Skip links
جملة: علم البديع، الجناس

علم البديع – ما هو الجناس؟ أنواعه وجمالياته

الرئيسية » اللغة العربية » علم البديع – ما هو الجناس؟ أنواعه وجمالياته

ما هو الجناس؟

هو من المحسنات اللفظية، ويُقال له التجنيس، والتجانس، والمُجانسة، ويعرف الجناس في اللغة أنه مصدر جانَسَ الشيء، أي شاكله وطابقه في الجنس، أما في الاصطلاح البلاغي، فهو أن يتفق اللفظان في وجهٍ من الوجوه التي ستذكر بعده مع اختلاف المعنى. [1] [2]

ما هي أنواع الجناس؟

للجناس نوعان:

1- الجناس التام

يكون الجناس تاماً عند اتفاق اللفظان في نوع الحروف، عددها، هيئتها، ترتيبها، ومن ذلك قوله عزّ وجل: ﴿ويوم تقومُ الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة﴾ {الروم 55}، فإن كلمتا (الساعة) متفقتان في كل ما سبق، ولكنهما مختلفتان في المعنى، فالساعة الأولى تعني يوم القيامة، والساعة الثانية تعني الساعة من الوقت. والجناس التام له ثلاثة أنواع: المماثل، والمُستوفَى، والمركب.

المماثل

ما اتفق فيه اللفظان في نوع الكلمة، أي أن يكونا اسمين، أو فعلين، أو حرفين:

1- الجناس المماثل بين الأسماء، كما في قول الشاعر أبي نواس:

عباسُ عباسٌ إذا احتدم الوغى
والفضل فضلٌ والربيعُ ربيعُ

فالأسماء (عباس، الفضل، الربيع) هي أسماء الممدوحين أما عباس الثانية، فهي تعني أن الممدوح كثير العبوس، وفضل الثانية تعني أن الممدوح كثير الفضل والكرم، وربيع الثانية تعني جمال الممدوح، فالألفاظ تماثلت في كونها أسماء، واختلفت في المعنى.

2- الجناس المماثل بين فعلين، كقول العرب: “فلانٌ يضربُ في البيداء فلا يضلُّ، ويضرب في الهيجاء فلا يكلُّ”، فالفعل الأول (يضربُ) جاء بمعنى يقطع المسافة، والثاني بمعني يقاتل الأعداء، فالجناس تماثل في كونه جاء في فعلين.

3- الجناس المماثل بين حرفين، كقول: “تذرّع بالصبر تظفرْ به”، فالباء الأولى للتعدية والثانية للتسمية، وهما حرفا جر. [1] [3] [6]

الجناس المُستوفَى

أن يتفق اللفظان المتجانسان في نوع الحروف وعددها، وهيئتها، وترتيبها، ويكونان من نوعين مختلفين، أي أحدهما يكون اسماً والآخر فعلاً، أو أحدهما اسماً والآخر حرفاً، أو أحدهما فعلاً والآخر حرفاً:

1- الاسم والفعل، كقول الشاعر عبيد الله بن طاهر:

وسمّيتهُ يحيى ليحيا
ولم يكن لردّ الله فيهِ سبيلُ

فإن كلمة (يحيى) هي اسم ابن الشاعر، و(يحيا) هي فعلٌ مضارع للحياة.

2- الاسم والحرف كقولهم: “ربَّ رجلٍ شربَ ربَّ رجلٍ آخر”، فإن (ربَّ) الأولى هي حرف جرّ شبيهٍ بالزائد، و(ربَّ) هي اسم عصير العنب.

3- الفعل والحرف كقول: “علا محمدٌ عليه الصلاةُ والسلام على جميع الأنام”، فإن (علا) هي فعلُ ماضٍ لمعنى ارتفع، و(على) الثانية هي حرف جرّ. [1] [4] [6]

الجناس المركب

هو ما كان فيه أحد الألفاظ أو كلاهما مركباً، وله عدة أنواع، وهي:

1- الجناس المُلفَّق يكون فيه اللفظان مركبان، كقول الشاعر:

فلمْ تُضعْ الأعادي قدْرَ شاني
ولا قالوا: فلانٌ قَدْ رشاني

فاللفظ الأول (قدر شاني) مركب من القدر والشأن، واللفظ الثاني مركب من قد حرف التحقيق والفعل الماضي المشتق من مصدر (الرشوة).

2- الجناس المرفوّ يكون فيه أحد اللفظين جزءاً مستقلاً واللفظ الآخر مجزوءاً من كلمة أخرى، كقوله تعالى: ﴿أفمنْ أسّسَ بنيانهُ على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به﴾ ﴿التوبة109 ﴾، فاللفظ الأول (هارٍ) جاء مفرداً، واللفظ الثاني (فانهار) جاء مركباً من كلمة (هار)، ومن جزء كلمة هي (فان). ومن أيضاً قول الشاعر الحريري:

والمكرُ مهما استطعتَ لا تأتهِ
لتقتني السُّؤدد والمَكرُمة

فاللفظ الأول (المكر) جاء مفرداً، واللفظ الثاني (المكرمة) جاء مركباً من كلمة هي المكر ومن جزء كلمة وهي (مة)

3- الجناس المتشابه ما يكون مركّبه مركباً من كلمتين مع اتفاقهما في الرسم، كقول القاضي الفاضل:

عضّنا الدّهرُ بنابهْ
ليتَ ما حلَّ بنا بهْ

فكلمة (بنابه) الأولى تتألف من حرف الجر الباء، و(ناب) التي تعني السن المعروف بالناب. أما (بنا به) الثانية، فهي تتألف من الباء حرف الجر، و(نا) ضمير جماعة المتكلمين، و(باء) حرف الجر، و(هاء) ضمير النصب المتصل، هما كلمتان مركبتان، ومتفقتان في الرسم.

4- الجناس المفروق هو ما يكون مركّبه مركباً من كلمتين، مع اختلاف اللفظين في الرسم، كقول الشاعر البُستي:

كلكمْ قد أخذ الجا
مَ، ولا جامَ لنا
ما الذي ضرّ مدير ال
جامِ لو جاملنا

تعني كلمة (الجام) كأس الشراب، فاللفظ الأول مركبٌ من كلمة (جام)، وحرف الجر (اللام)، والضمير (نا)، واللفظ الثاني (جاملنا) مركب من كلمة (جامل)، والتي تعني عاملنا معاملةً جميلة، ومن الضمير (نا)، فقد افترقت الكلمتين في الرسم. [1] [5] [6] [7]

2- الجناس غير التام

يكون الجناس غير تامٍّ إذا اختلف اللفظان المتجانسان في واحدٍ مما يلي: نوع الحروف، عددها، هيئتها، ترتيبها:

الجناس غير التام تبعاً للاختلاف في نوع الحروف

ينقسم إلى نوعين، وهما:

1- المضارع: يكون فيه حرفان مختلفان، ولكنهما متقاربان في المخرج، ويكونان إما في أول الكلمة، أو وسطها، أو آخرها، كقول الحريري: “ليلٌ دامسٌ وطريقٌ طامس”، فقد جاءت كلمتا (دامس وطامس) متجانستان جناساً ناقصاً لاختلاف حرفي (الدال) و(الطاء)، اللذين يتقاربان في مخرجهما من اللسان.

أما ما كان فيه الحرفان المختلفان في وسط الكلمة، كقوله عزّ وجل: ﴿وهمْ ينهونَ عنه وينأون عنه﴾ {الأنعام 26}، فاللفظان المتجانسان (ينهون وينأون)، و(الهاء والهمزة) متقاربان في المخرج، فهما حلقيان. أما ما كان فيه الحرفان المختلفان في آخر الكلمة، كقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: “الخيلُ معقودٌ بنواصيها الخيرُ إلى يوم القيامة”، فاللفظان المتجانسان (الخيل والخير)، والحرفان (اللام والراء) متقاربان في المخرج، فهما لسانيان.

2- اللاحق: يكون فيه الحرفان المختلفان متباعدين في المخرج إما في أول الكلمة، أو وسطها، أو آخرها، كقوله تعالى: ﴿ويلٌ لكل هُمَزَة لُمَزة﴾ {الهمزة 1}، فالحرفان المختلفان وقعا في أول الكلمتين المتجانستين (همزة، لمزة)، وهما متباعدان في المخرج، فالأول حلقي والثاني لساني.

أما ما كان في وسط الكلمة، كقوله تعالى: ﴿وإنّهُ على ذلك لشهيد ۞وإنّهُ لحبِّ الخيرِ لشديد﴾ {العاديات 8، 7}، فاللفظان المتجانسان (شهيد وشديد)، والحرفان المختلفان (الهاء والراء) متباعدان في المخرج، فالأول حلقي والثاني لساني. أما ما كان فيه الحرفان المختلفان في آخر الكلمة، كقوله سبحانه وتعالى: ﴿وإذا جاءهمْ أمرٌ من الأمنِ والخوفِ أذاعوا به﴾ {النساء 83}، فاللفظان المتجانسان (الأمن والخوف)، والحرفان المختلفان (الراء والنون) مختلفان في المخرج نسبياً.

الجناس غير التام تبعاً للاختلاف في عدد الحروف

يكون بزيادة أحد اللفظين عن الآخر في عدد الحروف، وينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي: المُطرّف، والمذيّل، المكتنَف:

1- المُطرّف: ما كانت الزيادة فيه في أول اللفظ، كقوله تعالى: ﴿والتفّتِ الساقُ بالساق۞ إلى ربكَ يومئذٍ المَساق﴾ {القيامة 29، 30}، فاللفظان المتجانسان هما (الساق والمَساق)، حيث زيد حرف الميم على اللفظ الثاني.

2- المكتنَف: ما كانت فيه زيادة الحرف في وسط الكلمة، كقولهم: “جدّي جهدي”، وتعني كلمة (الجدّ) الحظ، وقد زيد حرف الهاء في وسط اللفظ الثاني.

3- المُذيّل: تكون الزيادة في آخر اللفظ إما حرف أو حرفان، ومنه قول أبي تمام:

يمدّون من أيدٍ عواصٍ عواصم    تصولُ بأسيافٍ قواضب

فالألفاظ المتجانسة هي (عواصٍ وعواصم)، و(قواضٍ وقواضب)، حيث زيد حرف الميم والباء في آخر اللفظين. منه أيضاً زيادة حرفان في آخر الكلمة، كقول الشاعرة الخنساء:

إنّ البكاءَ هو الشفا
ءُ من الجوى بينَ الجوانحْ

فاللفظان المتجانسان هما (الجوى والجوانح)، حيث زيد على آخر اللفظ الثاني حرفي (النون والألف).

الجناس غير التام تبعاً للاختلاف في هيئة الحروف

ينقسم إلى نوعين، وهما:

1- المحرّف: سمّي بذلك لانحراف هيئة اللفظين عن الآخر، وهو ما اختلف فيه اللفظان في الحركات والسكنات، كقوله تعالى: ﴿ولقد أرسلنا فيهم مُنْذِرين۞ فانظرْ كيفَ كانَ عاقبةُ المُنْذَرين﴾ {الصافات 72، 73}، فاللفظان المتجانسان (المُنْذِرين والمُنْذَرين) اختلفا في هيئة الحروف، حيث جاءت الذال في اللفظة الأولى مكسورة، وفي اللفظة الثانية جاءت مفتوحة.

2- المُصحَّف: يكون الاختلاف بين اللفظين في النقط بحيث لو أُزيلت النقط من إحدى الكلمتين لما مُيّز بينهما، ومن ذلك قول أبي نوّاس:

من بحرِ جودكَ أغترفْ
وبفيضِ علمكَ أعترفْ

فالجناس بين كلمتي (أغترف وأعترف)، فهما لا يختلفان إلا في النقط، فلو أزلنا النقطة لما استطعنا التمييز بينهما.

أقسام الجناس تبعاً للاختلاف في ترتيب الحروف

يسمّى الجناس المقلوب، ويُقسم إلى أربعة أنواع، وهي:

1- القلب الكلّي: حيث يكون ترتيب الحروف في أحد اللفظين معكوساً بشكلٍ كلّي، كقول الشاعر العباس بن الأحنف:

حُسامكَ فيه للأحبابِ فتحُ
ورُمحكَ فيهِ للأعداءِ حَتْفُ

فاللفظان المتجانسان هما (فتح وحتف)، والجناس مقلوبٌ بشكلٍ كلّي بسبب انعكاس الحروف كلّها.

2- القلب الجزئي: يكون فيه ترتيب الحروف معكوساً بشكلٍ جزئي، كقوله عليه الصلاة والسلام: “اللهمّ استر عوراتنا، وآمن روعاتنا”، فاللفظان (عوراتنا وروعاتنا) بينهما جناس قلبٍ جزئي، لأن انعكاس الترتيب جزئي.

3- المجنّح: يكون الاختلاف في ترتيب الحروف، حيث يكون اللفظ الأول في أول البيت والثاني في آخره، فكأن للبيت الشعري جناحان، ومنه قول الشاعر شمس الدين محمد بن العفيف:

ساقٍ يريني قلبه قسوةً
وكلُّ ساقٍ قلبهُ قاسِ

فالجناس بين اللفظ (ساق) الذي وقع في أول البيت، ولفظ (قاس) الذي وقع في آخره، وقد اختلف ترتيب الحروف في كليهما.

4- المستوي: يسمّى أيضاً “مالا يستحيلُ بالانعكاس”، حيث لا تتغير فيه الكلمة، حتى لو عُكست، وبُدئ من الحرف الأخير للأول، كقوله تعالى: ﴿كلٌّ في فَلَكٍ يسبحون﴾ {الأنبياء 33}، فيمكن عكس التركيب، ويكون الكلام نفسه. [1] [7]

جماليات الجناس

الجناس لون من ألوان الجمال الموسيقي، وذلك من خلال تكرار الحروف في الكلمات واختلاف المعاني، فيشدُّ انتباه المتلقي لمعرفة المعاني المختلفة للكلمات، فيعيش المتلقي لحظة اندهاشٍ واستغراب عندما تعاد الصورة اللفظية للكلمات مع اختلاف المعاني. [1] [4]

المراجع البحثية

1- عيسى علي العاكوب. (2005). الجناس. المفصل في علوم البلاغة العربية (pp. 632–639). essay, مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية. Retrieved May 19, 2024

2- ابن حجة الحموي ، أبو بكر بن علي، (1874). أنواع الجناس .خزانة الأدب وغاية الأرب (p. 27). كتبة إسرائيل الوطنية. Retrieved May 19, 2024

3- عبد العزيز عتيق. (n.d.-a). الجناس. علم البديع(pp. 197–199). essay, دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان. Retrieved May 19, 2024

4- سليمان صباح السيدة. (n.d.). الجناس. المعمار المملوكي بين هندسة اللفظ وهندسة الشكل (pp. 111–113). .مكتبة الأنجلو المصرية، Retrieved May 19, 2024

5- دار الكتب العلمية. (2019). الجناس. شرح القصيدة الميمية للآثاري في مدح خير الرسل صلى الله عليه وسلم. (p. 313). Retrieved May 19, 2024

6- عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني الدمشقي. الجناس (1996). البلاغة العربية. (pp. 194–196). دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت. Retrieved May 19, 2024

7- إميل بديع يعقوب. (2006). الجناس. موسوعة علوم اللغة العربية 1-10 مع الفهارس ج5 (pp. 119–120). دار الكتب العلمية. Retrieved May 19, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.