Skip links
طفل رضيع موصول بأجهزة وأسلاك طبيبة وهو نائم في سرير المستشفى

متلازمة استنشاق العقي – تصنيفها، حدوثها وما هي عوامل الخطر؟

الرئيسية » الطب » طب الأطفال » متلازمة استنشاق العقي – تصنيفها، حدوثها وما هي عوامل الخطر؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

متلازمة استنشاق العقي (Meconium Aspiration Syndrome)، وتُعرف اختصاراً باسم MAS، هي أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالأمراض والوفيات بين الأطفال حديثي الولادة، ويقدّر عدد الوفيات سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الإصابة بالمتلازمة بحوالي 1000 إلى 1500 طفل.

ويحدث تلوث السائل الأمنيوسي بالعقي في حوالي واحدٍ من كل سبع حالات حمل، ولكن 5 بالمئة فقط من الأطفال حديثي الولادة المُعرّضين لخطر الإصابة تحدث لديهم المتلازمة بشكلٍ فعلي، وتكون أكثر شيوعاً عند الأطفال المولودين بتمام الحمل (كل مولودٍ أتمّ 37 أسبوعاً من الحمل، ولم يتجاوز الأسبوع 42)، أو بعد الأوان (بعد 42 أسبوعاً من الحمل). [1] [2]

ما هو العقي؟

العقي (Meconium) هو أول برازٍ يخرجه المولود، ويكون أغمق وأكثر سمكاً من البراز الطبيعي ولزجاً للغاية، وكلمة ميكونيوم (Meconium) مشتقّة من الكلمة اليونانية ميكوني (Mekoni)، والتي تعني عصير الخشخاش أو شبيه بالأفيون، في إشارة إلى الاعتقاد بأن تعرُّض الجنين للعقي من شأنه أن يؤدي إلى النعاس أو الخمول لدى حديثي الولادة، وهو مفهوم يُنسب عموماً إلى أرسطو (Aristotle).

ويتكون العقي بشكلٍ أساسي من الماء (حوالي 72 إلى 80 بالمئة من الحالات)، والخلايا الظهارية المعوية، والخلايا الحرشفية، والزغب، والطلاء الجنيني، والبروتينات، والدهون، والإفرازات الهضمية، والأحماض الصفراوية، مثل: حمض الكينوديوكسيكوليك (Chenodeoxycholic acid).

ويعود اللون الأصفر المخضر النموذجي للعقي إلى وجود الأصبغة الصفراوية، والبيليروبين (Bilirubin)، وهو أحد منتجات استقلاب الهيم، هو الصبغة الرئيسية في العقي، ويمكن اكتشافه في الكبد والمرارة الجنينية من 14 أسبوع من الحمل، وفي حين أن محتوى الأمعاء لدى الأطفال والبالغين غنيٌّ بالبكتيريا، فإن العقي أثناء الحياة الجنينية يكون معقماً.

ويخرج الأطفال حديثو الولادة الأصحاء العقي في غضون 24 إلى 48 ساعة بعد الولادة، وعادةً ما يُظهر الأطفال الخدج تأخراً في الإخراج، ولكن في 8-25 بالمئة من حالات الحمل، يمكن للطفل أن يطرح العقي في الرحم، مما يؤدي إلى تلوث السائل الأمنيوسي، ويمكن أن يستنشق 5 إلى 12,5 بالمئة من الأطفال هذا السائل الملوث، ويتسبّب في إصابة المولود الجديد بضائقةٍ تنفُّسيةٍ قد تهدّد حياته. [3] [4] [5]

ما هي متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

يتمُّ تعريفها على أنها ضائقةٌ تنفُّسيةٌ مصحوبةٌ بمتطلبات أوكسجين إضافية لدى الطفل المولود بسائلٍ أمنيوسي ملوث بالعقي، في غياب أي سببٍ آخر معروف لتفسير الأعراض، ويتمُّ التشخيص بناءً على وجود أربعة معايير سريرية، وهي: [6]

1- وجود صعوبةٍ في التنفُّس (تسرُّع التنفس، أو السحب الوربي وبين الأضلاع، أو الطحة الزفيرية) عند الأطفال حديثي الولادة المولودين من خلال السائل الأمنيوسي الملطّخ بالعقي.

2- الحاجة إلى الأوكسجين الإضافي للحفاظ على تشبُّع الأوكسجين في الهيموغلوبين (SaO2) بنسبة 92 بالمئة أو أكثر.

3- متطلبات الأوكسجين تبدأ خلال أول ساعتين من الحياة، وتستمر لمدة 12 ساعة على الأقل.

4- عدم وجود تشوُّهاتٍ خلقية في مجرى الهواء، أو الرئة، أو القلب.

تصنيف متلازمة استنشاق العقي

ويتمُّ تصنيف متلازمة استنشاق العقي على أنها خفيفة، أو متوسطة، أو شديدة:

1- متلازمة استنشاق العقي الخفيفة (Mild MAS)

فيها يحتاج الرضيع أقل من 40 بالمئة أوكسجين إضافي لمدةٍ أقل من 48 ساعة.

2- متلازمة استنشاق العقي المتوسطة (Moderate MAS)

إذا كان الرضيع يحتاج إلى أكثر من 40 بالمئة أوكسجين، أو يحتاج أوكسجين إضافي لمدة تزيد عن 48 ساعة، ولكن لا يصاحبه مضاعفات، مثل: الريح الصدرية أو المنصفية.

3- متلازمة استنشاق العقي الشديدة (Severe MAS)

في حال كان الرضيع يحتاج إلى تهويةٍ ميكانيكيةٍ لأكثر من 48 ساعة.

لماذا يُعتبر استنشاق العقي خطيراً؟

يتميز العقي بقوامه السميك واللزج، وهو لزجٌ للغاية لدرجة أنه من الصعب غالباً إزالته من مؤخرة طفلك باستخدام منديل، تخيل وجود هذه المادة في رئتي المولود الجديد، حيث يمكن أن تلتصق جزيئات العقي داخل مجاري الهواء لدى طفلك، مما يؤدي إلى سدّ مجرى الهواء لدى الطفل جزئياً أو كلياً.

وهذا ما يجعل من الصعب على الطفل التنفُّس ويسبّب تهيجاً، أو عدوى في الرئة، بالإضافة إلى ذلك، يمنع العقي الوظيفة الطبيعية لمادةٍ كيميائيةٍ مهمة في الرئة تسمّى المادة الخافضة للتوتر السطحي أو السورفكتانت (Surfactant)، والتي تساعد الرئتين على التمدد بشكل صحيح.

نتيجةً لذلك يعاني الطفل من صعوبةٍ خفيفةٍ إلى متوسطةٍ أو شديدة في التنفس، وتعتمد خطورة المشكلة في المقام الأول على كمية العقي الذي يستنشقه الطفل، ومدة الاستنشاق قبل الولادة، ومدى سرعة اكتشاف المشكلة ومعالجتها. [2] [7]

ما هي الفيزيولوجيا المرضية لمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

لم يتمّ فهم الفيزيولوجيا المرضية لمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة بشكلٍ كامل. ومع ذلك، تمّ وصف خمس عملياتٍ مهمة: مرور العقي، الاستنشاق، انسداد مجرى الهواء، الالتهاب، وتعطيل المادة الخافضة للتوتر السطحي. [8] [9]

1- مرور العقي (Meconium passage)

نادراً ما يحدث التغوُّط البرازي بين 20 و34 أسبوعاً من الحمل، وقد لوحظ أن مرور العقي في الرحم أكثر شيوعاً عند الأطفال في أواخر الحمل بعد 37 أسبوعاً من الحمل، أو المولودين بعد الأوان، وقد تمّ الاعتقاد بأن العديد من الآليات يمكن أن تلعب دوراً في هذه العملية، بما في ذلك زيادة الحركات الحوية داخل الأمعاء (التمعج).

حيث يكون نضج الجهاز الهضمي مناسباً، وتؤدي هذه الحركة إلى مرور العقي، وقد تكون هذه الحركات الحوية نتيجةً لإجهاد نقص الأوكسجين لدى الجنين، أو تحفيز العصب المبهم بسبب ضغط الحبل السري عند تعرّض الجنين لضائقة، وهناك أيضاً بعض الأدلة على أن نقص الأوكسجين المزمن، واسترخاء العضلة العاصرة الشرجية، قد يؤدي إلى مرور العقي أيضاً.

2- الاستنشاق (Aspiration)

أثناء عملية الولادة، يؤدي تنفُّس الجنين عادةً إلى دخول السائل الأمنيوسي إلى الرئتين وخروجه منها، وعندما يتلطخ السائل الأمنيوسي بالعقي، يكون الجنين معرضاً لخطر الاستنشاق، ويحدث هذا بشكلٍ خاص عند نقص الأوكسجين، الذي يمكن أن يحفّز الجنين على زيادة معدل التنفس، مما يؤدي إلى استنشاق المزيد من السائل الأمنيوسي الملوث بواسطة مجرى الهواء للجنين.

3- انسداد جزئي أو كلي في مجرى الهواء (Airway obstruction)

سبب قوامه السميك واللزج، يمكن أن يسبّب العقي انسداداً ميكانيكياً جزئياً أو كلياً في مجرى الهواء، وهذا يؤدي إلى انخفاض التهوية الرئوية للمجاري الهوائية الصغيرة، وقد يؤدي هذا إلى انخماص الرئة مع احتباس الهواء، ويزيد من خطر حدوث الريح الصدرية، وحالياً هناك أدلة تشير إلى وجود ارتباطٍ بين وجود العقي في القصبة الهوائية والعلامات السريرية لمتلازمة استنشاق العقي الحادة.

4- الالتهاب (Inflammation)

يلعب الالتهاب دوراً مهماً في تطور متلازمة استنشاق العقي، وقد ثبت أن المادة التي تشكل العقي تحفّز العمليات الالتهابية التي تساهم بشكلٍ أكبر في تطور الضائقة التنفُّسية عند الرضع المصابين بالمتلازمة، فبمجرد استنشاق العقي يمكن أن يحفّز إطلاق العديد من المواد الوعائية النشطة (Vasoactive)، والسيتوكينات (Cytokine)، مثل: ميتالوبروتيناز-8 (Metalloproteinase-8)، وانترلوكين-6 (interleukin-6)، وانترلوكين-8 (Interleukin-8)، وعامل النخر الورمي ألفا (TNF)، وإنترفيرون غاما (Interferon gamma) التي تنشط المسارات الالتهابية، فضلاً عن إحداث تغييراتٍ في الأوعية الدموية، وتساهم بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر في إصابة أنسجة الرئة، كما أنها تثبّط تأثير المادة الخافضة للتوتر السطحي في الرئتين.

5- تعطيل المادة الخافضة للتوتر السطحي (Surfactant inactivation)

يؤدي التفاعل الالتهابي الناتج عن العقي إلى إبطال مفعول المادة الخافضة للتوتر السطحي، مما يزيد من التوتر السطحي للحويصلات الهوائية، وهذا يقلّل من كفاءة تبادل الغازات، وبالتالي يؤدي إلى تفاقم نقص الأوكسجين لدى الجنين.

تؤدي كل هذه العمليات إلى انخفاض التهوية السنخية، مما يتسبّب في زيادة عدم التوافق بين التهوية والتروية، وهذا هو السبب الرئيسي لنقص الأوكسجين في الدم عند الرضع المصابين بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة، وسيؤدي نقص الأوكسجين لفتراتٍ طويلةٍ إلى تضييق الأوعية الدموية الرئوية.

مما يؤدي بدوره إلى زيادة مقاومة الأوعية الدموية الرئوية (PVR)، وغالباً ما يكون هذا مصحوباً بتحويل تدفُّق الدم من اليمين إلى اليسار، ويمكن أن تؤدي هذه الآليات إلى حدوث ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر (PPHN) والذي يعدُّ أحد الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة في متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة.

 ما هي عوامل الخطر للإصابة بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

لا تزال عوامل الخطر المرتبطة بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة غير مفهومة تماماً، ولكن من المعروف أن الظروف التي تؤدي إلى نقص الأوكسجين لدى الجنين، وانقطاع النفس أثناء الولادة تزيد من خطر استنشاق العقي لدى الجنين المولود بتمام الحمل أو بعد الأوان، وهي على النحو التالي: [5] [9] [10]

1- مولود الحمل المديد، أو المولود بعد الأوان (Post term new born): هو كل مولودٍ تجاوز عمره الحملي 42 أسبوعاً حملياً، وهذا يشكل عامل خطرٍ لعدة أسباب:

● عادةً لا تنتج الأجنة العقي إلا عندما تقترب من موعد الولادة، مما يعني أنه عندما يولد الطفل بعد الموعد المحدّد، تكون هناك فترة أطول من الوقت يمكن خلالها إخراج العقي واستنشاقه.

● ارتفاع تركيز هرمون الموتيلين (Motilin): وهو هرمون معوي تنتجه الخلايا الصماء المعوية في العفج، ويعمل على تحفيز الحركات الحوية المعوية، ويكون تركيزه أعلى بشكلٍ ملحوظٍ في دم الحبل السري عند الأطفال حديثي الولادة المولودين في الموعد المحدّد مقارنةً بالأطفال الخدج، وأيضاً أعلى عند الذين يعانون من السائل الأمنيوسي الملوث بالعقي مقارنةً بالسوائل الشفافة.

● ارتفاع هرمون الكورتيزول (Cortisol): تزداد مستويات الكورتيزول في بلازما الجنين في وقت الولادة، ويمكنه أيضاً تحفيز الحركة المعوية.

● الهرمون المطلق لموجهة القشر (CRH): يزداد تركيزه مع ازدياد عمر الحمل، ويمكن أن يعمل أيضاً على تسريع حركة أمعاء الجنين.

● بعد انتهاء الحمل، يكون هناك أيضاً كمية أقل من السائل الأمنيوسي في الأغشية الأمينوسية، مما يعني أنه إذا أخرج الطفل العقي، فلا يتمّ تخفيفه بالسائل الأمنيوسي.

● غالباً ما تنطوي حالات الحمل المتأخرة على قصور في المشيمة، مما يعني انخفاض الأوكسجين الذي يصل إلى الجنين، وقد يؤدي هذا إلى ضائقةٍ للجنين.

2- عوامل متعلقة بالأم، وتشمل:

● ارتفاع ضغط الدم لدى الأم، بما في ذلك انسمام الحمل.

● مرض السكري لدى الأم، بما في ذلك السكري الحملي.

● التدخين، وتعاطي المخدرات.

3- نقص الأوكسجين المزمن داخل الرحم: يرتبط تلوث السائل الأمنيوسي بالعقي مع انخفاض درجة حموضة الدم (Ph)، ونقص الأوكسجين المزمن.

4- الولادة العسيرة، أو المخاض المطول.

5- مشكلات الحبل السري، مثل: التفاف الحبل حول رقبة الطفل، أو وجود عقدٍ في الحبل.

6- التهاب المشيمة والسلى، أو تمزق الأغشية الباكر: إن معدل حدوث تلوث السائل الأمنيوسي بالعقي يكون أعلى في حال وجود غزوٍ جرثومي للسائل الأمنيوسي مقارنةً بأولئك الذين لديهم سائل أمنيوسي صافٍ.

7- قلة السائل الأمنيوسي.

8- مشعر أبغار (Apgar Score) أقل من 7.

9- جزيئات العقي السميكة: كلما كان العقي أكثر سمكاً، كانت الأمراض والوفيات المرتبطة به أسوأ، وذلك بسبب حقيقة أن الإفرازات السميكة تعوق عمل الجهاز التنفسي بشكلٍ أشد من الإفرازات الرقيقة والمخففة.

10- تأخر النمو داخل الرحم (IUGR).

11- وجود ضائقةٍ عند الجنين تؤدي إلى تسرُّع القلب أو بطء القلب.

12- نقص الأكسجة، أو الاختناق أثناء الولادة، أو خلال الفترة المحيطة بها.

المراجع البحثية

1- Lee, J. Romero, R. Lee, K, A. Kim, E, N. Korzeniewski, S, J. Chaemsaithong, P. Yoon, B, H. (2016). Meconium aspiration syndrome: a role for fetal systemic inflammation. American Journal of Obstetrics and Gynecology, 214(3), 366.e1–366.e9. Retrieved September 28, 2024

‌2- Cleveland Clinic. (2023, January 17). Meconium Aspiration Syndrome: Causes, Treatment & Recovery. Cleveland Clinic. Retrieved September 28, 2024

3- Greenspan, J, S. (2020, January). Meconium Aspiration Syndrome (MAS). KidsHealth. Retrieved September 28, 2024

4- Skelly, C, L. Zulfiqar, H. Sankararaman, S. (2023, July 24). Meconium. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved September 28, 2024

5- Gallo, D, M. Romero, R. Bosco, M. Gotsch, F. Jaiman, S. Jung, E. Suksai, M. Cajal, C, L, R. Yoon, B, H. Chaiworapongsa, T. (2023, May). Meconium-stained amniotic fluid. American Journal of Obstetrics and Gynecology, 228(5), S1158–S1178. Retrieved September 28, 2024

6- Olicker, A, L. Raffay, T, M. Ryan, R, M. (2021, March 23). Neonatal Respiratory Distress Secondary to Meconium Aspiration Syndrome. Children, 8(3), 246. Retrieved September 28, 2024

7- Lurie Children’s Hospital of Chicago. (n.d.). Meconium Aspiration Syndrome. Lurie Children’s Hospital of Chicago. Retrieved September 28, 2024

8- Sayad, E. Carmona, M, S. (2023, April 12). Meconium Aspiration. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved September 28, 2024

9- Piaggio, U. Mapp, S. (2018, December 6). Meconium Aspiration Syndrome. TeachMe Paediatrics. Retrieved September 28, 2024

10- Jansheski, G. (2024, January 11). Meconium Aspiration Syndrome Birth Injury. Cerebral Palsy Guidance. Retrieved September 28, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.