Skip links
جملة: علم البديع، الموازنة والمواربة مكتوبة باللغة العربية

علم البديع – المُوازنة، المُواربة، التشريع والتسميط

الرئيسية » المقالات » اللغة العربية » علم البديع – المُوازنة، المُواربة، التشريع والتسميط

ما هي المُحسّنات اللفظية؟

هي جمالياتٌ لفظية يحقّقها تركيبٌ خاصٌّ للألفاظ، وعلاقاتٌ مرسومةٌ على نحوٍ دقيقٍ بين أصوات الكلمات وأجراس الحروف، وسنتناول في مقالتنا بعضاً من أنواعها، وهي: (المُوازنة، المُواربة، التشريع، التسميط). [1]

ما هي الموازنة؟

في اللغة هي مصدر الفعل وازَنَ، وتعني سوّى بين شيئين، وفي الاصطلاح البلاغي، فهي تَساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية، أي الحرف الأخير، وهذا ما يميّزها عن السّجع (الذي هو توافق الفاصلتين على حرفٍ واحد في الآخر)، ومن أمثلة الموازنة، قوله تعالى: ﴿ونَمارِقُ مَصْفوفة ۞ وزرابِيُّ مَبثوثة﴾ {الغاشية 15-16}، فإن كلمتي (مصفوفة) و(مبثوثة) متساويتان، حيث إن وزنهما (مفعول)، ومختلفتان في التقفية، أي الحرف الأخير (الفاء والثاء) لأن التاء المربوطة زائدة للتأنيث. [1] [2] [3] [5]

أما في الشعر، كقول الشاعر:

أفادَ فسادَ وقادَ فزادَ
وسادَ فجادَ وعادَ فأفضلَ

أنواع المُوازنة

للموازنة عدة أنواع، وهي:

1- إذا تساوت الفاصلتان وزناً لا تقْفِيةً، وتماثلت ألفاظ القرينة أو أكثرها مع مقابلاتها في القرينة الثانية في الوزن دون التقْفِية، فيسمّى هذا النوع بـ (المُماثلة)، كقوله تعالى: ﴿وآتيناهُما الكتابَ المُسْتبين ۞ وهَديْناهُما الصِّراطَ المُسْتقيم﴾ {الصّافات 117}.

فإن أكثر كلمات القرينة الأولى تساوت مع كلمات القرينة الثانية في الوزن فقط (الكتاب، الصراط) على وزن (الفِعال)، و(المُستبين، المُستقيم) أيضاً لهما وزنٌ واحد، ولكنهما اختلفتا في التقْفِية، ومنه في الشعر قول الشاعر أبي تمام:

مها الوحشِ إلا أنّ هاتا أوانِسُ
قنا الخطّ إلا أنّ تلكَ ذوابلُ

2- توافق الفاصلتين وكل كلمات القرينتين في الوزن دون التقْفِية، كقول أبي حُصين بن عبد الملك:

من ذا يُطاولهُ أم منْ يماجدُه
أم منْ يُساجلُه أمْ من يُكاثره

فقد توافقت كل كلمات القرينة الأولى مع كلمات القرينة الثانية في الوزن دون التقْفِية، والهاء هي هاء ضمير الغائب.

3- توافق الفاصلتين وكل كلمات القرينتين وزناً وتقفية، كقول الشاعر:

كيف صُغْتِ من القلوبِ سهاما
كيف سُقْتِ من العيونِ سِماما

فقد توافقت الفاصلتين وكل كلمات القرينتين في الوزن والتقفية.  [1] [2] [3] [4]

جماليات المُوازنة

ما يميز الموازنة هو تحقيقها للموسيقى العالية من خلال التناظر الإيقاعي في مواضع محددة، وذلك من شأنه أن يعطي الكلام روعة وجمالاً، ولا سيّما أن المماثلة تتفوق في هذا المجال، وذلك لأنها تعتمد على مبدأ التناظر التام بين أجزاء القرينتين. [1]

ما هي المُواربة؟

تعني في اللغة المُداهاة، والمُخاتلة، والمُراوغة. أما في الاصطلاح البلاغي، فهي أن يجعل المُنشِئ كلامه على نحوٍ يمكّنه من تغيير معناه بتحريفٍ أو تصحيفٍ، أو غيرهما، حتى لا يقع عليه اللوم، ومن أمثلته قول الشاعر أبي نواس مخاطباً الخليفة هارون الرشيد:

لقد ضاعَ شعري على بابكمْ
كما ضاعَ عِقْدٌ على خالصهْ

وعندما أنكر عليه الرشيد قال أبو نواس: “لم أقلْ إلّا”:

لقد ضاءَ شعري على بابِكم
كما ضاءَ عقدٌ على خالصهْ

فقد هيّأ أبو نواس كلامه على نحوٍ يستطيع من خلاله أن يغير دلالته بتغييرٍ بسيطٍ في الصورة اللفظية، فاستخدم حرفي (العين والهمزة)، وهما حرفان لهما نفس المخرج، وهو الحلق، فاستطاع تغيير حرف العين، وذلك باستبداله بالهمزة)، وأوهم المتلقي أنه أراد أحدهما، ولم يرد الآخر حتى يتجنّب وقوع اللوم عليه.

جماليات المُواربة

هذا النوع يدلُّ على امتلاك المُنشِئ زمام اللغة، كما أن فيه شيءٌ من الظُّرف والدعابة، الأمر الذي يجعل الناس يحفظون هذه الأمثلة، ويرددونها فيما بينهم حتى يومنا هذا. [1]

ما هو التشريع؟

وهو أن يُبنى البيتُ على قافيتين مختلفتين في الوزن العروضي، ويصحُّ المعنى عند الوقوفِ على كلٍّ منهما، ويسمّى أيضاً (التوشيح) و(ذا القافيتين)، ومنه قول الشاعر: [1] [5]

اسلمْ ودمْتَ على الحوادثِ ما رسا
ركنا ثبيرٍ أو هضابُ حِراءِ
ونلِ المُرادَ مُمَكَّنا منهُ على
رغمِ الدُّهورِ وقَرْ بطولِ بقاءِ

فقد نُظمَ هذانِ البيتان على البحر الكامل، وقافيتين (رائي وقائي)، ويمكن تجزئة البيتين، والوقوف على القافية الأولى (بيرِ، هُورِ)، فيكون عندنا بيتان منظومان على مجزوء الكامل:

اِسلمْ ودمتَ على الحواد
ثِ ما رسا رُكنا ثبيرِ
ونلِ المُرادَ مُمْكَّنا
منْهُ على رغمِ الدُّهورِ

جماليات التشريع

يتجلى جمال التشريع في إثارته المفاجأة والإدهاش في نفس المتلقي، فعندما يتوهّم المتلقي انتهاء البيت عند القافية الأولى، ويستسلم لذلك، يُفاجأ باتصال الكلام، الأمر الذي يبعث فيه النشاط والبهجة، كما أن الدلالة الإضافية بعد انتهاء القافية الأولى تقع في نفس المتلقي وقوعاً خاصاً، لأنه استطاع تحصيل هذه الفائدة الإضافية بعد استعدادٍ وتأهُّبٍ ناتجين عن المباغتة. [1]

ما هو التسميط؟

اشتقّت تسمية هذا الفن من السِّمْط الذي هو خيط العقد، حيث جعلوا سجعات الأجزاء هي حبات العقد، وقافية البيت الشعري بمنزلة السِّمط الذي يجمع حبات العقد ويربطه. أما في الاصطلاح البلاغي، فهو أن يجعل الشاعر بيته على أربعة أقسام، ثلاثةٌ على سجعٍ واحد، مع مراعاة القافية في البيت الرابع. ومنه قول جَنوب الهذلية:

وحربٍ وردتُ
وثغرٍ سددْتُ
وعلجٍ شددتُ
عليه الحبالا
ومالٍ حويتُ
وخيلٍ حميتُ
وضيفٍ قريتُ
يخافُ الوكالا

فقد جعل بيته على أربعة أقسامٍ، ثلاثة منها على سجعٍ واحد، وهي: (وردتُ، سددتُ، شددتُ) بخلاف القافية (بالا)، وأيضاً (حويتُ، حميتُ، قريتُ) بخلاف القافية (كالا). [1] [4]

الفرق بين السّجع والتسميط

يحدث الخلط أحياناً بين السَّجع والتسميط، حيث أطلق البعض تسمية التسجيع على التسميط، إلا أنه هناك اختلاف بينهما، فالسّجع يجب أن تكون أجزاؤه على رويٍ ووزنٍ واحد، وعددها محصورٌ خلافاً للتسميط، وقد وجد الخليل بن أحمد الفراهيدي أن الشعر المُسمَط هو الشعر الذي يكون في صدر البيت أبياتٌ مقفّاة، أي على قافيةٍ واحدة، ثم تجمعها قافيةٌ مخالفة لازمة للقصيدة حتى تنتهي”. ومنه قول الشاعر امرؤ القيس:

ومستلئمٍ كشفتُ بالرمحِ ذيلهُ
أقمتُ بعضب ذي سفاسقِ ميلهِ
فجئتُ به في مُلتقى الكرّ خيله
تركتُ عناق الطيرِ تحجلُ حولهُ

كأن على سِربالهِ نضحُ جريالِ

ففي صدر البيت أبياتٌ مقفّاة (كشفتُ، أقمتُ، جئتُ، تركتُ) ثم جمعتها قافية مخالفة، وهي (يالِ)، وهي لازمة للقصيدة حتى تنتهي. [1] [4]

المراجع البحثية

1- عيسى علي العاكوب. (2005). المحسنات اللفظية. المفصل في علوم البلغة العربية (pp. 650–658). essay. Retrieved June 11, 2024

2- نورا أحمد إبراهيم. (2023). الموازنة. علم البلاغة – دائرة المعارف ج13 (p. 185). Retrieved June 11, 2024

3- محمد بن أحمد بن عرفة/الدسوقي المالكي. (2012). الموازنة- التشريع. حاشية الدسوقي على مختصر السعد شرح تلخيص المفتاح 1-4 مع الفهارس ج4. Retrieved June 11, 2024

4- ابن معصوم الحسني. (n.d.). أنوار الربيع في أنواع البديع (p. 481). essay. Retrieved June 11, 2024

5- أحمد بن إبراهيم الهاشمي، السيد، ملا محمد النوغراني ·. (2017). في المحسنات اللفظية توضيح شواهد جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع (pp. 186–193). Retrieved June 11, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.