Skip links
سلاسل رسم بياني لجزيء المادة، الذرة، الكواركات، الغلون

الغلون – القوة القوية في الفيزياء

الرئيسية » الفيزياء » الغلون – القوة القوية في الفيزياء

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي القوى القوية في الفيزياء؟

القوى الأساسية في الفيزياء هي الطرق التي تتفاعل بها الجسيمات دون الذرية مع بعضها البعض ومع المادة مشكلةً كل ما هو محيطٌ بنا من مادة أو طاقة، وتقسم هذه القوى إلى أربعة أنواع:

1- الجاذبية (Gravity).  

2- الكهرومغناطيسية (Electromagnetism).

3- القوى الضعيفة (Weak Interaction).

4- القوى القوية (Strong Interaction).

ولكل قوةٍ من هذه القوى جسيمات مسؤولة عن حمل هذه القوة، وتكون مسؤولةً عن التفاعل ضمن هذه القوة. أقوى هذه القوى هي القوى القوية، ومهمتها المحافظة على ارتباط النيوكليونات (Nucleons) (النيوكليونات هي تسميةٌ عامة تُطلق على البروتونات والنيوترونات) مع بعضها البعض، بالتالي الحيلولة دون تمزُّق الذرة والجسيمات المسؤولة عن القوى القوية، وتسمّى الغلونات (Gluons)، حيث تضمن هذه الغلونات ربط مكونات النيوكليونات، وهي الكواركات (Quarks) الثلاثة مع بعضها. [1]

ما هي الغلونات؟

لتصور كيفية عمل القوة الشديدة، تخيل كواركين مرتبطين معًا بخيط، فعندما تكون الكواركات قريبةً من بعضها البعض يرتخي الخيط، ويقلُّ التوتر فيه، ويبدو أن الكواركات لا تواجه أي قوة، وعندما يتحركان بعيدًا عن بعضهما البعض، فإن التوتر في الخيط يزداد كي يحاول أن يبقيهما معًا. هذا تشبيه لعمل الغلون (Gluon) بين الكواركات، فقوة الغلون تقابل القوة التي يسبّبها وزن قدره 16 طنًا على واقعنا عند مسافاتٍ تعادل حجم البروتون تقريبًا.

وتسمية الغلون تعني “الغراء”، وهذا المعنى يشير إلى وظيفة الغلونات، وهي ربط الكواركات مع بعضها ارتباطًا وثيقًا علماً أن كل الجسيمات الأولية التي تتألف من كواركات تربط بينها غلونات تدعى هادرونات (Hadrons)، ويعتبر الغلون جسيماً أولياً حتى الآن، أي ليس له مكونات في داخله.

والقاسم المشترك بين الكواركات والغلونات هو أنه لا يمكن لأيّ منهما أن يوجد كجسيماتٍ حرة في الحالة الطبيعية لها، ولا يمكن لأي منهما أن يوجد دون الآخر، وعلى الرغم من أن الفيزيائيين لا يستطيعون رؤية الغلونات بشكلٍ فردي، إلا أننا نعرف أنها موجودةٌ بسبب الأدلة غير المباشرة التي لا يمكن تفسيرها إلا من خلال وجود الغلونات. [2]

متى اكتشف الغلون؟

تمَّ اكتشاف الغلونات لأول مرة في عام 1979، في تجربة أُجريت على مسرّع بيترا (PETRA) في مختبر ديزي (DESY) في ألمانيا، حيث يُعتبر مسرّع بيترا عبارةً عن حلقةٍ يبلغ طولها 2.3 كيلومتر، وتعتبر إلى حدٍّ ما نسخةً مصغرةً من المصادم الهادرونات الكبير باستثناء أن بيترا تعمل على تسريع الإلكترونات وما يعادلها من المادة المضادة، مثل: البوزيترونات.

لاحظت تجارب ديزي أنه عندما تصطدم المادة والمادة المضادة، مثل: الإلكترون والبوزيترن، فإنها تفنى، ويرافق هذا الفناء كواركًا وكواركًا مضادًا. هذان الكواركان غير قادرين على الإفلات من بعضهما البعض، بل على العكس كلما حاولوا الابتعاد عن بعضهما البعض، أصبحت القوة الرابطة بينهما أقوى، وفُسر ذلك بوجود الغلون إلى جانب زوج الكوارك والكوارك المضاد، فهذا الغلون هو المسؤول عن الربط القوي بين الكواركات التي أنتجها التصادم.

كيف توصف الغلونات في نظرية الديناميكية اللونية الكمومية؟

تسمّى النظرية الكمومية التي تحكم فيزياء القوة القوية التي تحملها الغلونات بالديناميكية اللونية الكمومية أو (QCD) تمّ تسميتها من قبل عالم فيزياء الجسيمات الشهير الحائز على جائزة نوبل موراي جيلمان (Murray Gell-Mann)، وتدور نظرية (QCD) حول وجود خاصيةٍ للكواركات والغلونات تسمّى “الشحنة اللونية ” (Color charge)، وهي لا تمثل لونًا حقيقيًا، ولا شحنة كهربائية حقيقية (الغلونات محايدة كهربائيًا).

لكن هذه تسمية مجازية لأنها تشبه الشحنة الكهربائية بمعنى أنها مصدر تفاعلات، فكما الشحنة هي مصدر التفاعل في القوة الكهرومغناطيسية، فالألوان هي أيضاً كذلك في القوى القوية، ويمكن من خلال هذه الصفة التمييز بين الكواركات المختلفة وتفاعلاتها مع القوة الشديدة عبر الغلونات. يمكن أن تحتوي الغلونات على شحنةٍ لونية يشار إليها إما باللون الأحمر، أو الأخضر، أو ​​الأزرق، وهناك نسخ موجبة وسالبة (مضادة) لكل منها.

لكن الكواركات قادرة على تغيير اللون في تفاعلاتها، بينما تحافظ الغلونات على شحنها اللونية، على سبيل المثال: إذا تغير كوارك أخضر إلى كوارك أزرق، فيجب أن يكون الغلون المسؤول عن الربط قادرًا على حمل شحنة لونية من اللون الأخضر والأزرق. إن حساب جميع مجموعات الألوان المختلفة ومضادات الألوان يعني أنه يجب أن يكون هناك 8 غلونات مختلفة.

هل يمكن فصل الغلونات عن الكواركات؟

إن جملة لا يمكن فصل الغلونات والكواركات ليست دقيقةً علمياً، فالأدق أنه لا يوجد غلونات وكواركات منفصلة في الطبيعة اليوم إلا أنه يمكن الفصل، لكن ذلك يتطلب ظروفًا قاسية جدًا لم تكن موجودةً في الطبيعة منذ الأجزاء الصغيرة الأولى من الثانية بعد الانفجار العظيم.

بعد بضعة أجزاء من تريليون من الثانية من الانفجار الكبير، كانت درجة حرارة الكون الصغير لا تزال هائلةً عند ألف تريليون درجة. خلال تلك الفترة، قبل أن تتشكل أي هادرونات، كان الكون الوليد ممتلئًا بحساء من الكواركات والغلونات الحرة المعروفة باسم بلازما كوارك-غلون.

بالإضافة إلى اللبتونات، مثل: النيوترينوات، والإلكترونات، ونظرًا لأن الكون كان ساخنًا للغاية، كانت الكواركات والغلونات تدور حول نفسها بسرعة الضوء، وترتدُّ عن بعضها البعض بكميةٍ كبيرةٍ من الطاقة بحيث لا تستطيع القوة القوية ربطها حتى. لكن مع تبرُّد الكون أثناء توسعه، وبحلول المليون ثانية الأولى من حياة الكون، انخفضت درجة الحرارة بدرجةٍ كافية، إلى 2 تريليون درجة مئوية لتبدأ عندها القوة القوية بربط الكواركات والغلونات معًا لتكوين الهادرونات الأولى.

من الممكن الحصول على بلازما الكوارك-غلون في تجارب معجلات الجسيمات، مثل تلك التي أجريت في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية سيرن (CERN)، حيث يتمُّ اصطدام النوى الذرية للعناصر الثقيلة، مثل: الذهب أو الرصاص معًا بسرعة الضوء تقريبًا، مما ينتج عنه كرة نارية مصغرة تكون ساخنةً بدرجةٍ كافية للحظة وجيزة لإذابة الهادرونات، والحصول على بلازما كوارك-غلون.

لكن سرعان ما تبرد الكرة النارية على الفور تقريبًا، وتتحد الكواركات والغلونات من جديد لتشكل دفقات من الهادرونات، بما في ذلك الميزونات التي تتكون من كواركين، والباريونات التي تتكون من ثلاثة كواركات. إن إعادة إنشاء بلازما كوارك-غلون في مسرعات الجسيمات يمكن أن يمنح العلماء نافذةً للعودة بالزمن إلى ولادة الكون، والعواقب المباشرة للانفجار الكبير عندما ظهرت المادة لأول مرة. [3]

المراجع البحثية

1- Jones, A. Z. (2019, January 19). The 4 Fundamental forces of Physics. ThoughtCo. Retrieved May 20, 2024

2- Ent, R., Ullrich, T., & Venugopalan, R. (2024, February 20). The mysteries of the world’s tiniest bits of matter. Scientific American. Retrieved May 20, 2024

3- Cooper, K. (2023, January 29). What are gluons?. Space.com. Retrieved May 20, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.