Skip links
امرأة شابة مبتسمة وتمسك بيدها هاتف خليوي

منصات التواصل الاجتماعي – تأثيرها النفسي وطرق مواجهتها

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو مفهوم التواصل الاجتماعي؟

التّواصل في العصور القديمة كان جزءاً من الطبيعة البشرية، ولكن في العصر الحديث، ومع الانتشار الواسع للتكنولوجيا أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي أهميةً كبيرة وبُعداً جديداً، حيث اختصرت المسافات، والحدود، والزمان، وخلقت قرباً افتراضياً استطاع الأشخاص من خلاله بناء علاقاتٍ مختلفة، وتبادل ثقافاتٍ متنوعة، كاللغة، وغيرها، وعن طريق عدة وسائل، كالرسائل النصية، أو مقاطع الفيديو والصور.

وتوجد تأثيراتٌ كبيرةٌ لمواقع التواصل على حياة الفرد اليومية، حيث لعبت المنصات الإلكترونية دوراً كبيراً في ربط الإنسان بشبكات التواصل، وتعزيز تفاعله معها، ولا أحد يستطيع إخفاء أو تجاهل حقيقة أن لوسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهنياً، وشخصياً، واجتماعياً، وإجمالاً أصبحت جزءاً من حياة أي فرد.

ويتمُّ اليوم بناء الكثير من الحسابات الإلكترونية التي من الممكن أن تترك آثاراً قد تكون سلبيةً أو إيجابيةً تجاه الشخص، إضافةً إلى أنها تعكس طريقة تفكيره، وكيف يراه الآخرين، وفي حين أن هذه المنصات ساعدت على تعزيز الانتشار، والتواصل، والمشاركات الثقافية والاجتماعية.

فإن لها دوراً في إثارة بعض أنواع المخاوف المتعلقة بالخصوصيات، والصحة النفسية، والعادات الاجتماعية، فأصبحت القيم الجمالية، والتقاليد، والمعايير الأخلاقية التي تنشر عبر هذه المنصات قدوةً للكثير من الأشخاص الأمر الذي من الممكن أن يؤثر على الصورة الذاتية للفرد. [1]

ما هو تأثير مواقع التواصل على تصوُّر الذات؟

تصوُّر الذات هو الطريقة التي يرى بها الفرد نفسه، ويُقيّم خبراته، وقدراته، ومظهره، وأدائه في الحياة، ويتشكل هذا التصوُّر من خلال عدة عوامل، كالعوامل الفيزيولوجية للشخص، والعوامل البيئية، والثقافية، وطرق التربية، ونسبة الذكاء، ففي العصر الرقمي أصبح لمواقع التواصل الاجتماعي دوراً أساسياً في تكوين هذه المحاور، مما أثر على طريقة رؤية الأفراد لأنفسهم. [2]

كيف تؤثر الصّور والمحتوى المُتداول على طرق تقييم الفرد لنفسه؟

مواقع التواصل الاجتماعي تنشر محتوياتٍ مختلفةً عن أنماط معيشة الأشخاص، وكيف تجري حياتهم، وعادةً ما يتمُّ تبادل محتوى عن الجمال ومعاييره أو صور عن النجاح وحياة الرفاهية، وقد تروّج هذه المواقع لصور وأفكار تبدو في غاية المثالية، ولكن في الحقيقة هي ليست واقعية، مما يساهم في تشكيل أفقٍ ومستوياتٍ يصعب على الفرد الوصول إليها، وسنتناول الآن البعض منها: [2]

1- الصور المُفلترة والتحسينات الجمالية المفرطة

وتبدو على منصات الإنستغرام، حيث يتمُّ استخدام تطبيقاتٍ لتحسين الصور، مما يخلق جمالاً غير حقيقي واصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تراجع ثقة الفرد بنفسه، والشعور بالنقص الدائم نتيجة ما يتمُّ تداوله من هذه الصور المثالية.

2- المحتوى المختار بعناية

في بعض الأوقات يختار الأشخاص ما يريدون إظهاره ونشره عن حياتهم الشخصية ليظهروا أنهم بأفضل حال، مما يجعل الآخرون من حولهم يظنون أن حياتهم بائسة، ولا تبدو جميلة، وأن الجميع من حولهم يعيشون في سعادة، وفرح، ونجاح، فهذه المقارنات المستمرة يمكن أن تؤدي إلى شعورٍ بعدم الرضا عن النفس، ويخلق مشكلاتٍ على جميع الأصعدة.

وتوجد تأثيرات للفلترة والتعديل على الصور الشخصية، وعلى طريقة ظهور الفرد بشكلٍ مثالي، حيث تعدُّ عملية التحرير هذه من أكثر الظواهر المنتشرة على السوشال ميديا، ولا نستطيع إخفاء أنها تسبّبت في الكثير من المشكلات، وبالأخص في مجال العلاقات العاطفية.

يرى الشاب الفتاة على مواقع التواصل في أجمل مظهرٍ من حسن الوجه والجسم المتناسق، ولكنه ينصدم عندما يذهب لمقابلتها لأول مرة، وتبدو ملامح القلق والتوتر واضحةً جداً عليه، إذ أنه لا يعرف كيف ينسحب من هذه الكارثة، فهذه الصور المُعدَّلة غير الحقيقية للأفراد أدت إلى:

الضغط للوصول إلى المثالية

مع زيادة تأثير هذه الصور المثالية على عقل الأفراد، يصبح هنالك ضغطٌ اجتماعيٌّ أكبر عليهم ليحققوا المعايير الجمالية نفسها، هذا وقد يؤثر على صورة الذات أيضاً بشكلٍ سلبي، حيث من الممكن أن يلجؤوا لعمليات تجميلٍ جراحية، وبشكلٍ دائمٍ ومستمر، وهنا يكمن الخطر في حال الإدمان عليها قد تكون نتائج ذلك كارثيةً بالنسبة للجنسين.

المقارنة مع الصور المُعدّلة

الأشخاص الذين يتعرّضون لمحتوى مُنقَّح باستمرار قد يقارنون أنفسهم باستمرار مع صورٍ مثالية، وهذا يؤدي إلى شعورٍ متزايدٍ بعدم الرضا النهائي عن المظهر الشخصي، وقد يشعر الفرد أن شكله الطبيعي لا يتناسب مع الوقت الحالي، ومع ما يراه من أشكال، وصور، ومظاهر.

كيف يبدو التأثير النفسي لمقارنة الذات بالآخرين؟

إن ظاهرة المقارنة الاجتماعية واحدةٌ من العوامل النفسية المهمة التي يتأثر بها الفرد أثناء استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي، فهذه المقارنات تؤثر على كيفية رؤية الفرد لنفسه، ويمكن لهذه المقارنات أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، ولكن من الشائع أنها تثير مشاعر سلبيةً تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية، فالمقارنة الاجتماعية هي الميل الطبيعي عند جميع المخلوقات البشرية للمقارنة بين ذواتهم والآخرين.

لذلك تبدو وكأنها سمة فطرية موجودة عند كل البشر، فرغم أن هذا السلوك يُحفّز الأفراد على تحقيق أهدافهم، ولكن قد تؤدي وسائل التواصل إلى تكثيف هذه الظاهرة، وزيادة انتشارها بشكلٍ غير صحي، وذلك من خلال ما يتمُّ ترويجه من محتوياتٍ تُظهر للآخرين مدى الرفاهية التي يتمتّع بها غيرهم. [3]

ما هي طرق مواجهة هذه الظاهرة؟

1- الإدراك والتوعية

من الضروري أن يكون الأفراد على وعيٍ بكيفية تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على تصوُّراتهم الذاتية كي لا تنعكس عليهم بشكلٍ سلبي، كما عليهم فهم أن ما يتمُّ تداوله على هذه المنصات غير واقعي، ومن المتوقَّع وكثيراً أن تكون هذه المحتويات كاذبة، وتُنشر فقط لتحقيق التفاعل والمكاسب المادية.

2- التركيز على تطوير الذات

بدلاً من التّركيز على حياة الآخرين وماذا يفعلون، ينبغي أن يلتفت الشخص لنفسه وذاته، ويُعزّز من قيمته في المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه، وذلك يكون عن طريق وضع معايير خاصة به، وليس بناءً على معايير الآخرين.

3- وضع حدودٍ للاستخدام

تخصيص أوقاتٍ منظمةٍ للتواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للفرد أن يضع حدوداً لنفسه تجاه استخدام هذه الوسائل بهدف تبنّي عاداتٍ صحية يحمي بها نفسه من الإدمان والأمراض النفسية.

4- الاهتمام بالجمال الداخلي

رغم أن المظهر الخارجي مهمٌّ لأي أحد، لكنه لا يمكن أن يغطي على أهمية الجمال الداخلي، والذي يُعتبر جوهر الجمال، فالتمتُّع به أمرٌ مهمٌّ جداً، لأن الفرد عن طريقه يستطيع إكمال معايير جماله لتكون بأبهى صورةٍ داخلياً وخارجياً.

5- الترويج لمعايير جمالية متنوعة

من الضروري العمل على تداول معايير جمالية بسيطة متنوعة وواقعية، ويجب أن تشجّع صفحات التواصل الاجتماعي على نشر ذلك بهدف لفت النظر إلى أن أنماط الجمال مختلفة، ولا تشمل نمطاً واحداً فقط الأمر الذي يشجّع القبول الذاتي والتنوُّع الجمالي. [4]

المراجع البحثية

1- Lutkevich, B., & Wigmore, I. (2021, September 3). social media. WhatIs. Retrieved November 18, 2024

2- Clinic, C. (2024b, October 1). 6 Ways to Build a Healthy Self-Image. Cleveland Clinic. Retrieved November 18, 2024

3- MSEd, K. C. (2024c, May 21). How social comparison theory influences our views on ourselves. Verywell Mind. Retrieved November 18, 2024 

4- Spunout. (2023, October 19). 9 ways to stop social media from affecting your self esteem. Retrieved November 18, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.