Skip links
أشعة الضوء الصادرة من الشمس للأرض

الضوء – طبيعته، وكيف ينتقل من الشمس للأرض؟

الرئيسية » الفيزياء » الضوء – طبيعته، وكيف ينتقل من الشمس للأرض؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

متى بدأت دراسة الضوء (علم البصريات)؟

منذ 1000 عام تقريباً ألّف عالمٌ عربي أكثر من 100 عمل في مجال البصريات (Optics)، والفلك، والرياضيات، والفلسفة الدينية على الرغم من أنه يمكن القول إنه أحد أعظم العلماء في كل العصور، إلا أن اسمه غير معروف كثيرًا خصوصاً للأشخاص الذين يعيشون اليوم في الدول الغربية. يُشار إليه أحيانًا باسمه الأخير، ابن الهيثم (Ibn al-Haytham)، لكنه يُدعى في أغلب الأحيان باسمه الأول، الحسن (Alhazen)، ولد ابن الهيثم في البصرة بالعراق عام 965 م، وتوفي حوالي عام 1040م.

أشهر أعماله، كتاب المناظر (Al-Manazir) الذي يعتبر المرجع الأول في البصريات، ففي هذا الكتاب تحدث ابن الهيثم عن صفات وخصائص الضوء، وفسر الرؤية بالشكل العلمي الدقيق بعيداً عن التفسير اليوناني القديم الذي كان يعتقد أن الرؤية تحدث عندما يسقط الضوء من العين إلى الشمس، بالمقابل أثبتت أبحاث ابن الهيثم أن العكس هو الصحيح، فالرؤية تحصل عندما يسقط الضوء من الجسم إلى العين، وهذا يفسر رؤيتنا للنجوم، فضوء النجم هو من يصل للعين وليس العكس.

كما وصف ابن الهيثم انكسار الضوء وتحلله إلى الألوان المكونة له، وهي أفكار تُنسب خطأ إلى إسحاق نيوتن، وقال جيم الخليلي (Jim Al-Khalili) أستاذ الفيزياء في جامعة سري بالمملكة المتحدة: «من المؤكد أنه في مجال البصريات، وقف نيوتن على أكتاف مؤلفات عملاق عاش قبل 700 عام، وهو الحسن ابن الهيثم».

الدراسات التي لحقت ذلك اعتمدت على الأسس التي وضعتها أعمال ابن الهيثم، ولكن هذه الفترة كان السؤال الأكثر جدلاً هو “ما هي طبيعة الضوء الذي يدخل إلى عين الإنسان؟” [1]

طبيعة الضوء

تمّت مناقشة نظريتين شائعتين حول طبيعة الضوء لسنواتٍ عديدة، حيث كان السير إسحاق نيوتن من بين المؤيدين الرئيسيين للنظرية التي تقترح أن الضوء يتكون من جسيماتٍ صغيرة، بينما المدرسة الثانية تفترض أن الضوء هو موجات (waves)، مثل: الموجات الصوتية، وكان من أهمّ المدافعين عن هذه الفكرة عالم الطبيعة الإنجليزي روبرت هوك (Robert Hooke).

وفي عام 1801 أجرى توماس يونج (Thomas Young) تجربةً علميةً كلاسيكيةً شهيرة ساعدت في إثبات الطبيعة الموجية للضوء، حيث كان يونغ مثل ابن الهيثم، يعتمد المنهج التجريبي والقياسي، فكان يعمل في غرفةٍ مظلمة، ولا يسمح للضوء بالدخول إلا من خلال ثقبٍ صغيرٍ في غطاء النافذة، أعاد يونج تركيز شعاع الضوء بالمرايا، وقسم الشعاع ببطاقةٍ رقيقة الورق، وتمّ بعد ذلك عرض أشعة الضوء المنقسمة على شاشة، وشكلت نمطًا متناوبًا من الضوء والظلام، مما كان علامة على أن الضوء كان بالفعل موجة.

وبعد حوالي 100 عام من تجارب يونغ، في عام 1905، قادت تجارب جديدة قام بها ألبرت آينشتاين إلى استنتاج أن الضوء يُظهر خصائص مزدوجة لكل من الموجات والجسيمات. إن نظرية آينشتاين ذات الطبيعة المزدوجة للضوء أصبحت الآن مقبولةً بشكلٍ عام من قبل العلماء. [2]

كيف ينتقل الضوء من الشمس للأرض؟

الجدل حول انتقال الضوء من الشمس إلى الأرض كان قديماً جداً، فهذه الفكرة تحدث عنها أرسطو (Aristotle) الذي افترض أن الضوء لا يحتاج لوقتٍ ليصل للأرض إنما يصل بشكلٍ لحظي وآني، بينما إمبيدوكليس (Empedocles) خالف أرسطو، واقترح أن ضوء الشمس يجب أن يستغرق بعض الوقت للوصول إلى الأرض.

لاحقًا جادل هيرون (Heron) الإسكندري بأن سرعة الضوء ربما تكون لا نهائية لأن الأجسام البعيدة، والنجوم وما إلى ذلك، تظهر فورًا عندما تفتح عينيك، بالإضافة إلى ذلك، صاغ هيرون في النهاية مبدأ أقصر طريق للضوء، وهو ينصُّ على أنه إذا كان على الضوء أن ينتقل من النقطة a إلى النقطة b، فسوف يسلك دائمًا أقصر طريق ممكن. علماً أن هذه الأفكار سادت مئات السنين حتى جاء الحسن ابن الهيثم وغير فهمنا عن الضوء، وابتكر المنهج التجريبي لوضع النظريات.

وفي القرن السابع عشر، توصل يوهانس كيبلر (Johannes Kepler) إلى استنتاجٍ مفاده أنه إذا كانت سرعة الضوء محدودة، فيجب أن تكون الشمس والأرض والقمر خارج المحاذاة أثناء خسوف القمر، وبما أن هذا لم يحدث، فالضوء يملك سرعةً لانهائية، ويصل بشكلٍ آني للأرض، وقد وافق العالم ديكارت (Descartes) كلاً من أرسطو وكيبلر، وأضاف ديكارت إلى افتراض أن سرعة الضوء لا نهائية أو لحظية، بل إنها تتسارع عبر وسط أكثر كثافة.

المحاولات الأولى التجريبية لمعرفة طريقة انتقال الضوء

إحدى أولى المحاولات الجادة لقياس سرعة الضوء جاءت من العالم الهولندي إسحاق بيكمان (Isaac Beeckman)، وذلك في عام 1629 م، وباستخدام مصدر ضوء هو انفجار البارود، حيث قام بوضع المرايا على مسافاتٍ مختلفة من الانفجارات، وسأل المراقبين عما إذا كان بإمكانهم رؤية أي اختلافٍ في وقت انعكاس وميض الانفجار من كل مرآة بأعينهم، وكما يمكنك أن تتخيل، كانت النتائج غير حاسمة إلى حدٍّ ما.

تجربة غاليليو لدراسة الضوء

في عام 1638م لخّص غاليليو العظيم، في كتابه «علمان جديدان»، الموقف الأرسطي عن سرعة الضوء بدقةٍ شديدة، حيث قال: “تُظهر التجربة اليومية أن انتشار الضوء يحدث لحظيًا؛ لأننا عندما نرى قطعةً مدفعيةً تُطلَق من مسافةٍ بعيدة يصل وميضها إلى أعيننا دون مرور زمن؛ وكتب: “لكن الصوت يصل إلى الأذن فقط بعد فترةٍ زمنيةٍ ملحوظة”.

ومضى جاليليو في استنتاج أنه لا يمكن في الواقع استخلاص أي شيء يتعلق بسرعته بمجرد مراقبة الضوء، ولم يكتف غاليليو بما ذكره من دراسات أرسطو إنما أضاف لمسته الخاصة، فكانت فكرة جاليليو لقياس سرعة الضوء مبسطةً ومبدعةً بشكلٍ مدهش، حيث اقترح وجود شخصين على مسافةٍ معروفة من بعضهما البعض مع فوانيس مغطاة.

كانت الخطة بسيطةً بشكلٍ ملحوظ، وهي على النحو الآتي: أولاً، يقوم أحد حاملي الفانوس بالكشف عن فانوسه، ثم الشخص الآخر الذي يراقب ضوء الفانوس الأول يكشف على الفور عن ضوئه، ويجب تكرار هذه العملية عدة مرات حتى يصبح المشاركون متدربين جيدًا على تحسين أوقات ردّ الفعل إلى أقل وقتٍ ممكن.

وبمجرد أن يعتادوا على هذه العملية، كان عليهم تكرار العملية على مسافاتٍ أكبر حتى يحتاجوا أخيرًا إلى التلسكوبات لرؤية أضواء فانوس بعضهم البعض، وكان هذا لتمكين التجربة من اكتشاف ما إذا كان هنالك في الواقع، فاصل زمني محسوس، بالتالي هنالك سرعة لانتقال الضوء أم إن الانتقال يحدث بشكلٍ آني ولحظي، بالتالي للضوء سرعة لا نهائية أو لنَقل يُخلق الضوء بذات اللحظة.

ووفق هذه التجارب لم يتمكن غاليليو من اكتشاف أي فارقٍ زمني ملموس، كما نتوقع اليوم بالنظر إلى سرعة الضوء، وخلص إلى أن الضوء “إن لم يكن لحظيًا، فهو سريعٌ للغاية”، ويعتقد أنه استخدم الساعة المائية لقياس الفارق الزمني للتجربة. ومع ذلك، فقد تمكن من استنتاج أن الضوء يجب أن يتحرك أسرع بعشر مرات على الأقل من الصوت. [3]

المراجع البحثية

1- David L. Shenkenberg, Features Editor, david.shenkenberg@laurin.com. (2014, January 10). Before Newton, there was Alhazen. Retrieved June 21, 2024

2- Carpi, A., PhD, & Egger, A. E., PhD. (2017, February 12). Alhazen: Early experiments on light. Visionlearning. Retrieved June 21, 2024 3

3- McFadden, C. (2017, April 25). Physics in a nutshell: a brief history of the speed of light. Interesting Engineering. Retrieved June 21, 2024

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.