Skip links
جملة: علم البديع، رد العجز على الصدر

علم البديع ـ ردُّ العجز على الصَّدر وأنواعه

الرئيسية » المقالات » اللغة العربية » علم البديع ـ ردُّ العجز على الصَّدر وأنواعه

ما هو تعريف ردُّ العجز على الصَّدر؟

يعرّف الصّدر في اللغة أنه أول الكلام، والعجز هو آخر الكلام، وفي الاصطلاح البلاغي، فهو عبارةٌ عن كلامٍ وُجدَ في نصّه الأخير لفظ موجودٌ في أول الكلام، وهذان اللفظان المكرران قد يكونان متماثلين في اللفظ والمعنى، أو بينهما تماثلٌ في الاشتقاق، أو شبه الاشتقاق، أو بينهما جناسٌ في اللفظ دون المعنى، وهو من المحسّنات البديعية التي تأتي في الشعر، والنثر، ويسمّى أيضاً (التصدير والترديد). [1]

أنواع ردّ العجز على الصّدر في النثر

وهو أن يُجعَلُ أحد اللفظين المكررين، أو المتجانسين لفظاً لا معنى، أو الملحقين بالمتجانسين، (وهما اللذان يجمعهما الاشتقاق أو شبه الاشتقاق) في أول الفقرة، والآخر في آخرها، ومن ذلك: [2] [3]

1- أن يكون اللفظان مكررين في العجز والصدر

كقوله تعالى: ﴿ويخشَى الناسَ واللهُ أحقُّ أن تَخْشاه﴾ {الأحزاب 37}، فقد جُعل أحد اللفظين المكررين في أول الفقرة، والثاني في آخرها، وكقول أحد البلغاء: “الحيلةُ تركُ الحيلة”.

2- أن يكون اللفظان متجانسين

كقول بعضهم: “سائلِ اللئيمَ يرجعْ ودمعهُ سائل”، فإن الكلمة التي وردت في أول الكلام (سائل) تعني السؤال والطلب، وكلمة (سائل) التي جاءت في آخر الكلام بمعنى السَّيلان، وهما متفقتان في الصورة مختلفتان في المعنى.

3- أن يكون اللفظان ملحقين بالمتجانسين اشتقاقاً

كقوله تعالى: ﴿اسْتَغفروا ربَّكُمْ إنّهُ كان غفَّارا﴾  {نوح 10}، فإن اللفظين (استغفروا، غفّارا) مشتقان من مصدرٍ واحدٍ هو الغُفران.

4- أن يكون اللفظان الملحقان بالمتجانسين (شبه اشتقاق)

كقوله تعالى: ﴿قالَ إنّي لعَمَلِكُم منَ القالين﴾ {الشعراء 168}، فإن كلمتي (قال) و(القالين) شبه اشتقاق، حيث إن حروفهما أصلية، وهي (القاف، واللام)، ولكنهما يختلفان في المصدر، فقال من القول، والقالين من القِلى، وهو البغض والكراهية.

أنواع ردُّ العجز على الصدر في الشعر

له أربعة أنواع، وهي: [4]

1- أن يكون أحدُ اللفظين المكررين

– في أول الصدر والثاني في آخر العجز، كقول الشاعر الأقيشر الأسدي:

سَريعٌ إلى ابنِ العمّ يلطمُ وجههُ
وليسَ إلى داعي النَّدى بسَريعِ

فقد جاء اللفظ المكرر (سَريع)، والتي هي من السرعة وخفة الحركة في أولِ صدر البيت، وآخرِ عجزه.

– في آخر العجز، والثاني في حشو الصدر، كقول الشاعر الصُّمّة القشيري:

تمتّعْ من شميمِ عَرارِ نجدٍ
فما بعدَ العشيّةِ من عَرارِ

فقد جاءت كلمة (عَرار) التي تعني الشجيرة ذات الرائحةٍ الزكية مكرّرةً في حشو الصدر وآخر العجز.

– في آخر العجز والثاني في آخر الصدر، كقول الشاعر أبو تمام:

ومن كان بالبيضِ الكواعبِ مُغْرما
فما زلتُ بالبيضِ القواضبِ مُغْرما

فقد جاء لفظ (مُغرما)، وهي تعني الحب والتعلُّق مكرراً في آخر العجز والصدر.

– في آخر العجز، والثاني في أوله، كقول الشاعر ذو الرمّة:

وإن لم يكنْ مُعْرَّجَ ساعةٍ
قليلاً فإنّي نافعُ لي قليلُها

فإن اللفظ (قليل)، قد جاء مكرراً في أول العجز وآخره. 

2- اللفظان المتجانسان لفظاً لا معنى

 ومنه ما يلي:

– أن يكون أحد اللفظين المتجانسين في مستهلّ الصدر، والثاني في آخر العجز، كقول الشاعر:

يسارٌ من سجيّتها المنايا
ويُمنى من عطيّتها اليسارُ

فإن معنى كلمة (يسار) التي وردت في أول الصدر الطيور الجارحة، ومعنى كلمة (يسار) التي وردت في آخر العجز اليُسر والسهولة.

– أن يكون أحدُ اللفظين المتجانسين في آخر العجز والثاني في حشو الصدر، كقول الشاعر الثعالبي:

وإذا البلابلُ أفصحتْ بلغاتها
فانفِ البلابلَ باحتساءِ بلابلِ

فقد جاءت كلمتا (البلابل) الأولى في عجز الصدر، وتعني الطيور المعروفة، أما (البلابل) الثانية، فقد جاءت في آخر العجز، وتعني أباريق الخمر.

– أن يكون أحد اللفظين المتجانسين في آخر العجز، والثاني في آخر الصدر، كقول الحريري:

فمشغوفٌ بآياتِ المثاني
ومفتونٌ برنّات المثاني

فقد جاءت كلمة (المثاني) في آخر الصدر بمعنى آياتُ القرآن، وفي آخر العجز بمعنى أوتار المزامير.

– أن يكون أحد اللفظين في آخر الصدر، والثاني في مستهلّ العجز، كقول الشاعر الأرجاني:

أمّلتهُمْ ثمّ تأمّلْتهم
فلاحَ لي أنْ ليسَ فيهمْ فَلاحُ

فقد جاءت كلمة (فلاح) التي بمعنى ظهر في مستهلّ العجز، أما الثانية، فقد جاءت بمعنى النجاح في آخر العجز.

3- اللفظان الملحقان بالمتجانسين اشتقاقاً

– أن يكون أحد اللفظين الملحقين بالمتجانسين اشتقاقاً في مستهلّ الصدر، والآخر في آخر العجز، كقول الشاعر:

ضرائبُ أبدعتَها في السّماحِ
فلسنا نرى لكَ فيها ضَريبا

جاءت كلمة (ضرائب) في مستهلّ الصدر بمعنى سجايا أو طبائع، أما كلمة (ضريبا)، فقد جاءت في آخر العجز بمعنى المثيل أو الشبيه، ويجمعهما الاشتقاق الواحد من الحروف الأصلية (الضاد، والراء، والباء).

– أن يكون أحد اللفظين الملحقين بالمتجانسين اشتقاقاً في حشو الصدر، والآخر في آخر العجز، كقول الشاعر امرئ القيس:

إذا المرء لمْ يخزُنْ عليهِ لسانهُ
فليسَ على شيءٍ سواهُ بخزّانِ

جاءت كلمة (يخزن) في حشو الصدر بمعنى يمسك، أما كلمة (خزّان) فقد جاءت في آخر العجز بمعنى ما يُجمع فيه الماء، فقد اتفقتا في شبه الاشتقاق من الحروف الأصلية (الخاء والزاي، والنون).

– أن يكون أحد اللفظين الملحقين بالمتجانسين اشتقاقاً في آخر الصدر والآخر في آخر العجز، كقول الشاعر أبي عيينة الهلّبي:

فدعِ الوعيدَ فما وعيدكَ ضائري
أَطنينُ أجنحةِ الذُّبابِ يُضيرُ

جاء اللفظان (ضائر، ويُضير) الأول في آخر الصدر، والثاني في آخر العجز، ويجمعهما الاشتقاق.

– أن يكون أحد اللفظين المتجانسين اشتقاقاً في أول العجز، والآخر في آخره، كقول الشاعر أبي تمام:

وقد كانتِ البيضُ القواضبُ في الوغى
بواترُ وهي الآن من بعدهِ بُتْرُ

فقد جاء اللفظان (بواتر، بُتْر) الأول في أول العجز، والثاني في آخره، وهما مُشتقان من الحروف الأصلية (الباء، والتاء، والراء).

4- أن يَجمع اللفظين المتجانسين شبه اشتقاق

ومنه ما يلي:

– أحدهما في مستهلّ الصدر، والآخر في آخر العجز، كقول الشاعر الحريري:

ولاحَ يَلْحى على جري العِنانِ إلى
ملهى فسحْقاً لهُ من لائحٍ لاحِ

إن كلمة (لاحَ) هي فعلٌ ماض بمعنى ظهر، وقد جاءت في مستهلّ الصدر، وكلمة (لاحِ) هي اسم فاعل بمعنى البعيد، وقد جاءت في آخر العجز، وقد جمعهما شبه الاشتقاق.

– أحدهما في حشو الصدر، والآخر في آخر العجز، كقول الشاعر أبي العلاء المعري:

لوِ اختصرتمْ من الإحسانِ زُرْتكُمْ
والعذبُ يُهجَرُ للإفراطِ في الخَصَرِ

جاءت كلمة (اختصرتم)، في حشو الصدر، أما كلمة (الخَصَر)، فقد جاءت في آخر العجز بمعنى البرودة، ويجمعهما شبه الاشتقاق.

– أحدهما في آخر الصدر، والثاني في آخر العجز، كقول الشاعر الحريري:

ومُضطلِعٍ بتلخيصِ المعاني
ومطّلعٍ إلى تخليصِ عاني

جاءت كلمة (المعاني)، والتي تعني المقاصد في آخر الصدر، أما كلمة (عاني)، والتي تعني الأسير، فقد جاءت في آخر العجز، ويجمعهما شبه الاشتقاق.

– أحدهما في مستهلّ العجز، والآخر في آخره، كقول الشاعر:

لَعَمْري، لقد كان الثُّريّا مكانه
ثراءَ فأضحى الآن مثواهُ في الثّرى

جاءت كلمة (ثراء)، والتي تعني الثراء والغنى في مستهلّ العجز، أما كلمة الثَّرى، والتي تعني التراب، فقد جاءت في آخره، ويجمعهما شبه الاشتقاق.

المراجع البحثية

1- أحمد بن إبراهيم الهاشمي ،السيد، ملا محمد النوغراني. (2017). التصدير أو ردّ العجز على الصدر. توضيح شواهد جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع (pp. 189–190). دار الكتب العلمية. Retrieved May 26, 2024

2- يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم. (1995). الصنف الرابع ردّ العجز على الصدر. كتاب الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز (pp. 390–393). دار الكتب العلمية. Retrieved May 26, 2024

3- عبد العزيز عتيق. (n.d.). أقسام الجناس. علم البديع. essay, دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان. Retrieved May 26, 2024

4- عيسى علي العاكوب. (2005). ردّ العجز على الصدر .المفصل في علوم البلاغة العربية (pp. 641–  645). مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية. Retrieved May 26, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.