بسبب ندرتها، لذلك فإن المعلومات المتعلقة بانتشارها أو تأثيرها على معدل البقيا غير متوفرة.

ترتبط هذه المتلازمة بشكلٍ مباشرٍ بالإصابة الدماغية (وخاصةً إصابات الاحتشاءات الدماغية) في النصف الأيمن من المخ، بالإضافة إلى إصابات الجسم الثفني (Corpus callosum) (بينة عصبية تعتبر الجسر الرابط بين نصفي الكرة المخية، والتي تلعب دوراً مهماً في تنسيق الحركات بين عضلات الجسم اليمنى واليسرى).

نلاحظ لدى مرضى متلازمة اليد الغريبة إصابات في الفص الجبهي، والذي يتولى مهمة الشروع بالحركة واتخاذ القرار، وقطع الاتصال بين الفصين الجبهيين يؤدي إلى غياب التناسق الحركي، إلا أن الآلية الدقيقة المفسرة لنمط الحركة الغريب المشاهد لدى مرضى متلازمة اليد الغريبة لا يزال مجهولاً، حيث إن حركة الطرف المصاب في هذه المتلازمة دائماً ما تكون هادفة، وليست عشوائية.

أعراض متلازمة اليد الغريبة

الأعراض الموصوفة في هذه المتلازمة ليست محددةً بشكلٍ دقيق، وذلك بسبب قلة الحالات والبحث العلمي المجرى عليها: قد يعاني المريض من القلق أو الفزع من الحركات اللاإرادية للطرف المصاب، كما أن كثيراً من المرضى لا يكون واعياً للحركات في البداية إلى أن يتمّ لفت الانتباه إليها من قبل عائلة المريض أو أصدقائه، بينما يعاني مرضى آخرون من الإحراج والخجل بسبب حركة الطرف في مناسباتٍ غير ملائمة (أثناء العمل مثلاً). باختصار يمكن لهذه المتلازمة أن تتسبّب بمشاكل اجتماعية ونفسية متنوعة.

يمكن للأعراض أن تشمل اضطرابات حسية غريبة بالطرف المصاب (وعندها يحتمل امتداد الإصابة للفص الجداري، بالإضافة إلى الفص الجبهي) هذه الاضطرابات الحسية تشمل تجاهل الطرف المصاب (اعتباره طرفاً غريباً عن الجسم) أو تولد الانطباع لدى المريض أنه يمتلك طرفاً إضافياً.

تتنوع شكل الحركة المشاهدة في الطرف المصاب إلا أن السمة المميزة لها كما ذكر سابقاً هي أنها حركة هادفة (حتى لو بدت في البداية على أنها حركة غير هادفة بالنسبة للمريض)، تبعاً لنمط الحركة تمّ تصنيف متلازمة اليد الغريبة إلى:

1- النمط الثفني (الإصابة تشمل الجسم الثفني): وتكون حركة اليد المصابة معاكسةً لحركة الطرف السليم، يذكر في الأدب الطبي حالة سريرية مسجلة حديثاً لمتلازمة اليد الغريبة من هذا النمط، حيث إن شكاية المريضة كانت أن يدها المصابة تمنع يدها السليمة من تناول الطعام، يصاب النصف الأيمن من الكرة المخية عادةً، حيث تؤدي إصابات القشرة الجدارية اليمنى إلى عدم الوعي الحركي والحسي ضمن الطرف العلوي الأيسر.

2- النمط الجبهي (تكون الإصابة ضمن تلافيف الفص الجبهي): تكون الحركة المُلاحظة على اليد المصابة هي حركة الإمساك والتلمس اللاإرادي.

مسبّبات متلازمة اليد الغريبة

يترافق الإصابة بمتلازمة اليد الغريبة مع أي إصابة ضمن الفص الجبهي أو الجداري والجسم الثفني، وذلك سواءً بإصابات الورمية، أو الرضوض، أو السكتة الدماغية (Stroke). يمكن أن تحدث الإصابة بمتلازمة اليد الغريبة أيضًا في الأمراض التنكسية العصبية، مثل: التنكس العقدي القشري القاعدي، ومرض الزهايمر، وغالبًا ما يتظاهر مع تعذر الأداء الحركي الواعي، وتصلب الأطراف.

يجب التفريق بين متلازمة اليد الغريبة وبين الاضطرابات العصبية الحركية الأخرى التي لا تظهر نفس النمط الحركي، إنما تكون الحركة على شكل نفضاتٍ أو اهتزازتٍ حركية عشوائية، كتلك الحركات المُشاهدة لدى مرضى باركنسون، كما أن التوهُّم والهلوسات قد تجعل المريض يعتقد أنه مصابٌ بهذه المتلازمة، إلا أن الحركة تكون إما حركةً طبيعيةً يعتقد المريض أنها غير طبيعية نتيجة اضطرابٍ نفسي، أو أنه لا يوجد حركة أصلاً، وإنما مضاعفات لأمراضٍ نفسية.

علاج متلازمة اليد الغريبة

قلة الحالات المسجلة أدت إلى قلة الأبحاث الطبية المُجراة من أجل إيجاد علاجٍ دوائي فعال، إلا أن العلاج السلوكي أثبت فعاليته في تخفيف معاناة المريض، والتحكم بالطرف المصاب نسبياً، وذلك عبر عدة تجارب تسعى لتحقيق ترابط بين اليد المصابة والسليمة، ومن هذه التجارب نذكر:

1- تجربة وهم اليد المطاطية

يجلس المشارك على كرسي أمام الطاولة، ويضع يديه عليه، يستخدم غطاءً لإخفاء الذراع اليسرى أو اليمنى عن رؤية المريض، وبعد ذلك يضع المُجرِّب يدًا مطاطيةً بالحجم الطبيعي لليد اليسرى أو اليمنى على أعلى الطاولة، بنفس طريقة يد المريض الحقيقية، ثم يستخدم المجرب فرشتين ناعمتين صغيرتين لمسّ كلٍّ من اليد المطاطية واليد المخفية، بالتزامن أو بشكلٍ غير متزامن. ما يقرب من 80 بالمئة من الأشخاص يطورون إحساسًا بملكية اليد المطاطية.

2- تجربة الصندوق المرآة (Mirror box)

هي تجربة يُلاحظ فيها المشاركون انعكاس أيديهم غير المتأثرة، وتقليد حركاتها بيدهم المصابة، والتي تكون مخفيةً خلف المرآة. تقدم هذه التجربة تقديراً حول مدى تأثر الطرف المصاب بمتلازمة اليد الغريبة، فإذا استطاع المريض تحقيق تزامنٍ بين الطرفين (المصاب والسليم) عندها تكون الإصابة لديه خفيفة. يمكن الاعتماد على هذه التجربة كوسيلةٍ علاجيةٍ عند المرضى المشخصين بـمتلازمة اليد الغريبة.

يذكر أنه في بعض الحالات الشديدة والمستعصية التي لم تبدِ استجابةً على العلاج المعرفي السلوكي، تمّ وصف بعض الأدوية السامة، كالسم الوشيقي لإحداث شلل وخمول مؤقت في الطرف المصاب. من التظاهر إلى العلاج والتشخيص، تعتبر هذه المتلازمة من الحالات العصبية الفريدة من نوعها، لما تبديه من تظاهرات غريبة وإشارات استفهامٍ كثيرةٍ حول آليتها المرضية. [1]

المراجع البحثية

1- Manea، M.، Iliuta، F.، Manea، M.، Lacau، R.، Varlam، C.، Mares، A.، . . . Ciobanu، A. (2024). Alien hand syndrome: Pathophysiology، semiology and differential diagnosis with psychiatric disorders (Review). Biomedical Reports، 20(5). Retrieved July 19، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.