تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تسبّب الفيضانات العنيفة سنوياً آلاف الخسائر في الأرواح والممتلكات نتيجةً للدمار الذي تحدثه، فقد تجاوزت الوفيات عدة مئات في فرنسا وألمانيا في عام 1994، كما أدت إلى خسارةٍ ماليةٍ كبيرة نتيجةً لفقد المحاصيل الزراعية والممتلكات الخاصة، كالمنازل، والسيارات، وفي بنغلادش حدث فيضان عام 1995 أدى لوفاة 300 شخص، وتشريد الآلاف من منازلهم.

ما المقصود بالفيضان؟

الفيضان (Flood) هو ارتفاعٌ غير طبيعي في مستوى الماء الجاري في الجداول والأنهار، بسبب الجريان المائي الناجم عن سقوط المطر الغزير أو ذوبان كمياتٍ كبيرةٍ من الثلوج بمعدلاتٍ عالية يصعب احتواءها وضبطها ضمن المجاري المائية النهرية العادية، حيث يحدث الذوبان نتيجة شروطٍ مناخية غير اعتيادية. تفيض مياه معظم الأنهار عن مجراها، فإذا طغت مياه نهرٍ ما على منطقةٍ يعيش فيها السكان، فإنها تسبّب فيضاناً، أما إذا فاضت مياه نهرٍ ما على أرضٍ لا يعيش فيها سكان عندئذٍ يقال إنها في حالة فيضان. ^[1]

ما هي أسباب حدوث الفيضانات؟

تعدُّ الأعاصير، والأمطار، وانسداد الصرف الصحي من أكثر العوامل شيوعاً في حدوث الفيضانات في مناطق مختلفة حول العالم، وفيما يأتي بعض الأسباب الرئيسية لحدوث الفيضانات: ^[2]

1- الأمطار

يعتبر هطول المطر بشكلٍ غزير العامل الرئيسي في معظم حالات حدوث الفيضانات التي شهدها العالم إذ يؤدي ارتفاع كثافة الأمطار على مدى فترةٍ طويلة إلى تدفق المياه مسببةً حدوث الفيضانات، ويمكن أن تحدث الفيضانات خلال فترة هطولٍ قصيرةٍ للأمطار اعتماداً على توزيع الأمطار، وكميتها، ومدى رطوبة التربة، وعدم قدرتها على امتصاص المياه الزائدة.

2- ذوبان الأنهار الجليدية وقمم الجبال التي تحتوي أغطيةً جليدية

حيث يتراكم الجليد والثلوج بشكلٍ كثيفٍ في المناطق الباردة خلال فصل الشتاء، وعندما ترتفع درجة الحرارة في فصل الصيف تتعرض الثلوج والجليد للذوبان، مما يؤدي إلى إطلاق كمياتٍ كبيرةٍ من المياه في الأماكن التي عادةً ما تكون جافة، ويطلق على هذا النوع من الفيضانات باسم فيضان ذوبان الجليد.

3- انهيار السدود

حيث يعتبر السد عبارةً عن إنشاءٍ هندسي يستخدم للحفاظ على المياه من التدفق، ويتمُّ استخدامه في توليد الكهرباء، وفي بعض الأحيان يمكن أن تصبح جدران السد ضعيفةً ومعرضةً للانهيار بسبب عدم قدرة السد على استيعاب كمياتٍ أكبر من المياه، وبهذا يمكن أن يتسبّب انهيار السدود في حدوث فيضاناتٍ واسعة النطاق في المناطق المجاورة للسد.

4- التغيرات المناخية

التي تحدث بشكلٍ رئيسي بفعل النشاط البشري عن طريق إزالة الغابات، فيكون هناك المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وعن طريق حرق الوقود الأحفوري الذي يؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة التي تزيد من درجة حرارة الجو، مما قد يؤدي إلى ذوبان الأنهار الجليدية، وبالتالي حدوث الفيضانات.

5- ظاهرة الاحترار العالمي

ويعرف بأنه الزيادة السريعة غير المعتادة في متوسط درجة حرارة سطح الأرض، ويعتبر الاحترار العالمي من أهمّ مسبّبات حدوث الفيضانات، فحين ترتفع درجة الحرارة يصبح هطول الأمطار أقل تواتراً، فيحمل الهواء المزيد من الرطوبة، مما يؤدي إلى حدوث الجفاف، ولكن في مرحلةٍ ما تحرر السماء الرطوبة الموجودة في الجو عن طريق هطول أمطار غزيرة، فتحدث الفيضانات لأن الأرض لا تستطيع امتصاص كمياتٍ كبيرةٍ من مياه الأمطار.

 ما هي النتائج الإيجابية للفيضانات؟

يوجد العديد من النتائج الإيجابية للفيضانات يمكن توضيحها كالتالي: ^[3]

1- تجديد الأراضي الرطبة، وتعدُّ إحدى فوائد الفيضانات الأكثر أهميةً، لأنها تساهم في تحقيق التوازن في الأراضي الرطبة الصحية ذات الأهمية البيئية من خلال الحفاظ على التوازن الكيميائي، واستعادة مناطق التكاثر، وزيادة مخزون التنوع البيولوجي.

2- إعادة المغذّيات إلى التربة، وزيادة خصوبتها، حيث تحمل الفيضانات الرواسب الغنية بالمغذيات التي تدعم الحياة النباتية والحيوانية، وتوزعها في الأراضي الرطبة، حيث ترسب الفيضانات رواسب الأنهار على مساحاتٍ واسعةٍ من الأرض، وهذه المغذّيات تغذي التربة السطحية، وتجعل الأراضي الزراعية أكثر خصوبة، إضافةً إلى ذلك تضيف الفيضانات العناصر الغذائية للبحيرات والجداول، والتي تساعد في دعم مصائد الأسماك الصحية.

3- تجديد المياه الجوفية وزيادتها، حيث يعتمد العديد من المراكز السكانية على المياه الجوفية، وخزانات المياه الجوفية للحصول على المياه العذبة، حيث يتمّ امتصاص مياه الفيضانات إلى جوف الأرض، وتتسرب عبر الصخور الرخوة لإعادة تغذية إمدادات المياه الجوفية، ويمكن بعد ذلك أن تتدفق هذه المياه الجوفية إلى الأنهار أو تطفو على سطح الأرض لتتحول إلى ينابيع طبيعية.

4- منع التآكل، والحفاظ على كتلة الأرض، حيث تمنع التربة التي ترسبها مياه الفيضانات من التعرية، وتساعد في الحفاظ على ارتفاع الكتلة الأرضية فوق مستوى سطح الأرض.

ما هي النتائج السلبية للفيضانات؟

يمكن أن تكون الفيضانات قوةً مدمرةً آثارها كارثية، وفيما يلي بعض نتائجها السلبية: ^[3]

1- تتسبّب الفيضانات في الترسيب والتآكل: تسبّب تآكل ضفاف الأنهار، مما يؤدي إلى انهيارها، فعندما تحمل مياه الفيضانات المواد من الضفاف المتآكلة تصبح الرواسب معلقةً في الماء، مما يؤدي إلى تدهور جودة المياه.

2- الإصابات بين الناس وفقد الأرواح.

3- الفيضانات تدمر البنية التحتية المبنية لأن كمية المياه المتدفقة القوية جداً سواءً كانت بسبب فيضان نهر أو انهيار أحد السدود، ويمكن للفيضانات أن تدمر كل شيء على طول طريقها.

4- فقدان الممتلكات العامة، كالمباني، والطرق، والجسور، والاتصالات.

5- يمكن أن يكون للفيضانات تأثير سلبي على الحياة البرية بسبب الغرق، وانتشار الأمراض.

6- الفيضانات تحمل التلوث، حيث يمكن أن تتلوث المياه بالملوثات، مثل: مبيدات الآفات الزراعية، والمواد الكيميائية الصناعية.

7- انتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه، والتي يمكن أن تصل إلى حدّ الوباء في بعض الحالات.

8- نشوب الحرائق التي غالباً ما تكون بسبب ماس كهربائي نتيجةً لوجود الوسط المائي.

كيف يواجه الإنسان أخطار الفيضانات ويقلل الكوارث الناجمة عنها؟

لتخفيض نسبة أخطار الفيضانات لا بدّ من دراسة خصائص الفيضانات السابقة، وخاصةً تكرار الفيضان، وتحديد موضع الخطر ودرجاته على الخرائط، ومن الوسائل التي يمكن أن تخفف المخاطر: ^[4]

1- دراسة البيانات الهيدرومورفولوجية المتوفرة من النهر وحوضه، للاستفادة منها في تحديد احتمالات حدوث الفيضانات وتكرارها.

2- إنشاء السدود والخزانات على الروافد الرئيسية التي تعمل على تجميع سريع للجريان المائي، ويتمّ إطلاقه في وقتٍ لاحقٍ بعد الانتهاء من أخطار الفيضان، وإقامة السدود في مواضع ملائمة على الأنهار الرئيسية.

3- العمل على إنشاء قنواتٍ إضافية في مناطق السهل الفيضي لاستيعاب كميات المياه الزائدة بحيث يمتدّ في موازاة القناة الرئيسية.

4- تعميق القنوات المائية للنهر وروافده لزيادة قدرتها على استيعاب المياه الزائدة القادمة إليها.