Skip links

داء الزهري الخلقي – التشخيص، العلاج وكيفية الوقاية منه؟

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » داء الزهري الخلقي – التشخيص، العلاج وكيفية الوقاية منه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ الزهري الخلقي (Congenital syphilis) من الاضطرابات المرضية الخطيرة التي عادت للانتشار الواسع خلال السنوات السابقة على الرغم من كل التدابير المتخذة للوقاية منه، وتقدر منظمة الصحة العالمية (WHO) أن حوالي مليوني امرأة حامل تصاب بالزهري كل عام في جميع أنحاء العالم.

وبدون العلاج المناسب ستنتقل العدوى إلى أطفالهن، ويكتسب الرضيع مرض الزهري الخلقي من الأم المصابة عن طريق انتقال الجرثومة اللولبية الشاحبة عبر المشيمة أثناء الحمل أو عند الولادة نتيجة ملامسة الآفات والتقرحات عند الأم، ويمكن أن تؤدي العدوى داخل الرحم إلى الإجهاض أو ولادة جنينٍ ميت، أو استسقاء الجنين، أو الولادة المبكرة، أو قد تكون بدون أعراض عند الولادة.

والشكل المبكر من الزهري الخلقي هو عندما تظهر الأعراض السريرية قبل عمر عامين، وأما الزهري الخلقي المتأخر، فهو عندما تحدث الأعراض بعد عامين من العمر، ويتعرض الأطفال المولودون بمرض الزهري لخطرٍ كبيرٍ للإصابة بالإعاقات الجسدية، والتنموية، والذهنية، والوفاة، وإن فحص جميع النساء الحوامل بحثاً عن مرض الزهري، وتوفير العلاج المبكر للنساء المصابات ولشركائهن أثناء الرعاية السابقة للولادة يمكن أن يمنع تماماً مرض الزهري الخلقي. [1] [2]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بداء الزهري الخلقي؟

1- تقييم الأم

يتضمن الفحص الروتيني للأمراض المعدية قبل الولادة اختبارات لمرض الزهري، إلى جانب فيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد الوبائي B، ويتمُّ اكتشاف معظم حالات الزهري الأمومي بهذه الطريقة، ويجب إيلاء اهتمامٍ خاص عند التعامل مع النساء الحوامل اللواتي لم يتلقين رعاية كافية خلال الحمل، وذلك لضمان إجراء الاختبارات اللازمة لتشخيص داء الزهري، والتصرف بناءً عليها، وتشمل هذه الاختبارات:

اختبارات مختبر أبحاث الأمراض التناسلية (Venereal Disease Research Laboratory test (VDRL))

يقيس مستوى الأجسام المضادة للفوسفوليبيد، والذي يمكن إجراؤه على الدم أو السائل الدماغي الشوكي، ولا يُستخدم VDRL كاختبار الفحص الوحيد، فقد يعطي نتائج إيجابيةً كاذبة في مجموعةٍ متنوعة من الحالات بما في ذلك أمراض النسيج الضام، والملاريا، والحمل، ويعتبر مفيداً لمراقبة العلاج نظراً لأن العيارات مرتفعة في المرض النشط، وتنخفض مع العلاج الفعال.

اختبار كاشف البلازما السريع (Rapid Plasma Reagin test (RPR))

ويستخدم للبحث عن الأجسام المضادة غير اللولبية (غير المباشرة)، حيث يكتشف هذا الاختبار المؤشرات الحيوية الصادرة عن الخلايا المتضررة من بكتيريا الزهري، وهذا يعكس نشاط المرض الحالي، وينخفض عند الاستجابة للعلاج المناسب.

اختبار تراص جسيمات اللولبية الشاحبة Treponema Pallidum) Particle Agglutination test (TP-PA))

هو عبارة عن مقايسة تراص غير مباشرة تساعد في تشخيص داء الزهري عن طريق تأكيد وجود الأجسام المضادة (IgG وIgM) للجرثومة اللولبية الشاحبة، ولكن هذا الاختبار لا يميز بين الأضداد من نوع IgG وIgM.

اختبار امتصاص الجسم المضاد التألقي للولبيات (Fluorescent Treponemal Antibody Absorption Test)

وهو تحليلٌ دمويّ يستخدم للكشف عن الأجسام المضادة للجرثومة اللولبية الشاحبة، وغالباً ما يتمّ إجراؤه بعد اختبار RPR)) و(VDRL).

المقايسة المناعية الإنزيمية الآلية Automated enzyme) immunoassay)

عبارة عن اختبار مناعي كيميائي حيوي يتمُّ فيه معايرة أضداد اللولبية الشاحبة في الدم، أو البول، أو اللعاب، ولكن يوجد إيجابية كاذبة في 25 بالمئة من الحالات، لذلك يتمُّ إجراء الاختبارات التكميلية الأخرى.

مقايسة التراص الدقيق للأجسام المضادة لجرثومة اللولبية الشاحبة

ويتمُّ استخدامه لتأكيد الإصابة بمرض الزهري بعد إجراء اختبارات الأخرى، وذلك في حال كانت نتيجة هذه الاختبارات إيجابية، ويستخدم للكشف عن الأجسام المضادة لجرثومة اللولبية الشاحبة، ومن الممكن استخدامه للكشف عن مرض الزهري في جميع مراحله، إلا في حال الأسابيع الثلاثة الأولى من الإصابة، ولا يتمّ إجراء هذا الاختبار على السائل الدماغي الشوكي.

اختبار تراص اللولبية الشاحبة (Treponema Pallidum Hemagglutination (TPHA))

وتستخدم في هذا الاختبار خلايا الدم الحمراء المغلفة بمستضدات اللولبية الشاحبة، وفي حال تفاعل هذه المستضدات مع مصل المريضة، فهذا يشير إلى وجود أجسام مضادة للجرثومة اللولبية الشاحبة لديها، وبما أن الأجسام المضادة اللولبية تستمر بعد العدوى، فإن TPHA مفيد في تشخيص مرض الزهري الثانوي، والثالثي، والمتأخر.

الفحص المجهري بالساحة المظلمة (Dark field microscopy)

هو طريقة سريعة لتشخيص الإصابة بداء الزهري، حيث يتمُّ أخذ عينةٍ من الآفات المتقرحة أو العقد الليمفاوية، وفحصها تحت المجهر بحثاً عن وجود اللولبية الشاحبة، وعلى الرغم من وجود طرقٍ أكثر تطوراً إلا أنه لا يزال يستخدم على نطاقٍ واسع، خاصةً في المراحل المبكرة من مرض الزهري، حيث تكون التحاليل المصلية سلبية.

تفاعل البولميراز المتسلسل للزهري (Syphilis PCR)

قد يكون إيجابياً في آفات الزهري المبكر، مثل: القرح التناسلية، والبقع المخاطية، الورم اللقيمي، ومن المهمّ تحديد مرحلة المرض عند الأم، لأن ذلك يعطي تقييماً للمخاطر التي يتعرض لها الجنين، ويجب تحديد ما إذا كانت الأم مصابةً أيضاً بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب، حيث ثبت أن ذلك يؤثر على مسار الإصابة بمرض الزهري لدى كل من الأم والوليد، ويجعل العدوى عند الوليد أكثر احتمالاً.

ويعدُّ علاج الأم فعالاً جداً في الوقاية من مرض الزهري الخلقي إذا تمّ إعطاء دورة كاملة في وقتٍ مبكر من الحمل، ويتمُّ تعريف العلاج المناسب على أنه إعطاء مستحضر البنسلين (Penicillin) حقناً، والذي يعطى للمدة المطلوبة تبعاً لمرحلة المرض، ويعدُّ البنسلين بالحقن آمن جداً بالنسبة للأم (خطر الحساسية المفرطة المتوقع هو 0-3 لكل 100000حالة).

ولكن هناك احتمال متزايد لخطر الولادة المبكرة عند علاج مرض الزهري ذي الأعراض المبكرة في وقتٍ لاحقٍ من الحمل، وينبغي إكمال دورة العلاج الموصى بها قبل أكثر من 30 يوماً من الولادة، ويجب توثيق الانخفاض في عيار اختبار كاشف البلازما السريع (RPR) بعد العلاج إذا كان ذلك قابلاً للاكتشاف عند التشخيص، وتشمل حالات علاج الأم غير الكافي ما يلي:

1- العلاج لمدةٍ أقل من فترة العلاج المطلوبة باستخدام مستحضر البنسلين، وإذا تمّ تفويت أكثر من يومٍ واحدٍ من العلاج، فإن الدورة العلاجية غير كافية، ويجب البدء بها من جديد.

2- العلاج بأدويةٍ أخرى غير البنسلين.

3- في حال تمّت ولادة الرضيع بعد أقل من 30 يوماً من الانتهاء من دورة الصادات الحيوية.

4- عدم انخفاض عيارات RPR الأمومية بعد العلاج (إذا كانت إيجابيةً عند التشخيص).

5- في حال وجود خطر الإصابة مرةً أخرى من الشريك غير المعالج، أو عند وجود العلامات السريرية المتكررة.

2- تقييم الرضيع

في حال وجود أعراض سريرية للزهري الخلقي عند الرضيع، أو كانت النتائج المخبرية إيجابيةً عند الأم، أو عدم كفاية دورة العلاج لديها، أو كانت مصابةً بأعراض مرض الزهري الأولي قبل وقتٍ قصيرٍ من الولادة بغض النظر عن النتائج المصلية، فيتمّ إجراء التحاليل المخبرية والشعاعية التالية للرضيع:

1- تعداد الدم الكامل، تحليل وظائف الكلية، واختبارات وظائف الكبد.

2- البزل القطني للسائل الدماغي الشوكي.

3- اختبار كاشف البلازما السريع (RPR).

4- للدم والسائل الدماغي الشوكي.

5- معايرة أضداد اللولبية الشاحبة من نوع IgM.

6- اختبار تراص جسيمات اللولبية الشاحبة (TP-PA).

7- تفاعل البولميراز المتسلسل للزهري.

8- فحص مجهري بالساحة المظلمة.

9- التصوير بالأشعة السينية للعظام الطويلة لتشخيص التهاب العظم، والغضروف، والتهاب السمحاق.

10- التصوير بالأشعة السينية على الصدر بحثاً عن ضخامة عضلة القلب التي قد تترافق مع الإصابة.

11- إجراء مسح للدماغ باستخدام الموجات فوق الصوتية.

12- تقييم بصري وسمعي للطفل.

ويتمُّ تفسير النتائج عند الرضيع وفق التالي:

في حال وجود أضداد من نوع IgM إيجابية لدى الوليد، فهي علامةٌ جيدة لتشخيص عدوى الزهري الخلقي، فهذه الأضداد لا تعبر المشيمة، وتكون إيجابيةً في العدوى المبكرة، وتنخفض ​​ببطءٍ خلال أكثر من عامين. يمكن تأكيد تشخيص العدوى الخلقية من خلال إظهار اللولبية الشاحبة على الفحص المجهري ذي الساحة المظلمة على عيناتٍ من الآفات الموجودة على الجلد، أو المشيمة، أو الأنسجة الأخرى، ويعتبر ارتفاع عيار الأجسام المضادة لدى الطفل بمقدار أربعة أضعاف خلال الأشهر الثلاثة الأولى تشخيصاً للإصابة بداء الزهري الخلقي. [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9]

كيف يتمُّ علاج الزهري الخلقي؟

يتمُّ علاج مرض الزهري الخلقي عند التأكد من وجود المرض أو احتمال وجوده وفق ما يلي: [10]

1- الرضع حتى عمر 4 أسابيع

يتمُّ إعطاء البنسلين G البلوري المائي (Aqueous crystalline penicillin G) بجرعة 50000 وحدة/ كيلو غرام عن طريق الوريد (IV)، وذلك كل 12 ساعة في الأيام السبعة الأولى من الحياة، ثم بعد ذلك يتمُّ المتابعة بجرعة 50000 وحدة/كيلو غرام عن طريق الوريد كل 8 ساعات لمدة 10 إلى 14 يوم، وبدلاً من ذلك يمكن إعطاء بروكايين بنسلين G بجرعة 50000 وحدة / كيلو غرام/ يوم عضلياً لمدة 10 إلى 14 يوم.

2- الرضع الأكبر من 4 أسابيع والأطفال الأكبر سناً

يتمُّ إعطاء البنسلين G البلوري المائي، بجرعة 50000 وحدة / كيلوغرام كل 6 ساعات عن طريق الوريد لمدة 10 إلى 14 يوم. إن تدبير طفل بدون أعراض ومولود لأم مصابة بالداء الزهري، ولكن معالجة بشكلٍ مناسب، وقبل أكثر من 4 أسابيع من الولادة، فهو أمرٌ مثيرٌ للجدل، ومع ذلك يوصي معظم الباحثين، ومركز السيطرة على الأمراض (CDC) بإعطاء بنزاثين بنسلين G بجرعة 50,000 وحدة / كيلوغرام عضلياً (IM) مرة واحدة عند هؤلاء الأطفال الذين لا تظهر عليهم الأعراض.

كيف تتمُّ الوقاية من داء الزهري الخلقي؟

إن التشخيص المبكر لمرض الزهري عند النساء الحوامل، وعلاجه في الوقت المناسب أثناء الحمل هو أكثر الوسائل فعاليةً للقضاء على داء الزهري الخلقي، ومن الإجراءات المفيدة في تخفيف انتشار المرض والوقاية منه: [10] [11]

1- توفير التثقيف حول مرض الزهري، بما في ذلك كيفية انتقاله، وعوامل خطر الإصابة به، وكيف يمكن الوقاية منه، وتشخيصه وعلاجه، والترويج للرسالة التي مفادها أن مرض الزهري يمكن علاجه بسهولة إذا تمّ تشخيصه مبكراً.

2- توسيع نطاق الرعاية الصحية الأساسية قبل الولادة لتشمل جميع النساء الحوامل للكشف المبكر عن مرض الزهري في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل أو في أول زيارة لهن قبل الولادة، وذلك لأن النساء قد يصبن بمرض الزهري دون أن يدركن ذلك، وفي بعض الأحيان تمر سنوات دون أن يعرفن أنهن مصابات به.

3- وبالنسبة للنساء المعرضات لخطر الإصابة بمرض الزهري المستمر، أو المتواجدات في المناطق التي يتفشى فيها المرض، أو اللواتي يتعاطين المخدرات، فيتمّ التوصية بالفحص مرةً أخرى في الأسبوع 28-32 من الحمل، وأيضاً في وقت الولادة.

4- اختبار جميع الأمراض المنقولة جنسياً قبل الحمل إن أمكن، ويمكن البدء بأي علاجاتٍ ضرورية قبل أن يكون هناك أي خطر على الجنين على الإطلاق.

5- يعدُّ العلاج بالبنسلين (Penicillin)، وهو صادٌّ حيويٌّ شائع وبأسعار مقبولة فعالاً للغاية، حيث يمنع انتقال المرض من الأم إلى الطفل بنسبة 98 بالمئة من الحالات.

6- التثقيف بشأن الممارسات الجنسية الآمنة، واستخدام الواقي الذكري للحدّ من انتشار مرض الزهري، ومع ذلك فإن الواقي الذكري لا يزيل الخطر تماماً، حيث يمكن أن ينتقل مرض الزهري من خلال ملامسة القرحات الجلدية عند الشخص المصاب بالمرض.

7- الامتناع عن تعاطي المخدرات.

المراجع البحثية

1- Murali, M, V. Nirmala, C. Rao, J, V. (2012, October 9). Symptomatic Early Congenital Syphilis: A Common but Forgotten Disease. Case Reports in Pediatrics.  Retrieved May 11, 2024

‌2- Office of Disease Prevention and Health Promotion. (n.d.). Reduce congenital syphilis — STI‑04. Retrieved May 11, 2024

3- MacLaren, A. (2020, September 7). Congenital syphilis : management of babies born to mothers with syphilis Infection. NHSGGC Paediatrics for Health Professionals. Retrieved May 11, 2024

4- MedlinePlus. (2022, April 8). Syphilis Tests. Retrieved May 11, 2024

5- ScienceDirect. Venereal Disease Research Laboratory Test. (2012). Retrieved May 11, 2024

6- Lybrate.(n.d). Fluorescent Treponemal Antibody Absorption Test. Retrieved May 11, 2024

7- Enfer Medical. (n.d). Treponema Pallidum Haemagglutination (TPHA). Retrieved May 11, 2024

8- Ambooken, B. Binesh, V, G. Asokan, N. Sarin, A. Natarajan, B. Subi, C, T. (2022, September 3). Dark ground microscopy for identification of Treponema pallidum. Journal of Skin and Sexually Transmitted Diseases. Retrieved May 11, 2024

9- Safer Care Victoria. (2017, Mayo). Syphilis in neonates. Retrieved May 11, 2024

‌10- Hussain, S, A. Vaidya, R. (2023, August 8 ). Congenital Syphilis. StatPearls. Retrieved May 11, 2024

11- Harrigan, M. (2023, August  18). Combatting the rise in congenital syphilis: How service providers can support prevention, testing and treatment. CATIE – Canada’s Source for HIV and Hepatitis c Information. Retrieved May 11, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.