Skip links
صورة أشعة سينية للأمعاء

التهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة – التشخيص والعلاج

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » التهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة – التشخيص والعلاج

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعتبر التهاب الأمعاء والقولون النخري (Necrotizing Enterocolitis (NEC)) حالة الطوارئ المهددة للحياة الأكثر شيوعاً، والتي تؤثر على الجهاز الهضمي للرضع في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، ويصيب واحداً من أصل كل 2000 إلى 4000 ولادة حية.

يعدُّ أكثر انتشاراً عند الأطفال الخدج ذوي وزن الولادة المنخفض، ولكنه نادر الحدوث عند الرضع الناضجين، وعلى الرغم من أن السبب الدقيق للمرض لا يزال غير معروف، إلا أن هناك العديد من النظريات التي تفسر آلية حدوث الإصابة بشكلٍ أكبر عند الخدج.

مثل: نقص تطور ونضج الأمعاء لديهم، وضعف الغشاء المخاطي المعوي، ونقص البكتيريا النافعة التي تتواجد عادةً في الجهاز الهضمي بشكل طبيعي، بالإضافة إلى ضعف الجهاز المناعي، ونقص إمداد الأمعاء بالأوكسجين. [1] [2]

ما هي مضاعفات الإصابة بالتهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة؟

في حال التشخيص المبكر والعلاج المناسب يتعافى معظم الرضع المصابين بشكلٍ كامل، ولا يعانون من مشاكل أخرى في التغذية، ولكن في بعض الحالات قد يحدث عدد من المضاعفات، مثل: [3]

1- التهاب الصفاق (Peritonitis)

يحدث عند بعض الأطفال المصابين بالتهاب الأمعاء والقولون النخري ثقب في جدار الأمعاء، ما يؤدي إلى خروج محتواها، ومرور البكتيريا إلى تجويف البطن، ومن ثم حدوث عدوى خطيرة تسمّى التهاب الصفاق، والصفاق عبارة عن غشاء مصلي رقيق يبطن القسم الداخلي من البطن، ويحيط بالأعضاء الموجودة بداخله.

ويتكون من طبقتين حشوية وجدارية، وتشمل أعراض الالتهاب الأكثر شيوعاً انتفاخ البطن، والاقياء، وضيق التنفس، والإمساك، وانخفاض حرارة الجسم، كما يزيد التهاب الصفاق من خطر الإصابة بإنتان دمٍ شديد وصاعق، مما قد يؤدي إلى الوفاة.

2- تضيُّق الأمعاء (Intestinal stricture)

يعتبر من المضاعفات الشائعة والخطيرة، والطويلة الأمد لالتهاب الأمعاء، والقولون النخري، وتحدث عند طفلٍ واحدٍ من أصل كل 3 أطفال مصابين، وتظهر هذه الحالة عادةً بعد بضعة أشهر من تعافي الطفل من الإصابة بالتهاب الأمعاء، والقولون النخري، والأمعاء الضيقة تجعل من الصعب مرور الطعام من خلالها، ويحتاج بعض الأطفال لعملية جراحية لإزالة التضيقات.

3- متلازمة الأمعاء القصيرة (Short bowel syndrome)

في حال أدى التهاب الأمعاء والقولون النخري إلى تدمير أو إتلاف جزءٍ كبير من الأمعاء الدقيقة، فقد يصاب الطفل بمتلازمة الأمعاء القصيرة، مما يؤدي إلى سوء امتصاص السوائل والمواد المغذية، ويتطلب الأطفال المصابون بهذه المتلازمة رعاية مدى الحياة للحصول على التغذية المناسبة، وتأمين النمو والتطور السليم.

كما قد يحتاجون إلى اتباع نظامٍ غذائي خاص، وفي بعض الحالات إلى تغذية أنبوبية (Tube feedings)، وهي عبارة عن توصيل التغذية السائلة من خلال أنبوبٍ يصل إلى المعدة أو الأمعاء، ويوجد بشكلٍ عام طريقتان لوضع أنابيب التغذية إما بشكلٍ غير جراحي من خلال الأنف، أو جراحي عبر شقٍّ صغيرٍ في البطن.

4- فشل النمو وتأخر التطور العصبي

تعتبر من المضاعفات المهمة وطويلة الأمد لالتهاب الأمعاء والقولون النخري، وخاصةَ عند الرضع الذين يحتاجون إلى عمليةٍ جراحية، كما يحتاج هؤلاء الرضع إلى متابعةٍ دقيقةٍ لمراقبة النمو والتطور.

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بالتهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة؟

يتمُّ التشخيص بناءً على القصة المرضية والتحاليل المخبرية والشعاعية:  [4] [5]

1- القصة المرضية

يتمُّ السؤال عن الأعراض السريرية، والتي ترتبط عادةً باضطرابات الجهاز الهضمي، ومنها انتفاخ البطن، وعدم تحمل التغذية، والقيء، والإسهال، والبراز الدموي. كما يتمُّ السؤال عن العمر الحملي، وكلما كان العمر عند الولادة أصغر كانت مدة ظهور التهاب الأمعاء والقولون النخري أطول، فعند الأطفال الخدج ذوي الوزن المنخفض للغاية عند الولادة، يظهر التهاب الأمعاء والقولون النخري عادةً بعد 14 إلى 20 يوماً من الولادة.

بينما عند الأطفال الناضجين، فيمكن أن يحدث التهاب الأمعاء والقولون النخري في عمر أسبوعٍ واحد.ومن الضروري معرفة عوامل الخطر المختلفة التي يمكن أن تسبّب التهاب الأمعاء والقولون النخري (NEC)، مثل: التغذية الصناعية، والتاريخ الوراثي، وتعرض الطفل لنقص الأكسجة عند الولادة.

2- الفحص البدني

يتمُّ فحص العلامات الحيوية بما في ذلك درجة الحرارة، والتي تكون غير مستقرة عادة، فإما أن يحدث حمى أو انخفاض في حرارة الجسم، بالإضافة إلى معدل النبض، والتنفس، والضغط، وغالباً ما يترافق التهاب الأمعاء والقولون النخري مع بطء القلب، واضطراب التنفس، وهبوط الضغط، كما يتمّ فحص علامات الاضطرابات الهضمية، مثل: تمدد البطن، وتغير لونه، وتصلب جدار البطن، وتراكم السوائل أو وجود كتل موضعة في البطن.

3- التحاليل المخبرية

تعداد الدم الكامل

غالباً ما يتمُّ العثور على نقص الصفيحات الدموية عند الأطفال المصابين بالتهاب الأمعاء والقولون النخري، في حين أن عدد الكريات البيض يمكن أن يكون طبيعياً أو مرتفعاً.

تحليل البروتين الالتهابي الارتكاسي (CRP)

يحدث ارتفاع في مستواه الدموي، ويكون مرتبطاً بالاستجابة الالتهابية.

زرع الدم والبراز

يتمُّ من خلالهما فحص الكائنات الحية التي تلعب دوراً في التهاب الأمعاء والقولون النخري.

تحليل الشوارد

يتمُّ إجراؤه بحثاً عن اضطراب توازن الشوارد، مثل: نقص أو فرط بوتاسيوم الدم، وفرط صوديوم الدم، والتي توجد غالباً عند الأطفال المصابين بالتهاب الأمعاء والقولون النخري.

غازات الدم الشرياني

يتمُّ إجراؤها للتحقُّق من درجة الحماض الاستقلابي.

دراسة اضطرابات التخثر

يتمُّ إجراء زمن البروثرومبين (PT)، وزمن الثرومبوبلاستين الجزئي (PTT)، والفيبرينوجين، ومنتج تحلل الفيبرين (D-dimer)، خاصةً بالنسبة للأطفال الذين يعانون من التهاب الأمعاء والقولون النخري المتقدم، وذلك لتأكيد تشخيص الإصابة بالتخثر المنتشر داخل الأوعية (DIC).

4- التصوير الشعاعي

الصورة الشعاعية البسيطة للبطن

تختلف العلامات الشعاعية على الصورة البسيطة تبعاً لمرحلة التهاب الأمعاء والقولون النخري، ففي المرحلة الأولى يظهر تمدد في جدران الأمعاء فقط أو تكون العلامات غير محددة، وفي المرحلة الثانية يظهر فراغات مملوءة بالغاز في جدار الأمعاء، وأما في المرحلة الثالثة، فيتمُّ ملاحظة وجود هواءٍ أو غازات في تجويف البطن (استرواح الصفاق).

التصوير بالأمواج فوق الصوتية

يتمُّ اللجوء إليها في حال كانت الأعراض السريرية، والصور الشعاعية البسيطة للبطن غير كافية لتأكيد التشخيص، أو عند الأطفال الذين لا يستجيبون للعلاج، ويمكن للموجات فوق الصوتية اكتشاف وجود سماكة في جدار الأمعاء، أو تراكم السوائل الحرة في تجويف البطن، أو استرواح الصفاق، أو وجود غازات في وريد الباب.

5- الفحص النسيجي

يتمُّ أخذ عينةٍ من أنسجة الأمعاء وفحصها تحت المجهر، وفي حال الإصابة بالتهاب الأمعاء والقولون النخري يتمُّ رؤية نخر، وتخثر في الغشاء المخاطي مع التهاب حاد ومزمن وتقرح، بالإضافة إلى وذمة ونزيف في الطبقة تحت المخاطية.

6- تشبع الأوكسجين المساريقي  (Mesenteric oxygen saturation)

وهو فحص بهدف الكشف المبكر عن احتمال تطور التهاب الأمعاء والقولون النخري، ويتمُّ عن طريق قياس قيم الأوكسجين في الأنسجة المساريقية قبل وبعد ساعة واحدة من التغذية المعوية، ويشير انخفاض مستوى الأوكسجين إلى احتمال تطور التهاب الأمعاء والقولون النخري، ولكن هذا الفحص لا يزال في مرحلة البحث.

كيف يتمُّ علاج التهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة؟

يعتمد العلاج على تطور الطفل ونموه، وتاريخه الطبي، ومدى انتشار العدوى ووجود مضاعفات مرافقة، وتشمل التدابير العلاجية المتبعة: [5] [6]

1- العلاج المحافظ

1- إيقاف الرضاعة، وتعتبر الخطوة الأولى في علاج التهاب الأمعاء والقولون النخري، وذلك لإراحة الأمعاء ومساعدتها على الشفاء، وبمجرد زوال العدوى (عادةً خلال 5 إلى 7 أيام)، يمكن للطفل البدء في الرضاعة مرةً أخرى عن طريق الفم.

2- استخدام أنبوبٍ أنفي معدي (Nasogastric tube)، وهو عبارة عن أنبوب يتمّ إدخاله من خلال الأنف وصولاً إلى المعدة، ويستخدم لإزالة السوائل من معدة الطفل، وإبقائها فارغة، وفي بعض الأحيان يتمُّ إدخال الأنبوب عن طريق الفم.

3- البدء بإعطاء السوائل الوريدية للحصول على العناصر الغذائية المناسبة، ومنع حدوث التجفاف.

4- إعطاء الصادات الحيوية (Antibiotics) لعلاج العدوى.

5- إجراء صور شعاعية بسيطة بشكلٍ منتظم لمراقبة تطور الحالة الصحية للطفل.

6- القيام بتوفير أوكسجين إضافي أو جهاز تنفس اصطناعي في حال كان الطفل غير قادر على التنفس بمفرده.

7- عزل الطفل المصاب عن باقي الأطفال الآخرين لوقف انتشار التهاب الأمعاء والقولون النخري.

2- العلاج الجراحي

في حال لم يتحسن الطفل مع العلاج المحافظ أو في حال كان لديه ثقب في جدار الأمعاء، فسوف يحتاج إلى عمليةٍ جراحية، وتتضمن إزالة الأنسجة الميتة وأجزاء الأمعاء التي تمزقت أو على وشك التمزق، وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يحتاج الأطفال الذين خضعوا للجراحة إلى إجراء فتحة في البطن يتمُّ توصيل الأمعاء إليها، ويطلق عليها اسم ستوما (Stoma) أو الفغرة، ويتمُّ إطراح البراز عبرها إلى كيسٍ خارج الجسم.

وإذا كان وزن الطفل صغيراً جداً أو بحالةٍ صحية سيئة بحيث لا تسمح بإجراء الجراحة، فيتمُّ وضع قسطرةٍ (Catheter) في البطن، ويتمُّ من خلالها تصريف وإزالة السوائل غير الصحية والغازات، ثم يتمُّ إجراء الجراحة عندما يصبح الطفل أكبر حجماً وأكثر صحة.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالتهاب الأمعاء والقولون النخري عند حديثي الولادة؟

1- في حال كانت الأم معرضةً لخطر الولادة الباكرة، فيتمُّ إعطاء السيتروئيدات القشرية (Corticosteroids) بشكل وقائي، والتي تعمل على تحسين صحة الجنين، وتقلل من معدلات الإصابة بالاضطرابات المرضية المرتبطة بالولادة الباكرة، والوفيات الناتجة عنها بما في ذلك التهاب الأمعاء والقولون النخري.

2- الاعتماد في تغذية الطفل على الرضاعة الطبيعية، وذلك لأن حليب الثدي قادر على الحماية من تطور التهاب الأمعاء والقولون النخري عن طريق تحفيز النضج المعوي والشفاء، وتُعزى هذه التأثيرات الإيجابية إلى عدة عوامل، مثل: وجود الخلايا البلعمية، والخلايا الليمفاوية، والغلوبولين المناعي الإفرازي IgA، والليزوزومات، واللاكتوفيرين (lactoferrin)، وقليلات السكاريد (oligosaccharides)، والسيتوكينات، وعوامل النمو، والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (PUFA)، والإنزيمات، والتي تؤدي إلى تقوية مناعة الطفل، والوقاية من الالتهابات، وحماية الغشاء المخاطي المعوي.

3- تشير بعض الدراسات إلى أن إضافة البروبيوتيك (Probiotics) إلى تغذية الرضيع يمكن أن يساهم في الحماية من التهاب الأمعاء والقولون النخري، والبروبيوتيك عبارة عن بكتيريا حية وخمائر لها تأثيراتٌ مفيدة على الجسم، مثل: الوقاية من البكتيريا الضارة، وتقوية الجهاز المناعي، والمساعدة في هضم وامتصاص العناصر الغذائية. [3] [7] [8]

المراجع البحثية

1- Children’s Hospital Los Angeles. (n.d). Necrotizing Enterocolitis. Retrieved April 14, 2024

2- Ginglen, J. G., & Butki, N. (2023, August 8). Necrotizing Enterocolitis. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved April 14, 2024

3- Cleveland Clinic. (2021, May 18). Necrotizing Enterocolitis (NEC). Retrieved April 14, 2024

4- Putri, Y, K. (2023, January 19). Diagnosis Necrotizing Enterocolitis. Alomedika. Retrieved April 14, 2024

5- Chieng, R. (2023, December 24).  Necrotizing enterocolitis.  Radiopaedia. Retrieved April 14, 2024

6- WebMD. (2022, December 2). What Is Necrotizing Enterocolitis?. WebMD. Retrieved April 14, 2024

7- Stanikova, A. Jouza, M. Bohosova, J. Slaby, O. Jabandziev, P. (2023, November 1). Role of the microbiome in pathophysiology of necrotising enterocolitis in preterm neonates. BMJ Paediatrics Open. Retrieved April 14, 2024

8- Hu, X. Liang, H. Li, F. Zhang, R. Zhu, Y. Zhu, X. Xu, Y. (2024, January 10). Necrotizing enterocolitis: current understanding of the prevention and management.  Retrieved April 14, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.