تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عملية أو إجراء ويبل (Whipple Procedure) أو كما تدعى بعملية استئصال البنكرياس والعفج (Pancreaticoduodenectomy) هي عبارة عن عمليةٍ جراحية تجرى بشق البطن الجراحي أو التنظيري حديثاً، ويتمُّ إجراؤها من قبل اختصاصي جراحة عامة بالمشاركة مع اختصاصي الأورام والهضمية، وذلك للمرضى الذين يعانون من سرطان رأس البنكرياس خاصة، كما أن لهذه العملية استطبابات أخرى أقل شيوعاً.

وقد تمَّ ابتكار عملية ويبل لأول مرة عام ألف وتسعمئة وخمسة وثلاثين على يد الطبيب الجراح آلن ويبل Dr. Allen Whipple لمريضٍ مشكوكٍ بإصابته بسرطان المعدة، وبعد فتح البطن اكتشف ويبل أن المريض مصابٌ بورمٍ في رأس البنكرياس. ^[1]

ما هي استطبابات إجراء عملية ويبل؟

تجرى هذه العملية لدى المرضى الذين يعانون من مشاكل في غدة البنكرياس، أو العفج، أو الطرق الصفراوية، ومن أهمّ الاستطبابات بدءاً من الأكثر إلى الأقل شيوعاً: ^{[1] [2]}

1- سرطان البنكرياس (Pancreatic cancer)

يصيب السرطان أي قسمٍ من البنكرياس، لكنه أكثر شيوعاً في الرأس الذي يكون على التصاق مع القسم الأول من المعي، وهو العفج.

2- الكيسات البنكرياسية (Pancreatic cysts)

هي كيسات وحيدة أو متعددة تظهر على غدة البنكرياس غالباً بعد حادثة رضّية أو التهابية.

3- الأورام البنكرياسية

قد تكون حميدة، لكن تؤثر على المريض بأعراضها الضاغطة كلما كبر حجمها.

4- التهاب البنكرياس (Pancreatitis)

له نوعان التهاب البنكرياس الحاد أو المزمن، وسببه مناعي، وليس جرثومي.

5- أورام القناة الجامعة أو أورام الطرق الصفراوية (Cholangiocarcinoma)

هي من السرطانات الخطيرة التي تسبّب احتباس الصفراء، وتمنع مرور الإنزيمات الهاضمة القادمة من البنكرياس.

6- الحوادث الرضية

 التي تصيب البنكرياس أو الأمعاء التي تؤهب للنزوف داخل النسيج.

كيف يُحضَّر المريض لعملية ويبل؟

هذه العملية كغيرها من العمليات تحتاج إلى تحضيرٍ مسبقٍ دوائياً وغذائياً، إذ ينصح قبل القيام بالعملية أن يسأل المريض طبيبه عن تفاصيل العملية، ومخاطرها، واختلاطات ما بعد العملية مع شرح كافة الأمراض المزمنة التي يعاني منها المريض، والأدوية التي يتناولها بالتفصيل.

بعد شرح القصة المرضية، وتحديد موعد العملية ينصح الطبيب مريضه بالامتناع عن الطعام لمدة اثنتي عشر ساعة، والمشروبات الحاوية على الكافيين قبل ست ساعات من موعد العملية، وينصح المرضى المدخنين خاصة، والذين يتعاطون الكحول بإيقاف التدخين والشرب لمدة أسبوعين على الأقل قبل العملية، لأن ذلك يحسن من تحمل القلب والرئتين لمخاطر العملية.

مع الصيام عن الطعام والشراب قبل العملية يحتاج المريض إلى إيقاف الأدوية التي يتناولها، وخاصةً المميعات، ومضادات التصاق الصفيحات، مثل: الأسبرين، والهيبارين أو الوارفارين، لما تحمله من خطر النزف أثناء وبعد العملية، كما يجب إيقاف الأدوية الخافضة للضغط والسكري، والأدوية المزمنة الأخرى، وحتى العشبية منها بحسب رأي الطبيب المشرف. ^{[3] [4]}

ماذا يحدث أثناء عملية ويبل؟

يتطلب إجراء عملية ويبل كادراً طبياً كاملاً مختصاً يحوي جراحين، وممرضين، وأطباء تخدير، إذ تبدأ العملية بفتح خطين وريديين لتسريب الأدوية خلال العملية أو نقل الدم في حال تطلب وضع المريض ذلك، بالإضافة لتركيب قثطرةٍ بولية لمراقبة السبيل البولي، ثم يقوم أخصائي التخدير بتخدير المريض بشكلٍ كاملٍ بالمخدرات الإنشاقية أو الوريدية، ويستلم الطبيب الجراح مريضه ليبدأ العملية.

الجدير بالذكر أنه يمكن إجراء عملية ويبل بالطريقة المفتوحة أو التنظيرية، والاختلاف يكون بحجم الشق وعدد الشقوق التي يجريها الطبيب في بطن المريض، وتمتاز الجراحة التنظيرية لعملية ويبل بقلة الاختلاطات، وسرعة فترة الاستشفاء بعد العمل الجراحي، لكنها أصعب إجراءً، وتحتاج لطبيبٍ خبيرٍ لاستخدام أدوات التنظير.

يقوم الطبيب بتعقيم المنطقة التي سيجرى فيها الشق بمحلولٍ كحولي، وإجراء الشق الطولي في وسط البطن أو بإحداث عدة شقوقٍ صغيرة في حال تمّ تقرير الجراحة التنظيرية ثم يتمّ إبعاد القولون بأداةٍ مناسبة للكشف عن رأس البنكرياس المصاب، واستئصال المرارة (الحويصل الصفراوي)، والقناة المرارية، ورأس البنكرياس مع المحافظة على الجسم والذيل، واستئصال العفج مع القطعة الأولى من الصائم (الجزء الثاني من المعي الدقيق).

بعدها يتمُّ إيصال الجزء المتبقي من البنكرياس مع المعي والقناة الصفراوية، وإجراء المفاغرة بين المعدة والمعي أيضاً، وكان الطبيب قديماً يقوم باستئصال جزء من المعدة أيضاً، وينهي الطبيب عمليته التي تستغرق حوالي خمسة إلى ستة ساعات بإغلاق الشقوق، وخياطتها بمتانة، وتعقيم الأدوات. تعدّ عملية ويبل من العمليات الضخمة لأنها تتضمن استئصال الكثير من البنى، مما يعني أن الاختلاطات بعد العمل الجراحي كثيرة. ^[5]

بعد إجراء العمل الجراحي

بعد الخروج من غرفة العمليات ينقل المريض إلى غرفةٍ خاصة، وتتراوح مدة البقاء في المشفى من أسبوعٍ إلى أسبوعين حسب وضع المريض، ويعطى في هذه الفترة المسكنات المناسبة وريدياً، والصادات الحيوية لتجنب إنتان الجرح مع ضمان تغيير الضماد يومياً وتعقيمه بالبوفيدون، في حال عدم وجود اختلاطاتٍ ينقل المريض إلى المنزل مع التأكيد على الراحة في الفراش، ومراقبة العلامات الحيوية، ومراجعة الطبيب حالاً عند ظهور الأعراض التالية: ^{[1] [3]}

– ارتفاع حرارة المريض إلى 38 درجة مئوية، حيث تشير إلى الإنتان.

– عدم الراحة على المسكنات، واستمرار الألم بشكلٍ غير محتمل.

– فك القطبة مكان العملية نتيجة القيام بحركةٍ معينة.

– عدم قدرة المريض على الحركة، والقيام بالأعمال الروتينية بعد شهرٍ أو أكثر من العملية.

ما هي مضاعفات عملية ويبل؟

إن أشيع المضاعفات هي تأخر إفراغ المعي أو الانسداد المعوي الذي يتظاهر بالإمساك والألم البطني نتيجة الخطأ في المفاغرة والخياطة، كما يحدث في بعض الحالات التسريب من مكان المفاغرة أو حدوث ناسور بين البنكرياس وأي عضوٍ آخر من الأعضاء المجاورة بسبب فشل الخياطة المحكمة، ويتمّ تدبير هذه الحالات بإجراء عملٍ جراحي إسعافي آخر.

كما قد يعاني المريض بعد فترةٍ من العملية من أعراض نقص الهرمونات البنكرياسية، كالأنسولين، فيتظاهر ذلك بحدوث الداء السكري من النمط الثاني بعد العمل الجراحي، ويجب تدبيره بتعويض الأنسولين الدوائي، ولعل من أخطر المضاعفات التي قد تحدث هي النزف الهضمي بعد العمل الجراحي، أو تشكل أمهات الدم الكاذبة التي قد تسبب أعراضاً انضغاطية، أو تمزقها لتسبّب أعراضاً، كالصدمة النزفية.

في النهاية يجب تحذير جميع المرضى من خطورة هذه العملية، والتنويه على شرح التفاصيل كاملة من قبل الطبيب المختص للحصول على موافقة المريض بإجرائها، إذ تبلغ نسبة البقيا بعد إجراء عملية ويبل حسب الدراسات حوالي 25 بالمئة مقارنةً مع المرضى الرافضين إجراءها. ^[4]