Skip links
صبي يلبس ثياب مُتسخة وممزقة يقوم بإصلاح عجلة السيارة

عمالة الأطفال – أسبابها، تأثيرها وكيف يحمي الطفل نفسه؟

الرئيسية » المقالات » مُشكلة » عمالة الأطفال – أسبابها، تأثيرها وكيف يحمي الطفل نفسه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عمالة الأطفال هي مصطلحٌ يشير إلى تشغيل الأطفال، واستغلالهم في أعمال مدفوعة الأجر سواءً في القطاع الصناعي، أو الزراعي، أو الخدمات، ويعدُّ استغلال الأطفال بهذه الطريقة ظاهرةً اجتماعيةً واقتصاديةً تتعارض مع حقوق الطفل، وتعتبر مشكلةً خطيرةً تؤثر على صحة وسلامة وتعليم الأطفال.

لماذا تسمّى عمالة الأطفال بهذا الاسم؟

يهدف مصطلح “عمالة الأطفال” إلى إبراز خطورة هذه الظاهرة، وتسليط الضوء على حقوق الطفل، وضرورة حمايته من الاستغلال والعمل غير القانوني، فهذا المصطلح يعكس الجانب السلبي لتوظيف الأطفال، نظراً لاستغلالهم في سنٍّ مبكرة قبل أن يصبحوا قادرين على العمل بصورةٍ قانونيةٍ وآمنة.

فالأطفال الذين تشملهم هذه الظاهرة يخضعون للعمل بشكلٍ قسري أو غير مشروع في ظروفٍ غير آمنة وغير صحية، حيث يتمُّ تشغيلهم في المناجم، والمصانع، المزارع، ورش الخياطة، المطاعم، الفنادق، والخدمات المنزلية، وحتى في الأعمال الجنسية التجارية أو صناعة الألغام، وعادةً ما يتعرضون للإهمال، والاستغلال، والإيذاء أثناء أداء مهامهم. [1]

كيف بدأت هذه الظاهرة في المجتمع؟

إن ظاهرة عمالة الأطفال ليست ظاهرةً حديثة، وقد بدأت في المجتمع منذ فترةٍ طويلة، حيث يمكن تتبُّع جذورها إلى العصور القديمة، ومع ذلك، فإن ظهورها وتطورها يعود إلى عدة عوامل تاريخية، واقتصادية، واجتماعية، وهنا سنذكر بعض الأمثلة عن كيفية بدء هذه الظاهرة في المجتمع: [1]

1- الثورة الصناعية

في القرن الثامن عشر شهدت الدول الصناعية نهضةً كبيرةً ظهرت خلالها قطاعات الصناعة المتنوعة، بالتالي كان الطلب على اليد العاملة كبيراً جداً، لذا تمّ استخدام الأطفال في العمل بشكلٍ واسعٍ في المنشآت الصناعية.

2- الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة

أدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العديد من الحقب التاريخية المتتالية إلى تفشي الفقر وشيوعه، بالتالي اضطرت الأسر الفقيرة إلى استخدام أطفالها لتحقيق الدخل اللازم للبقاء، وتعزيز الدخل الأسري.

3- التقاليد والثقافة

في بعض المجتمعات قد يكون هناك تقاليد أو ثقافات تعتبر عمالة الأطفال أمراً شائعاً ومقبولاً، كما يتمُّ اعتبار العمل في سن مبكرة جزءاً من التربية أو تكوين شخصية الطفل.

4- نقص التعليم

في المجتمعات التي تعاني من نقص التعليم، وعدم توفر فرص التعليم الكافية، يكون العمل هو الخيار الوحيد المتاح للأطفال لكسب المعيشة.

ما أسباب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال؟

هناك عدة أسباب تساهم في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، فإلى جانب نقص التعليم والفقر يوجد المزيد من الأسباب التي تختلف من بلدٍ إلى آخر، ومن منطقةٍ إلى أخرى، ومنها: [1]

1- البطالة

يعدُّ نقص فرص العمل لدى البالغين أحد أبرز العوامل التي تساهم في انتشار عمالة الأطفال، فالعائلات ذات الدخل المنخفض، والتي تعاني من البطالة ستضطر إلى استخدام أطفالها لتعويض نقص الدخل الأسري، وتلبية احتياجات الحياة الأساسية.

2- ضعف التشريعات والقوانين وعدم الالتزام بها

بعض البلدان تعاني بشكلٍ كبيرٍ من ضعفٍ في التشريعات المتعلقة بحماية حقوق الطفل، ومكافحة عمالة الأطفال، بالإضافة إلى عدم وجود قوانين صارمة أو رقابة حيال هذا الموضوع، مما يسهل على أرباب العمل استغلال الأطفال.

3- الصناعات المنخفضة التكلفة

في بعض الصناعات التي تعتمد على العمالة الرخيصة يتمُّ استخدام الأطفال بشكلٍ متعمَّدٍ لتوفير اليد العاملة بتكلفةٍ أقل يتضمن ذلك الزراعة، وصناعة الملابس، والأحذية، وغيرها.

4- النزاعات والأزمات الاجتماعية

في حالات النزاعات المسلحة أو الأزمات الاجتماعية يكون الأطفال عرضةً للتشغيل في ظروفٍ قاسية وغير آمنة، فقد يتمُّ استغلالهم في الأعمال المرتبطة بالنزاعات، مثل: التجنيد القسري، أو العمل في المناجم، أو الأعمال الشاقة.

5- التوظيف السري أو غير الرسمي

في العديد من الحالات يتمُّ تشغيل الأطفال في أعمال سرية غائبة عن أعين القانون، مما يجعل هذا النوع من التشغيل صعب التتبُّع والرقابة، وبالتالي يصعب اكتشاف ومنع عمالة الأطفال، وتشمل هذه الأعمال: تجارة المخدرات وصناعتها وتهريبها، تجارة الجنس، وغيرها.

كيف تؤثر هذه الظاهرة على الأطفال؟

إن ظاهرة عمالة الأطفال تؤثر سلبياً وبشكلٍ جدي على الأطفال، وعلى كافة الأصعدة المتعلقة بحياتهم، وسنذكر بعض التأثيرات الرئيسية التي تنتج عن عمالة الأطفال في مختلف النواحي الحياتية: [2]

1- الناحية الصحية

يتعرض الأطفال العاملون لمخاطر صحية تنتهك سلامتهم، فقد يواجهون حوادث خطرة، كالتعرض لمواد سامة وملوثة، والإرهاق الجسدي، والإجهاد، بالإضافة إلى تعرضهم أيضاً للإساءة، والتجاوزات، وسوء المعاملة من قبل أرباب العمل.

2- الناحية التعليمية

يعاني الأطفال العاملون من نقصٍ في فرص التعليم، حيث يتمُّ تجاهل حقهم في التعليم الجيد، والوصول إلى المدارس، مما يؤثر سلباً على تطورهم العقلي، ومستقبلهم الأكاديمي والمهني.

3- الناحية الجسدية والعقلية

يعمل الأطفال في ظروفٍ قاسية وشاقة، وذلك يؤثر على نموهم الجسدي والعقلي، فقد يعانون من نقص التغذية، والراحة الكافية، وقد يتعرضون للتشوُّهات البدنية، وخطر الإدمان، والإعاقات الناتجة عن الأعمال الشاقة والخطرة.

4- الناحية الاجتماعية والعاطفية

يعاني الأطفال العاملون من انعدام الاستقرار الاجتماعي والعاطفي، فهم يفتقرون إلى فرص اللعب، والتفاعل الاجتماعي المناسب لعمرهم، مما يؤثر على نموهم العاطفي والاجتماعي، وقدراتهم على بناء علاقاتٍ صحية ومستقرة.

5- حقوق الطفل

ينتهك استغلال الأطفال في العمل حقوقهم الأساسية، فالعمالة تنسف حقوقهم في الحماية من الإساءة والاستغلال، وحقهم في التعليم، والرعاية الصحية، واللعب، والتنمية الشاملة.

كيف يمكن للطفل حماية نفسه من خطر عمالة الأطفال؟

إن خطر العمالة يهدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 سنوات وحتى 18 عاماً، والأطفال الصغار بمنتهى الأسف لن يكونوا قادرين على حماية أنفسهم نظراً لصغر سنهم، وإمكانياتهم المحدودة جداً. أما الأطفال الأكبر سناً، يمكنهم اتخاذ بعض الخطوات التي قد تحميهم، ومنها: [2]

رسم توضيحي لامرأة تقف أمام ولد صغير وتقوم بتعليمه أشياء، وامرأة تقف أمام ولد صغير وتقوم بالاستماع لكلامه، وصبي صغير يقوم بالاتصال بالشرطة

1- التوعية

ينبغي على الطفل أن يبحث ويفهم حقوقه كضرورة حصوله على تعليمٍ جيد، وأن العمل في سنٍّ مبكرة يمكن أن يؤثر سلباً على صحته، وتعليمه، ونموه الشامل.

2- التواصل وطلب المساعدة

على الطفل التحدث إلى الأشخاص الموثوق بهم في حالة وجود ضغوطٍ أو تهديداتٍ تتعلق بالعمل في سنٍّ مبكرة، حيث يمكنه التحدث إلى أحد الأقارب، أو المعلمين، أو أي شخصٍ يمكنه المساعدة والدعم.

3- البحث عن مصادر موثوقة

ينبغي على الطفل البحث عن مصادر موثوقة للمعلومات حول حقوق الطفل والتشريعات المتعلقة بالعمل في سنٍّ مبكرة في بلده، حيث يمكنه الاستعانة بالمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الحكومية المختصة في حقوق الطفل، للحصول على المعلومات الصحيحة والدعم.

4- التبليغ

في حال تعرض الطفل لاستغلال عمالة الأطفال أو أي تعدٍّ على حقوقه، يجب أن يبلغ الجهات المختصة بذلك، ويمكنه الاتصال بالشرطة، المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الطفل أو غيرها للإبلاغ عن أي انتهاكات.

المراجع البحثية

1- Nardinelli, C. (1990). Child labor and the industrial revolution (First Edition). Indiana Univ. Retrieved July 20, 2024

2- Hindman, H. D. (2002). Child labor: An American history. M.E. Sharpe. Retrieved July 20, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.