Skip links
أحرف اللغة المسمارية منقوشة على حائط

الكتابة المسمارية – تاريخها ومراحل تطورها

الرئيسية » المقالات » اللغة العربية » الكتابة المسمارية – تاريخها ومراحل تطورها

الكتابة هي الوسيلة التي حولت اللغة المنطوقة إلى لغةٍ مكتوبة، فكانت وسيلةً مهمةً للتواصل، ونقل المعارف والمعلومات، واستطاع الناس من خلالها الاطلاع على علوم الأولين وأخبارهم، فهي تتصف بالديمومة والثبات، وتنقل الأفكار بسهولة، فتحفظها من النسيان. كانت الكتابة في بدايتها صوريةً ثم أصبحت رمزية، ثم مقطعية، ثم إلى ما وصلت إليه الآن، ولابدّ أن نتعرف على الكتابة المسمارية التي اخترعت من قبل السومريين، والتي تعدُّ من الكتابات القديمة والأصيلة. [1] [2]

من هم السومريون؟

هم من الأقوام القديمة التي سكنت بلاد الرافدين، ولقُّبوا بالسومريين نسبةً إلى ملوكهم الذين أطلقوا على أنفسهم ملوك سومر وأكاد، ويُعتقد أنهم من سكان المناطق الشمالية من العراق الذين جاؤوا من القسم الجنوبي بسبب تزايد السكان في شمال العراق، وقلة الموارد الغذائية. والسومريون هم الذين أقاموا حضارة العراق القديمة، وهم أول من ابتكر الكتابة، ولا سيّما الكتابة المسمارية. [3]

ما هي الكتابة المسمارية؟

هي كتابةٌ أصيلة لا تستند إلى غيرها، ويُطلق عليها الغربيون أيضاً “الإسفينية”، كما أطلق عليها العبرانيون “خط الأوتاد”، أما التسمية المشهورة، فهي “المسمارية” لأنها دُوّنت بأداةٍ تشبه المسمار مصنوعة من المعدن، أو العظم، أو النحاس (الإسفين)، ولها رأسٌ مثلث حاد، كان الكاتب يستخدمها لتدوين كتاباته من خلال الضغط بوساطتها على ألواحٍ طينية تسمّى (الرُّقم)، ثم تُشوى حتى تتصلب أو تترك تحت حرارة الشمس لتجف، وهي كتابة مقطعية، ولها حركاتٌ داخلةٌ ضمن سياق الكتابة الواحدة، فهي لا توضع فوق الخط أو تحته، بل تلازمه على نسقٍ واحد. أما الشكل الخارجي، فهو مسماري. [1] [2] [6]

تاريخ الكتابة المسمارية واستخدامها

ظهرت الكتابة المسمارية أواخر الألف الرابع قبل الميلاد في مدينة أورك، ويعتبر السومريين هم الذين اخترعوا الكتابة المسمارية للتعبير عن اللغة السومرية، حيث اكتشفت في جنوبي العراق (بلاد سومر) مع أنه لم يتمّ العثور إلا على لوحةٍ حجرية في مدينة كيش يعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد، والتي تعدُّ أحدث من النصوص القديمة التي عثر عليها في مدينة أورك، وقد استخدمها السومريون في تدوين سجلاتهم الرسمية، ومعاملاتهم التجارية، ومراسلاتهم، وفي كتابة الآداب والأساطير، والشؤون الدينية، والعبادات.

وقد استطاع الأوربيون في العصر الحديث بعد أعمال التنقيب في بلاد الرافدين اكتشاف كمياتٍ كبيرة من الألواح الطينية في منطقة نينوى التي نُقشت عليها الكتابة المسمارية، وكان من بينها ألواحٌ دُوّن عليها قصة (الطوفان الكبير وسفينة نوح). انتقلت الكتابة المسمارية إلى الأكاديين لأنها كانت ملائمةً للغتهم عندما تسلم سرجون الأكادي الحكم في عام 2500 قبل الميلاد، ثم انتقلت إلى جميع مناطق العراق القديم، ثم ظهر الخط العيلامي في منطقة عيلام.

كما انتقلت الكتابة المسمارية إلى شمال سورية عن طريق مدينة ماري التي تقع على نهر الفرات في بداية الألف الثاني قبل الميلاد، التي اكتشف فيها أكبر مكتبة في التاريخ القديم، ومنها إلى أواسط آسيا الوسطى، حيث استخدمها الحثيون، وقد تناقص استخدامها في سورية بسبب انتشار الكتابة الأوغارتية.

سمّيت هذه الكتابة بالكتابة الآشورية القديمة في عامي 1880- 1780 قبل الميلاد عندما انتقلت عن طريق التجار الآشوريين إلى كبودوكيا. أما الخط الآشوري الحديث، فقد انتشر في أرمنية في بداية القرن التاسع قبل الميلاد. واستخدم المصريون القدماء الكتابة المسمارية في مراسلاتهم مع ملوك الشرق الأوسط القديم خلال القرنين الخامس والرابع عشر قبل الميلاد. اختفت الكتابة المسمارية عند سقوط مدينة نينوى عام 612 قبل الميلاد، ولكن استمر استخدامها في كتابة الملاحظات الفلكية حتى 50 ميلادي. [3] [4] [7]

المراحل التي مرّت بها الكتابة المسمارية

نشأت الكتابة المسمارية للتعبير عن اللغة السورية بشكلٍ بطيء وتدريجي، فلم تنشأ بشكلٍ مفاجئ، بل مرت بمراحل متعددة، وهي:

1- المرحلة الصورية

كانت عبارة عن حروف مفردة تعبر عن الأشياء والانفعالات، وهي المرحلة المُفترضة في نشأة الكتابة بشكلٍ عام، حيث صورت الأشياء بخطوطٍ مُختزلة تشير إليها، وهي ذات المرحلة التي نشأت فيها الكتابة الهيروغليفية، حيث رسم السومريون علاماتهم المسمارية لتمثيل ألفاظهم على ألواحٍ من الطين في أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد.

وذلك باختزال سطوح الأشياء إلى مجموعةٍ من الحزات باستخدام قلمٍ مصنوعٍ من الخشب، وكل علامة كانت تمثل شيئاً محدداً، فمثلاً: كلمة البقرة كانت تُختزل بشكلٍ مثلث له رأسٌ طويل يتجه إلى اليمين، ورأس صغير يتجه إلى اليسار كما في الشكل الموضح أدناه

بلغت العلامات المسمارية التي استخدمت في جميع المناطق السومرية بحوالي 2000 علامة، ولم تكن هذه العلامات كافيةً لتدوين المعنويات، والتعبير عن المجردات.

2- المرحلة الرمزية

اختزل السومريون الصور والعلامات القديمة التي كانوا يعبرون من خلالها برموزٍ تدل عليها، حيث أضافوا رموزاً للصور تعبر عنها، مثلاً: كلمة (أَمَة) التي هي المرأة التي تكون أسيرةَ حرب مثلوا لها بالرمز الموضح أدناه:

وذلك برسم جسد امرأة، ثم ألصقوا بها علامة تدلّ على الجبال، وهي تشير إلى بلاد الأعداء الجبلية، ولكن هذه العلامات كانت تؤدي أكثر من معنى، فلم يكن من السهل التمييز بينها على الرغم من تطورها عن المرحلة التي سبقتها.

3- المرحلة المقطعية

قام السومريون في هذه المرحلة باختزال علامات الكتابة المسمارية في أصواتها بغضّ النظر عن دلالاتها، حيث يمثل الرمز الواحد مع حركته، فيكون لكل صوتٍ شكلٌ يختلف باختلاف حركته، فمثلاً: استخدم اللفظ (تِ) (ti) لتأدية معنيين: الأول حسّي، ويعني (سهم)، والثاني معنوي، ويعني (حياة)، فكلما أرادوا كتابة كلمة (حياة) وضعوا علامة السهم، وبذلك جُرّدت علامات الكتابة المسمارية من معانيها الأصلية.

واستخدموا أصواتها كمقاطع يتمّ لصقها بمقاطع أخرى، وذلك للتعبير عن المعاني والمفاهيم الجديدة، وقد ظهرت هذه الكتابة في مدينة الوركاء وجمدة نصر ما بين منتصف الألف الرابع قبل الميلاد إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث تخلصت هذه الكتابات من الصورة إلى الشكل المجرد المسماري، واستمرت حتى القرن الأول الميلادي.

لمزيدٍ من الدقة لجأ السومريون أيضاً إلى كتابة (المُحدّدات)، وهي علاماتٌ، ساعدت على القراءة بمرونة، وعدم الخلط بين ما تمثله العلامات وبين دلالاتها، وهي نوعان:

1- العلامات السابقة: التي توضع قبل الكلمات، مثل: كلمة dingir (𒀭)، وهي علامة كانت توضع قبل أسماء الآلهة.

2- العلامات اللاحقة: توضع بعد الكلمات، مثل: كلمة مكان (ki (𒆠 لأسماء المدن والمناطق. [3] [5]

الحروف المسمارية وما يقابلها باللغة العربية

يوضح الجدول التالي أحرف اللغة المسمارية وما يقابلها من حروف اللغة العربية

المراجع البحثية

1- أحمد رحيم هبو. (2004) .الكتابة العربية وأصل الأبجدية. تاريخ العرب قبل الإسلام (pp. 62–65). essay, مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية. Retrieved May 11, 2024

2- حبش، حسن قاسم. (2015). مواطن نشأة الكتابة العربة الأولى في التاريخ. جواهر الخطاطين في فن كتابة خط الثلث – فن الخط العربي(pp. 41–42). Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah. Retrieved May 11, 2024

3- فوزي رشيد. (n.d.). .انتشار الخط المسماري (2009).قواعد اللغة السومرية (pp. 21–25). Dar Safahat For Studies A. Retrieved May 11, 2024

4- عبد المنعم المحجوب. (2016). انتشار الكتابة المسمارية وانحسارها. المعجم السومري(p. 295). دار الكتب العلمية. Retrieved May 11, 2024

5- عبد المنعم المحجوب. (2013)  .السومرية واللغات الافروآسيوية .ما قبل اللغة (الجذور السومرية للغة العربية واللغات الآفروآسيوية) (pp. 88–99). دار الكتب العلمية. Retrieved May 11, 2024

6- إميل بديع يعقوب. (2006). الخط المسماري موسوعة علوم اللغة العربية 1-10 مع الفهارس ج5 (p. 367). دار الكتب العلمية. Retrieved May 11, 2024

7- قنغ يين تزنغ. (n.d.). منشأ الحضارات الإنسانية. موجز تاريخ العلاقات الصينية الأفروآسيوية. essay, ktab INC. Retrieved May 11, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.