تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ انسدال الصّمام التاجي أو تدلّي الصّمام التاجي (Mitral Valve Prolapse) من الأمراض التي تصيب صمامات القلب، ويعدُّ الصمام التاجي هو الأكثر إصابةً بالانسدال، ويشيع المرض عند الإناث أكثر من الذكور، وهو غير مهدّدٍ للحياة.

ما هو تعريف الصّمام التاجي؟

هو الصّمام الذي يقع على الجانب الأيسر من القلب، وتحديداً بين الأذينة اليسرى في الأعلى، والبطين الأيسر في الأسفل الذي يمتلئ بالدم القاني القادم من الرئتين، ويتألف هذا الصّمام من وريقتين غشائيتين تحيط بهما حلقة ليفية، وتتصل بالوريقتين أوتار تُدعى الحبال الوترية التي تتصل بالعضلات الحليمية الموجودة في البطين الأيسر.

يعمل الصّمام عن طريق إغلاق وفتح الوريقتين حسب فرق الضغط بين الأذينة اليسرى والبطين الأيسر في طوري الانقباض والاسترخاء من الدورة القلبية إذ تنفتح الوريقتان في طور الاسترخاء، فيتحرك الدم من الأذين الأيسر إلى البطين، وعند ارتفاع الضغط داخل البطين الأيسر إلى مستوىً محدّد تُغلق وريقتا الصّمام ليتجه الدم باتجاهٍ واحدٍ فقط ويمنع العودة، ويبدأ بعدها دور الانقباض في العضلة القلبية بضخّ الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهر ليتوزع إلى كامل الجسم.

يُعتبر الصّمام التاجي من أكثر الصمامات عرضةً للإصابة بالأمراض المختلفة، مثل: قصور الصّمام التاجي، أو تضيُّق التاجي والانسدال التاجي، وبذلك تختلُّ وظيفة هذا الصمام، وتظهر أعراض مختلفة حسب شدة المرض. ^[1]

كيف يحدث انسدال الصّمام التاجي؟

يُصاب الصّمام التاجي وراثياً أو بسبب عوامل بيئية معينة بالتضخُّم والتمدُّد بحيث تتجه الوريقات المُتضخِّمة نحو الأعلى في جوف الأذين الأيسر، ويأخذ بذلك شكل المنطاد، ويؤثر هذا التغيير في الشكل على وظيفة الصّمام في طور الانقباض والانبساط القلبي.

تفتح وريقتا الصّمام المُتضخّمتان بشكلٍ بسيط، وتصغر فتحة مرور الدم من الأذين الأيسر إلى البطين، فيزداد الزمن اللازم لامتلاء البطين، وعند الانقباض لا تغلق هذه الوريقات بشكلٍ كاملٍ مما يؤهّب لعودة الدم المؤكسج القاني الموجود في البطين إلى الأذين، وتُدعى هذه الظاهرة بقلس الصّمام التاجي (Mitral Regurgitation)، وبذلك تقلُّ الكمية التي يجب أن تُضخّ إلى الجسم، وتظهر أعراض نقص الأكسجة والتروية في النُّسج المختلفة. ^{[1] [2]}

ما الأسباب المُحتملة للإصابة بانسدال الصمام التاجي؟

1- الأسباب الوراثية أو التشوُّه الخلقي البسيط الذي يصيب حديثي الولادة، وهو غير خطير.

2- أمراض النسيج الضام، مثل: متلازمة مارفان، وهي حدوث خللٍ بألياف الكولاجين.

3- أمراض الغدة الدرقية، مثل: فرط النشاط (داء غريفز)، أو (Graves Disease).

4- أمراض القلب الخلقية، مثل: شذوذ أبشتاين، وهو خللٌ بالصّمام مثلث الشرف بشكلٍ أساسي.

5- متلازمة إهلر دانلوس (Ehlers-Danlos syndrome)، ومتلازمة لويس ديتز (Loeys-Dietz Syndrome).

6- أمراض عامة، مثل: الضمور العضلي.

7- قد يحصل تدلي الصّمام التاجي بشكلٍ ثانوي لبعض الآفات القلبية، مثل: اعتلال القلب الضخامي، أو الوعائية، مثل: التصلب العصيدي الذي يحدث في الشرايين المُغذّية للعضلات الحليمية، أو أمراض جهازية، مثل: الحمى الرثوية. ^{[2] [3]}

ما هي أعراض انسدال الصمام التاجي؟

يكون أغلب الأشخاص المصابين بتدلي الصّمام التاجي غير عرضيين لأن الصمام يعمل بكفاءةٍ جيدةٍ لديهم، ويمكن أن تكشف الإصابة عن طريق الصدفة عند إجراء إيكو القلب لسببٍ آخر، وفي حال تأثر وظيفة الصّمام بشكلٍ ملحوظٍ قد يعاني المريض من الأعراض التالية: ^{[2] [4]}

1- اضطراب النظم: وهو تغيُّرٌ في سرعة ضربات القلب في الدقيقة، وله عدة أشكال أهمُّها: الخفقان في حالة تدلي الصّمام التاجي.

2- دوار: وذلك بسبب نقص الأكسجة الطفيفة التي تصيب الخلايا الدماغية.

3- هبوط ضغطٍ انتصابي: وهو الشعور بالدوخة عند القيام فجأة من وضعية الجلوس أو الاستلقاء.

4- الصداع، ويتطور إلى شقيقة أحياناً.

5- صعوبة التنفس، وزيادة سرعة مرات التنفس، وألم خفيف في الصدر.

يمكن أن تتطور حالة تدلي الصمام التاجي إلى آفةٍ حقيقيةٍ وخطيرة، مثل: القصور القلبي، أو الرجفان الأذيني، أو البطيني، والتهاب شغاف القلب لذلك يجب مراجعة الطبيب للوقاية من الأعراض الخطيرة.

كيف يُشخَّص انسدال الصمام التاجي؟

يبدأ الطبيب بفحص المريض القادم إلى العيادة بعد أخذ القصّة المرضية الكاملة منه بالإصغاء إلى أصوات القلب لديه، وقد يسمع الطبيب بحسب خبرته فرقعةً مميزةً ناتجةً عن انغلاق وريقتي الصّمام المُتضخمتين عند نهاية مرحلة الانبساط، وتُدعى هذه الفرقعة (Click)، وقد تسمع خراخر تدلُّ على تسريب الدم بالجهة المعاكسة بسبب عدم الإغلاق الكافي للصمام التاجي، ويُعتبر الإصغاء من أهمّ الخطوات التي يجب أن يقوم بها طبيب القلبية، وبعدها يطلب الاستقصاءات المساعدة التالية:

1- تخطيط القلب الكهربائي أو :ECG تستخدم للكشف عن اضطرابات النظم وسرعة القلب.

2- إيكو القلب: وهو الإجراء الأفضل للآفات الصمامية حيث تظهر شكل الصمام وعمله خلال الدورة القلبية، وهي تقنيةٌ غير مؤلمةٍ أو مزعجةٍ للمريض.

3- اختبار الجهد: يطلب الطبيب هذا الاختبار في حال الشكّ بالتشخيص بعد إجراء الإيكو، ويقوم المريض بالمشي على جهازٍ خاص بالمشي موصول مع جهاز مراقبة قلبية.

4- يقوم الطبيب أحياناً بإجراء القثطرة في حالات تدلي الصّمام التاجي الثانوي، وذلك للتأكد من سلامة الشرايين الإكليلية.

5- الرنين المغناطيسي MRI يستخدم بشكلٍ نادر قبل إجراء العمل الجراحي للصّمام. ^{[5] [6]}

كيف يُعالَج انسدال الصمام التاجي؟

لا تتطلب الحالة أي معالجة في أغلب الحالات إذا كانت غير مؤثرةٍ على حياة المريض اليومية، ويمكن اتخاذ الإجراءات التالية في حال ظهور الأعراض: ^[5]

1- في حال ظهور اضطرابات في نظم القلب يوصف الطبيب حاصرات بيتا، وإيقاف شرب المُنبهات، والامتناع عن التدخين.

2- في حال شكاية المريض من الدوار والغثيان يوصى بتصحيح سوائل الجسم والأملاح، وينصح بارتداء الجوارب لتعديل الضغط، وشرب الماء بكمياتٍ كافية.

3- في حال توسُّع الأذينة اليسرى نتيجة تقدم حالة تدلي الصمّام التاجي يُنصح بأخذ مضادّات التصاق الصفيحات، مثل: الأسبرين للوقاية من الخثرات.

4- تكون المعالجة عرضيةً في البداية، وعند سوء الحالة يضطر الطبيب لإجراء جراحة استبدال الصمام بالكامل بصّمامٍ آخر صنعي، أو حيوي، ويلتزم المريض بالمُمّيعات طيلة فترة حياته.