Skip links
امرأة بالغة تجلس أمام مكتب في منزلها وتضع يدها على جبهتها

العمل من المنزل – إيجابياته، وما تأثيره الجسدي والنفسي؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

بعد حدوث جائحة كوفيد-19 (كورونا) بدأت أشكال جديدة من العمل بالظهور كنوعٍ مع التأقلم مع أوضاع التباعد والحجر الصحي الذي فُرض من أجل الوقاية، والحدّ من انتشار ذلك المرض، حيث أصبح العمل من المنزل منتشراً منذ ذلك الوقت. لا نستطيع أن نتجاهل دور العمل من المنزل في توفير الوقت، وتخفيف التكلفة، ولكن في الوقت ذاته لهذا الأمر أثره الملحوظ على صحة الإنسان الجسدية والنفسية.

وفق دراسات مختلفة أهمها دراسة أجريت في كاليفورنيا التي أظهرت التأثير السلبي للعمل من المنزل على إنتاجية الفرد، وكذلك أظهرت تأثيرها على التواصل الاجتماعي بين الأشخاص، وكانت هذه النتائج بالمجمل، وخاصةً النفسية منها أكثر وضوحاً بين النساء العاملات مقارنةً بالرجال.

هناك عوامل عديدة لها علاقة بأثر العمل من المنزل، كعدد الأفراد في المنزل، ووجود أطفال وبيئة مهيئة للعمل من المنزل، إضافةً للمُعيقات المتعلقة بالتكنولوجيا وسرعة الإنترنت، وقد كان هناك إمكانية لبعض المهن، مثل: التعليم، والترجمة أن تتكيف بسهولة مع العمل من المنزل، بينما واجهت مهن أخرى صعوباتٍ واضحةً مع هذا الأمر.

ما هي إيجابيات العمل من المنزل؟

1- حرية تنظيم جدول العمل، حيث يُعتبر العمل من المنزل أكثر مرونةً في أحيان كثيرة.

2- منح وقتٍ إضافيّ للعائلة والحياة الشخصية.

3- الحفاظ على البيئة من خلال تخفيف استخدام السيارات.

4- تحقيق أفقٍ وظيفي أكبر، حيث يتيح العمل عن بعد العمل مع شركات خارج نطاق دولتك مثلاً.

5- تقليل التوتر، وتحسين الكفاءة العملية.

6- توفير تكلفة ووقت التنقّل من وإلى العمل. [1]

ما هي المشاكل الجسدية الناجمة عن العمل من المنزل؟

تتنوّع المشاكل الجسدية الناجمة عن العمل من المنزل، وتضمّ: [2]

1- مشاكل الجهاز الحركي

حيث يعاني ثلث الأشخاص من مشاكل في الجهاز الحركي، والتي تشمل الإصابة بآلام مزمنة في المفاصل والعظام، وكذلك التشنُّج العضلي الناجم عن الجلوس لفترةٍ طويلةٍ بسبب العمل أمام جهاز الكمبيوتر، خاصةً في عضلات الظهر والرقبة، حيث إن حوالي 30 بالمئة لا يلتزمون بالوضعية الصحيحة أثناء الجلوس للعمل لفترةٍ طويلة، مما يؤدي إلى الضغط على العمود الفقري، والأعصاب، والمفاصل، وقد تصل في بعض الحالات إلى حدوث فتق نواةٍ لبّية، وانضغاطٍ عصبيٍّ مرافق.

ومما يزيد من سوء الوضع عدم وجود بيئةٍ مناسبةٍ للعمل من المنزل، كعدم وجود مكتبٍ مريح أو استخدام كرسي غير داعم. ويوصى بوضع شاشة الكمبيوتر على بعد طول الذراعين، والحفاظ على الوركين والركبتين بزاويةٍ قائمة، كما يُنصح بعدم الجلوس على الأريكة أو في السرير لفتراتٍ طويلةٍ من أجل العمل، ويجب التحرك بفتراتٍ متناوبةٍ خلال الجلوس الطويل أثناء العمل.

2- السُّمنة وزيادة الوزن

الناجمة عن قلة الحركة، حيث إن أكثر من 40 بالمئة من الأشخاص يعملون على أريكة، ومع تجاهل ممارسة الرياضة، وتناول الطعام العشوائي، وعدم الالتزام بتناول الغذاء الصحي يزداد الأمر سوءاً، وتنجم عن السُّمنة أمراضٌ أخرى مرتبطةٌ بها، كأمراض القلب والسكري.

3- أذيّة العين

إن العمل من المنزل أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر لفترةٍ طويلة يؤدي إلى تعب العين، وهو شكوى شائعة قد تترافق مع شعور الحرقة في العينين وجفافهما، وقد تؤدي إلى أسواء الانكسار أيضاً، حيث اشتكى العديد من مُستخدمي جهاز الكمبيوتر من الرؤية الضبابية لدرجة ما، وكذلك اشتكوا من وجود صداعٍ طفيفٍ في أغلب الأوقات.

يوصي خبراء صحة العين بضرورة ضبط زاوية شاشة الكمبيوتر لتكون أقل من 15 إلى 20 درجة من مستوى العين الأفقي، مما يخفّف من ضرر الشاشات على العين. كما أن “الضوء الأزرق” الصادر من الأجهزة الذكية يسبّب أذيةً في شبكية العين.

ما هي الآثار النفسية السلبية للعمل من المنزل؟

تشير الدراسات إلى أن 80 بالمئة من الأشخاص العاملين من المنزل في بريطانيا يشتكون من أنهم يعانون من أثرٍ نفسيٍّ سلبي، ومن أهمّ الآثار النفسية السلبية الناجمة عن العمل من المنزل: [3]

 – نقص في التفاعل البشري المباشر، مما يؤثر على الصحة العقلية.

– قلة الترابط بالزملاء، وزيادة العزلة الاجتماعية، والشعور بالوحدة.

– اضطرابات النوم والأرق، خاصةً إن كانت ساعات العمل مفتوحة.

– زيادة نسب الاكتئاب والقلق خاصةً بين النساء.

– انخفاض الاستقلالية الوظيفية، والاتصال الإلكتروني المستمر بالعمل، مما يؤثر على الخصوصية.

– صعوبة الفصل بين وقت العمل ووقت العائلة.

– انخفاض القدرة على التركيز، وذلك بسبب وجود عوامل تسبّب التشتُّت، كالتلفزيون وأعمال المنزل، أو وجود أطفال، أو حيوانات أليفة.

– الإصابة بما يدعى متلازمة الإجهاد الرقمي الناجم عن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية.

– زيادة الإحساس بالتوتر والضغط.

– بعض الأشخاص يعانون من ضغط التصوير المستمر ومكالمات الفيديو، ونقص الثقة بالنفس، واستخدام مفرط للفلاتر التجميلية.

كيف يمكن التقليل من الآثار السلبية للعمل من المنزل؟

– محاولة إيجاد التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

– تجهيز بيئة عملٍ مناسبةٍ في المنزل، كاستخدام الكرسي الداعم ومكتبٍ مناسب.

– الابتعاد عن الأجهزة الذكية خارج أوقات العمل قدر المستطاع.

– الحصول على قدرٍ كافٍ من التواصل المباشر مع الأشخاص كالأصدقاء.

– من الضروري جداً تحديد ساعات العمل من داخل المنزل، وذلك للحفاظ على خصوصية الأفراد.

– اتباع قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة يجب أخذ استراحة من الشاشة، ونركز على شيءٍ على بعد 20 قدماً لمدة 20 ثانية على الأقل.

– استخدام النظارات الطبية لتصفية اللون الأزرق، مما يخفّف الإجهاد البصري.

– تجنُّب تناول الطعام العشوائي للوقاية من السُّمنة وزيادة الوزن.

– تناول غذاءٍ صحيّ، وممارسة الرياضة. [4]

المراجع البحثية

1- Bsn, C. D., RN. (2020, October 7). 3 Surprising health risks of working from home. Verywell Health. Retrieved November 23, 2024

2- Sarangi, A., Kim, D., & Rafael, J. (2022). The mental health impact of work from home: a literature review. The Southwest Respiratory and Critical Care Chronicles, 10(45), 10–18. Retrieved November 23, 2024

3- Wells, J., Scheibein, F., Pais, L., Santos, N. R. D., Dalluege, C. A., Czakert, J. P., & Berger, R. (2023). A systematic review of the impact of remote working referenced to the concept of Work–Life flow on physical and psychological health. Workplace Health & Safety, 71(11), 507–521. Retrieved November 23, 2024

4- Denzer, M., & Grunau, P. (2023). The impacts of working from home on individual health and well-being. The European Journal of Health Economics, 25(5), 743–762. Retrieved November 23, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.