Skip links
بنت وصبي يضعان أيديهم أعلى رأسهم ويقفان على جانبي مقياس الطول الموجود على الحائط

قصر القامة عند الأطفال – كيف يتمُّ تشخيصه؟ ما هو علاجه؟

الرئيسية » الطب » طب الأطفال » قصر القامة عند الأطفال – كيف يتمُّ تشخيصه؟ ما هو علاجه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ التقييم الدقيق للطول أمراً بالغ الأهمية في تقدير صحة الطفل، وقد يعكس قصر القامة في مرحلة الطفولة (Childhood short stature) وجود مشاكل نفسية واجتماعية، أو يكون مؤشراً على وجود إهمالٍ واضطهادٍ للطفل، أو ناتجاً عن وجود مرضٍ كامن (غالباً ما يسبق قصر القامة الأعراض والعلامات الأخرى)، أو قد يكون سليماً، كما في حال قصر القامة العائلي. ويمكن تمييزه عن قصر القامة المرضي من خلال التقييم الدقيق لطول الطفل والوالدين، ومن خلال إظهار معدل نموٍّ طبيعي، ويعتبر التشخيص المتأخر للاضطرابات القابلة للعلاج، والتي تسبّب تأخر النمو الطولي المبكر أمراً شائعاً، مما يحدُّ من خيارات العلاج، ويؤدي إلى نتائج سريريةٍ أسوأ.

إن معرفة العوامل الرئيسية المؤثرة على الطول في مختلف الأعمار مفيدة في تحديد سبب قصر القامة عند الطفل، ففي أول 2-3 سنوات من الحياة، يكون للتغذية التأثير السائد على الطول، وعلى الرغم من أن التغذية الكافية ضرورية للنمو حتى الوصول إلى طول البالغين، فإن هرمون النمو، وهرمون الغدة الدرقية هما العاملان الرئيسيان من حوالي عمر 3 سنوات إلى سن البلوغ، وأثناء مرحلة البلوغ تلعب كل من الهرمونات الجنسية الأستروجين (Estrogen)، والتستوستيرون (Testosterone)، وهرمون النمو دوراً في زيادة طول الطفل ونموه. [1]

كيف يتمُّ تشخيص قصر القامة عند الأطفال؟

يجب أن يتضمن التقييم الأولي لقصر القامة التاريخ الطبي، والفحص البدني، وتقييم النمو الدقيق، وحساب سرعة النمو، والطول الوسطي للوالدين، والتصوير الشعاعي لتقييم العمر العظمي.

1- التاريخ الطبي

الخطوة الأولى في تقييم الطفل المصاب بقصر القامة هي أخذ تاريخٍ طبي جيد، وينبغي الحصول على تاريخٍ شاملٍ يبدأ في فترات ما قبل الولادة وما حولها، بما في ذلك صحة الأم أثناء الحمل، والأدوية التي تمَّ أخذها، التدخين أو تعاطي الكحول والمخدرات، مدة الحمل، وزن الطفل وطوله عند الولادة.

وأي مضاعفاتٍ في الفترة التالية للولادة، ويعدُّ الحصول على التاريخ الطبي العائلي والحالات الوراثية، وقياس طول الوالدين أمراً بالغ الأهمية لتحديد الإمكانات الوراثية للنمو لدى الطفل، بالإضافة إلى ذلك يجب التأكد من توقيت حدوث مرحلة البلوغ عند الوالدين.

ويجب أيضاً السؤال عن التغذية واضطراباتها، بما في ذلك النظام الغذائي المُتّبع والشهية، وعن وجود مشاكل هضمية، كالإسهال، أو الإمساك، أو ألم في البطن، أو الإقياء، وأيضاً عن وجود اضطرابات في التعلم أو تأخر في النمو المعرفي والإدراكي، كما ينبغي السؤال عن الحالات المرضية المزمنة، كالأمراض القلبية، القصور الكلوي المزمن، الداء السكري من النوع الأول، وغيرها.

كما يجب السؤال عن الأدوية التي يتمُّ إعطاؤها للطفل، والتي قد تؤثر على النمو، على سبيل المثال: السيتروئيدات القشرية (Glucocorticoid) المستخدمة في تدبير الربو وداء الأمعاء الالتهابي، وأدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، ومضادات الاختلاج (Anticonvulsants). ويجب معرفة الظروف الاجتماعية في المنزل، والانتباه إلى وجود الإهمال أو غيره من العلامات التحذيرية، وخاصةً إذا كانت هناك مخاوف بشأن إساءة معاملة الأطفال.

2- الفحص السريري

 بالنسبة للفحص، فإن الميزات المهمة التي يجب البحث عنها:

1- قياس الطول الحالي للطفل، والأطوال السابقة.

2- التحقق من وزن الطفل، فالأطفال الذين يعانون من اضطرابات الغدد الصماء، مثل: نقص هرمون النمو، أو قصور الغدة الدرقية، أو زيادة السيتروئيدات القشرية، لديهم وزن طبيعي أو متزايد، في حين أن الأطفال الذين يعانون من أمراض جهازية يميلون إلى انخفاض الطول والوزن.

3- علامات الأمراض المزمنة، مثل: الإنتانات المتكررة، الطفح الجلدي، السعال المزمن، ضخامة العقد الليمفاوية، الشحوب، تمدد البطن.

4- البحث عن وجود أي تشوه، مثل: تدلي الأجفان، جبهة بارزة، انخفاض في ارتكاز الأذنين، وجه مثلثي الشكل، والتي قد تشير إلى وجود اضطرابٍ وراثي، أو وجود قصر قامة غير متناسب الأجزاء (الأطراف قصيرة بالنسبة للجذع أو العكس).

5- وجود علاماتٍ تدل على البلوغ، وهل هي مناسبة للعمر.

6- البحث عن أي علامات قد تدل على إساءة معاملة الطفل.

3- تقييم النمو (Evaluation of Growth)

يجب تقييم الطفل الذي يشتبه في أن قامته قصيرة من خلال أخذ قياسات دقيقة، وإسقاطها على مخطط النمو المناسب، وبالنسبة للرضع والأطفال الصغار، فيجب أخذ الوزن، والطول، ومحيط الرأس، وإسقاطها على مخططات النمو في كل زيارة.

أما بالنسبة للأطفال الذين يتجاوز عمرهم العامين، فيتمُّ أخذ الوزن، والطول، ومؤشر كتلة الجسم، وإسقاطها على مخططات النمو، ويجب قياس الطول باستخدام جهاز قياس الرضع المُدرّج وبالوضعية الأفقية عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين.

بينما ينبغي قياس الطول باستخدام مقياس الطول المثبت على الحائط عند الأطفال الأكبر من عامين، ويتمُّ وضع رأس الطفل على اللوحة الثابتة بحيث يكون مستقيماً، وينظر للأمام مباشرة، ويجب أن تكون ساقاه بوضعيةٍ مستقيمة مع وضع القدمين بشكلٍ مسطح، والكعبين على الحائط (بعد خلع الأحذية).

توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال باستخدام مخططات النمو الخاصة بمنظمة الصحة العالمية (WHO) للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، ومخططات النمو الخاصة بمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) للأطفال الأكبر من عامين.

4- الطول الوسطي للوالدين (Mid parental height (MPH))

الإمكانات الوراثية هي أفضل مؤشرٍ للطول النهائي للبالغين، ونستخدم طول الوالدين المتوسط لتقدير تقريبي لطول الطفل عندما يصبح شخصاً بالغاً، ويتمُّ حسابه بالسنتيمتر على النحو التالي:

1- بالنسبة للأولاد: (طول الأب + طول الأم + 13) / 2.

2- وبالنسبة للفتيات: (طول الأب + طول الأم – 13) / 2.

5- معدل النمو (Growth rate)

نظراً لأن الأطفال ينمون على شكل طفرات، فيلزم إجراء قياسين للطول بفاصلٍ لا يقل عن ثلاثة إلى ستة أشهر، ويُفضل أن يكون بفاصل ستة إلى 12 شهراً لتحديد سرعة النمو بدقة، وقد يشير الانخفاض بأكثر من نسبة مئوية واحدة من الطول إلى اضطراب في النمو. ويجب استخدام التصحيح الحملي للأطفال الخدج، وذلك حتى عمر عامٍ واحدٍ للأطفال المولودين بين 32-36 أسبوع حملي، وعمر سنتين للأطفال المولودين قبل الأسبوع 32 من الحمل.

6- العمر العظمي (Bone age)

يمكن أن يساعد في التنبؤ بالطول النهائي للبالغين عبر تقدير نضج الهيكل العظمي، وذلك من خلال تقييم تعظم مراكز مشاش العظام، ويجب مقارنة عمر العظام بالعمر الزمني لتضييق التشخيص التفريقي لقصر القامة، وتقارن الطريقة التقليدية الصورة الشعاعية الأمامية لليد اليسرى، والمعصم بمعايير أطلس جروليش بايل (Greulich Pyle atlas).

ويعتبر العمر العظمي متأخراً في حال وجود انحرافين معياريين عن العمر الزمني، ويمكن للعمر العظمي التوجيه إلى سبب قصر القامة، فالأطفال الذين يعانون من قصر القامة العائلي أو قصر القامة مجهول السبب لديهم عمر عظمي يعادل عمرهم الزمني.

والأطفال الذين يعانون من تأخر النمو البنيوي، أو اضطرابات الغدد الصماء لديهم عمر عظمي أقل من عمرهم الزمني، ونظراً لأن العمر العظمي للطفل المصاب بأمراض الغدد الصماء سوف يتأخر تدريجياً عن العمر الزمني، فإن حساب عمر العظام كل 12 شهر قد يكون مفيداً للتمييز بين تأخر النمو البنيوي وأمراض الغدد الصماء.

7- التحاليل المخبرية

إذا كان التقييم الأولي للطفل يشير إلى وجود اضطرابٍ وراثي، أو غدّي، أو معوي، فيجب إجراء التحاليل المخبرية الأساسية الضرورية للتشخيص، وتشمل:

– تعداد الدم الكامل: ويضمُّ كريات الدم الحمراء، والبيضاء، والصفيحات الدموية والخضاب، ويفيد في تشخيص فقر الدم الذي قد يؤثر على نمو الطفل.

– البولة والكرياتينين والشوارد للتأكد من سلامة وظيفة الكلية، واختبارات وظائف الكبد.

– سرعة تثفل الكريات الحمراء، والبروتين الارتكاسي C، وتفيد في الحالات الالتهابية المزمنة.

– اختبارات محددة لتشخيص الأمراض الكامنة، مثل: معايرة أضداد الزلاقي، وعامل النمو الشبيه بالأنسولين (IGF-1)، والهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH)، والتيروكسين الحر (T4)، وفيتامين D.

– الكالسيوم، والفوسفات، والفوسفاتاز القلوية.

– فحص البول ومستوى الأس الهيدروجيني (pH) للبول، ويفيد في تشخيص الحماض الأنبوبي الكلوي.

– اختبار تحفيز هرمون النمو: يتمُّ استخدام الأدوية لتحفيز إنتاج هرمون النمو، ثم يتمُّ سحب عينات دمٍ صغيرة كل 30 دقيقة على مدار عدة ساعات.

8- التقييم الجيني (Genetic evaluation)

في حال عدم القدرة على معرفة السبب الكامن وراء قصر القامة عن طريق الفحص السريري والتحاليل المخبرية والشعاعية، فيمكن استخدام الاستشارة والاختبارات الوراثية، مثل: الصيغة الصبغية (Karyotype)، وتفيد في تشخيص متلازمة تورنر، وفحص الصبغيات الدقيقة (Chromosomal microarray) لتشخيص التشوهات البنيوية الصبغية، وتحليل تسلسل الإكسوم (Exome sequencing) لإجراء فحصٍ وراثي أوسع. [1] [2] [3] [4] [5]

كيف يتمُّ علاج قصر القامة عند الأطفال؟

يعتمد علاج قصر القامة على السبب الكامن وراء هذه الحالة، وأيضاً على عمر الطفل، وصحته، وتاريخه الطبي، وفي كثيرٍ من الأحيان كل ما يحتاجه الأطفال هو المراقبة الدقيقة لنموهم وتطورهم، وأما في الحالات الناجمة عن سوء التغذية، فيتمُّ تقديم النظام الغذائي الملائم والداعم، وفي حال الإصابة بقصور الغدة الدرقية، فيتم البدء في تناول بديل الثيروكسين (Thyroxine replacement). أما في حال الإصابة بالداء الزلاقي، فيتمُّ اتباع نظامٍ غذائي خالٍ من الجلوتين، وتشمل بعض الخيارات العلاجية المتاحة:

1- هرمون النمو (Growth hormone)

تمَّت الموافقة على استخدام هرمون النمو من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في علاج عددٍ من أسباب قصر القامة، بما في ذلك قصر القامة مجهول السبب، ونقص هرمون النمو، ومتلازمة تيرنر، وبرادر ويلي، ومتلازمة نونان، وأمراض الكلى المزمنة، وعند الأطفال المولودين صغاراً بالنسبة لعمر الحمل مع عدم القدرة على تعويض النمو في سن الثانية، أو في حال قصر القامة الشديد الذي يعوق ممارسة الأنشطة اليومية.

ويعتبر هرمون النمو آمناً بشكلٍ عام عند استخدامه ضمن دواعي استعماله المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء، وتشمل الآثار الجانبية الشائعة آلام الأطراف السفلية (مشابهة لآلام النمو)، وضخامة الثدي، وتفاقم الجنف الموجود مسبقاً، ومن التأثيرات النادرة، ولكن الشديدة حدوث ورمٍ كاذبٍ في المخ، وانزلاق عظم الفخذ، وتفاقم مقاومة الأنسولين والسكري.

ويمكن أن يكون قرار العلاج بهرمون النمو قراراً معقداً، ويعتبر هرمون النمو باهظ الثمن، وبعد ستة أشهر إلى سنة من العلاج، يحدد الطبيب ما إذا كان العلاج مفيداً، وبناءً على النتائج يقرر ما إذا كان يجب مواصلة العلاج، ويمكن استخدام هرمون النمو لعلاج الأطفال الصغار، مثل: الرضع.

واعتماداً على الاستجابة، يمكن إعطاؤها خلال فترة البلوغ، لذلك فقد يحصل الطفل على حقنٍ يومية لسنوات عديدة، وفي حال لم يستجب الطفل، فليس هناك سبب لمواصلة الجرعات اليومية، ولكن في حال الاستجابة، وكان هناك تحسُّن في سرعة النمو، فيتمُّ الاستمرار بالعلاج عموماً حتى تلتحم العظام، وهو حوالي سن 16 عاماً للذكور، و14 عاماً للفتيات.

2- أوكساندرولون (Oxandrolone)

وهو عبارة عن سيتروئيد منشط يُعطى عن طريق الفم أثبت أنه يزيد من سرعة النمو، ولكنه لا يؤثر على الطول النهائي.

3- عامل النمو الشبيه بالأنسولين (Insulin like growth factor)

ويستخدم عند الأطفال الذين يعانون من نقصه.

4- مثبطات الأروماتاز (Aromatase inhibitors) 

على الرغم من استخدام مثبطات الأروماتاز ​​عند الأطفال الذين يعانون من قصر القامة مجهول السبب، إلا أن البيانات المتعلقة بالفعالية والسلامة على المدى الطويل غير متوفرة. [3] [4] [5] [6]

المراجع البحثية

1- Storr, H, L. Freer, J. Child, J. Davies, J, H. (2023, March 2). Assessment of childhood short stature: a GP guide. British Journal of General Practice. Retrieved July 4, 2024

‌2- Tidy, C. (2023, April 21). Short stature. Patient. Info. Retrieved July 4, 2024

3- Short stature. (n.d.). Retrieved July 4, 2024

4- Barstow, C. Rerucha, C. (2015). Evaluation of Short and Tall Stature in Children. American Family Physician. Retrieved July 4, 2024

5- Short stature in the prepubescent child. (2021, March 25). Retrieved July 4, 2024

6- When to be concerned about short stature in children: A Q&A with Dr. Lina Merjaneh. (n.d.). Retrieved July 4, 2024

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.