Skip links
براميل مرسوم عليها رمز النشاط الإشعاعي

النشاط الإشعاعي – تاريخه وأنماطه

الرئيسية » الفيزياء » النشاط الإشعاعي – تاريخه وأنماطه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تتميز الكثير من النظائر الطبيعية أو الصنعية بخاصيةٍ تدعى النشاط الإشعاعي، وهو التفكك (Decay) أو الاضمحلال (Disintegration) التلقائي لنواة النظير مترافق مع إصدار جسيمات نووية، مثل: جسيمات ألفا أو بيتا قد يتبعها إصدار إشعاعات غاما، وتحدث عملية التفكك للنظائر سواءً أكانت كانت نقيةً أم على شكل مركباتٍ كيميائية أو بيولوجية، أما النظائر التي يحدث لها هذا التفكك أو الاضمحلال، فهي النظائر المُشعّة.

تاريخ النشاط الإشعاعي

في عام 1896 اكتشف بيكريل Becquerel أن بلورات كبريتات اليورانيوم تُصدر إشعاعاً غير مرئي، لم تكن طبيعته واضحة في ذلك الوقت، وأثبت بيكريل أن الإشعاع الذي اكتشفه يصدر عن جميع مركبات اليورانيوم وعن اليورانيوم الفلزي أيضاً بما يعني أن مصدر الإشعاع هو ذرة اليورانيوم، واتضح له أن هذا الإشعاع يؤثر على الأفلام الحساسة.

ويحدث بصورةٍ تلقائيةٍ مستمرة لا تؤثر عليه المؤثرات الخارجية من ضغطٍ ودرجة حرارة، وقد أطلق على هذه المواد اسم المواد المُشعّة، وأطلق على هذه الظاهرة اسم النشاط الإشعاعي (Radioactivity) ثم اكتشف بيكرل بعد ذلك أن هذا الإشعاع له المقدرة على تأيين الهواء، كما تفعل الأشعة السينية، وبالتالي استخدمت هذه الخاصية للكشف عن الإشعاع بدلاً من طريقة الكشف عنه باستخدام الأفلام الحساسة.

في عام 1898 قام بيير كوري وزوجته ماري كوري باكتشاف النشاط الإشعاعي للثوريوم، وأيضاً اكتشفا في العام نفسه عنصرين جديدين يوجدان في خامات اليورانيوم العنصر الأول أطلق عليه الراديوم، وهو عنصرٌ أقوى في نشاطه الإشعاعي من اليورانيوم بمليون مرة، بينما العنصر الثاني أطلقا عليه اسم البولونيوم، واكتشف رذرفورد في عام 1908 الغاز النشط إشعاعياً (الرادون) بواسطة التحليل الطيفي. [1] [2]

النشاط الإشعاعي

يعرف النشاط الإشعاعي بأنه خاصية بعض النوى المثارة للتفكك أو الاضمحلال بشكلٍ طبيعي أو صنعي لتنتج نوىً أكثر استقراراً، وذلك بإصدار جسيمات (جسيمات ألفا وبيتا السالبة والموجبة) أو أشعة كهرومغناطيسية (الأشعة السينية وأشعة غاما) أو كليهما.

يرتبط النشاط الإشعاعي للنواة بمدى استقرار هذه النواة، فلا تقوم النواة المستقرة بأي تغييرٍ داخلي من تلقاء نفسها، وهذا ما يميز المواد غير المُشعّة، بينما تمتلك النوى المُشعّة ما يكفي من الاستقرار لمقاومة التغيير لفترةٍ من الزمن، وتقوم بعدها بتحولٍ تلقائي إلى وضعٍ مستقر.

تسعى النوى غير المستقرة إلى تغيير بنيتها ذاتياً، ويحصل بنتيجة ذلك اضمحلالٍ إشعاعي. تدعى النواة الأصلية بالنواة الأم (Parent)، أما النواة الناتجة عن الاضمحلال الإشعاعي بالنواة الوليدة أو النواة البنت (Daughter)، ويرافق عملية الاضمحلال الإشعاعي إصدار جسيمات ألفا، وبيتا، وغاما.

لا يتعلق احتمال التفكك الإشعاعي في مجالٍ زمني بالتركيب الكيميائي للذرة أو الشروط الفيزيائية (كالضغط ودرجة الحرارة) أو بعمر النواة، إنما يتناسب التناقص الإشعاعي لأية مادةٍ مشعّة مع عدد النوى لحظة التفكك N، ويتعلق بالعنصر النظير أي بثابت التفكك الإشعاعي. [3]

وحدة النشاط الإشعاعي

النشاط الإشعاعي: هو معدل التفكك الإشعاعي في واحدة الزمن في عينةٍ مُشعّةٍ ما. ما يهمنا عند دراسة الإشعاع هو معرفة عدد التفككات (الاضمحلالات) في الثانية الواحدة Disintegration per Second. كان يعرف الكوري (Curie) الوحدة القديمة للنشاط الإشعاعي بأنه عدد التفككات التي تحدث في الثانية في واحد غرام من الراديوم، وبناءً على ذلك عرف الكوري (Ci) بأنه النشاط الإشعاعي لمادةٍ مشعّةٍ نقية لها معدل اضمحلال وسطي قدره 3.7×1010 تفكك في الثانية. أما وحدة النشاط الإشعاعي في الجملة الدولية (SI) هي البكرل (Bq)، والذي يمثل واحدة تفككٍ في الثانية.

ما هي أنماط النشاط الإشعاعي

تتفكك النوى المُشعّة تلقائياً مصدرةً ما يلي: [4]

1- جسيمات ألفا

تصدر المواد المُشعّة جسيمات ألفا، وهي عبارةٌ عن نواة ذرة الهليوم التي تحتوي على بروتونين ونيوترونين، مما يؤدي إلى انخفاض العدد الذري Z للنواة المشعّة بمقدار إثنين أي يصبح (Z-2)، وينخفض العدد الكتلي A بمقدار أربعة أي يصبح (A-4).

2- جسيمات بيتا السالبة

تصدر المواد المشعّة جسيمات بيتا السالبة، وهي عبارة عن إلكتروناتٍ سالبة، عندما يكون هناك فائضٌ في عدد النيوترونات، فيتحول النيوترون إلى بروتون، ويرافق ذلك إصدار جسيمات بيتا السالبة وضديد النيوترينو، حيث يزداد العدد الذري للنواة البنت بمقدارٍ واحدٍ عن النواة الأم، ويبقى العدد الكتلي ثابتاً.

3- جسيمات بيتا الموجبة

تصدر المواد المشعّة جسيمات بيتا الموجبة، وهي عبارة عن إلكتروناتٍ موجبة أو ما نسميها بوزيترونات، فعندما يكون هناك فائضٌ في عدد البروتونات، يتحول البروتون إلى نيوترون، ويرافق ذلك إصدار جسيم بيتا الموجب والنيوترينو، حيث يتناقص العدد الذري للنواة البنت بمقدارٍ واحدٍ عن النواة الأم، ويبقى العدد الكتلي ثابتاً.

4- إشعاع غاما

في أغلب الأحيان تكون النوى الناتجة عن تفكك ألفا، أو تفكك بيتا، أو النوى الناتجة عن أي عمليةٍ نووية في حالةٍ طاقيةٍ مثارة، أي أن طاقة مكونات النواة تكون أعلى من طاقتها في الحالة الأرضية أو الحالة المستقرة، فتنتقل النواة من الحالة المثارة إلى الحالة المستقرة بإصدار إشعاعاتٍ كهرومغناطيسية تعرف باسم إشعاعات غاما، وقد يحدث ذلك الانتقال على مرحلةٍ واحدة أو على عدة مراحل.

النشاط الإشعاعي الطبيعي

يعدُّ النشاط الإشعاعي أو ما يعرف بالخلفية الإشعاعية (Background) مهماً جداً بالنسبة لتعرض البشر للإشعاع، والنشاط الإشعاعي الطبيعي هو عملية تحول نوى الذرات غير المستقرة، أو النشطة إشعاعياً (الذرات التي تمتلك عدداً ذرياً أكبر من 82)، إلى نوىً مستقرةً بإشعاعها للطاقة الزائدة.

هذه العملية قد تكون بخطوةٍ واحدة، كما في النوى الخفيفة، أو في العديد من الخطوات، وهكذا إلى أن تصل العملية إلى نواةٍ مستقرة. يبلغ معدل الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها البشر من النوى المشعّة طبيعياً (0.35) ميلي سيفرت في العام، ويتغير معدل الجرعة حسب الموقع الجغرافي.

المواد المشعّة الطبيعية موجودة في الصخور والتربة، كما تنتج من تفكك اليورانيوم والثوريوم الموجودين على الأرض، ويساهم الإشعاع الصادر عنها في الخلفية الإشعاعية الذي يعتبر من مصادر التعرض الإشعاعية الخارجية. غاز الرادون الذي يشارك، مع وليداته المصدرة لأشعة ألفا، في تكوين المصدر الإشعاعي الذي يتعرض له الجسم البشري داخلياً، بطريق التنفس أو الجهاز الهضمي. هذا وتحوي الأجسام الحية، ومنها الإنسان كمياتٍ من هذه المواد المشعّة الطبيعية. [5]

النشاط الإشعاعي الصنعي

ساهمت الكثير من الصناعات في استخدام تطبيقات مختلفة للمواد المشعّة، والإشعاع بعضها في مجالاتٍ سلمية، كإنتاج الطاقة، والطب، والزراعة، وتطوير التكنولوجيا، وصناعة الأسمدة الفوسفاتية، والنفط، والغاز، وبعضها في مجالاتٍ غير سلمية، كتصنيع السلاح النووي، وتدريع المعدات الثقيلة، وتقاناتٍ عسكرية أخرى.

كل ذلك أنتج كمياتٍ ضخمة من المواد المشعّة الصنعية، وبالتالي أطناناً من المخلفات المرعبة، ليصبح الإنسان العدو الأول للطبيعة، وتصبح الوقاية الإشعاعية حاجة ماسة في كل المجتمعات. تعدُّ صناعة النفط والغاز إحدى الصناعات التي يتعرض العاملون فيها لخطر المواد المشعّة التي تتوضع على الجدران الداخلية للأنابيب وأجهزة فصل النفط المختلفة، ويشكل وجود مثل هذه المخلفات مشكلةً صحيةً وبيئية في حال تركها دون معالجة، حيث يتلقى العاملون خلال عملهم بالقرب من المعدات الحاوية عليها جرعة إشعاعية خارجية ناجمة عن إشعاع غاما.

هذه الجرعة أقل خطراً من تلك التي يمكن أن يتلقاها العاملون عند تماسهم المباشر مع الرواسب خلال العمليات الصناعية، وتنظيف المعدات، والأنابيب، والخزانات، وذلك لاحتمال دخول الجزيئات الحاملة للمواد المشعّة إلى داخل الجسم عن طريق الجهازين التنفسي والهضمي. [5]

المراجع البحثية

1- The discovery of radioactivity. (n.d.). Lbl.gov. Retrieved April 8, 2024

2- The history of radiation. (2022, December 6). Mirion; #creator. Retrieved April 8, 2024

3- What Is Radioactivity?. (N.d.). Energy.gov. Retrieved April 8, 2024

4- CH103 – CHAPTER 3: Radioactivity and Nuclear Chemistry. (2018, November 27). Chemistry. Retrieved April 8, 2024

5- Natural versus induced radioactivity. (n.d.). Purdue.edu. Retrieved April 8, 2024

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.