Skip links
طفل يجلس على الأريكة وهو يصرخ ويرمي الدمية على الأرض

الطفل الفظّ – الأسباب، تأثيره، وكيف تتعامل معه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

في عالم الطفولة المليء بالبراءة والعفوية قد نُفاجأ أحياناً بسلوكياتٍ فظّةٍ تصدر عن الأطفال تجعلنا نتساءل هل هذا السلوك ناتجٌ عن طبيعتهم أم أنه انعكاسٌ لظروفٍ معينة؟ هذه السلوكيات قد تكون مصدر قلقٍ للأهل والمربين، ولكنها في الوقت ذاته فرصةٌ لفهم الطفل بشكلٍ أعمق، ومساعدته على النمو بشكلٍ صحي. في هذا المقال سنستعرض أسباب الفظاظة لدى الأطفال، تأثيراتها، وأهمّ الطرق للتعامل معها بحكمةٍ وفعالية.

لماذا يتصرَّف الأطفال بفظاظة؟

تصرُّف الأطفال بفظاظةٍ قد يكون نتيجةً لمجموعةٍ من العوامل المتداخلة التي تؤثر على سلوكهم، ومن أبرزها: [1]

1- الأسباب الأسرية

نقص التوجيه: قد لا يحصل الطفل على القواعد التربوية الكافية التي تعلمه كيف يتصرف بشكلٍ لائق.

التقليد: الأطفال يتأثرون بسلوكيات من حولهم، فإذا كان أحد الوالدين أو أفراد الأسرة يتصرّف بفظاظة، فقد يكتسب الطفل هذه الصفة.

إهمال الطفل عاطفياً: إن عدم تلبية احتياجات الطفل العاطفية قد يدفعه للتصرف بفظاظة كوسيلةٍ لجذب الانتباه.

2- الأسباب النفسية

التعبير عن الغضب: الأطفال غالباً يفتقرون إلى المهارات اللازمة للتعبير عن مشاعرهم، فيلجؤون إلى التصرُّف بفظاظةٍ للتعبير عن الإحباط أو الغضب.

البحث عن القوة: قد يستخدم الطفل الفظاظة كوسيلةٍ لفرض السيطرة أو الشعور بالقوة، خاصةً إذا شعر بالضعف في موقفٍ ما.

قلة الثقة بالنفس: الطفل الذي يعاني من انعدام الثقة بالنفس قد يلجأ إلى الفظاظة كدرعٍ دفاعيّ لحماية نفسه.

3- التأثيرات البيئية والاجتماعية

رفاق السوء: إذا كان الطفل محاطاً بأصدقاء يتصرّفون بفظاظة، فقد يتأثر بهم ويقلدهم.

الضغط المدرسي: البيئة المدرسية، وضغوطات الدراسة قد تؤدي إلى تصرّف الطفل بفظاظة كردّ فعلٍ على هذه الضغوط.

الإعلام: عند تعرّض الطفل لمحتوى عنيف أو غير مناسب يتمّ عرضه على وسائل الإعلام سيشجعه لتجربة ما يشاهده من سلوكياتٍ سلبية، كالفظاظة.

4- الأسباب الجسدية

الإرهاق أو الجوع: الأطفال الذين يعانون من قلة النوم أو الجوع قد يصبحون أكثر عرضةً للتصرّف بفظاظة.

المشكلات الصحية: بعض الحالات الصحية، مثل: اضطرابات الانتباه وفرط النشاط (ADHD) قد تجعل الطفل يميل إلى التصرّف بشكلٍ غير لائق.

ما هي تأثيرات السلوك الفظ على الطفل؟

السلوك الفظ عند الأطفال لا يقتصر تأثيره عليهم فقط، بل يمتدّ ليشمل الأهل والعلاقات الأسرية والاجتماعية، وفيما يلي أهمّ التأثيرات: [1]

1- صعوبات في العلاقات الاجتماعية

قد يجد الطفل صعوبةً في تكوين صداقات أو الحفاظ عليها لأن الأطفال الآخرين سيشعرون بالنفور من سلوكه، مما يؤدي إلى شعوره بالوحدة والعزلة.

2- مشاكل في الثقة بالنفس

عندما يواجه الطفل ردود فعلٍ سلبية متكررة من الآخرين بسبب سلوكه قد تتأثر ثقته بنفسه، وسيشعر بالرفض.

3- ضعف الأداء الدراسي

السلوك الفظ قد يسبّب مشكلاتٍ مع المعلمين وزملاء الدراسة، مما يؤثر على تركيز الطفل، وعلى مستواه التعليمي.

4- تعزيز السلوكيات السلبية

إذا لم يتمّ تصحيح السلوك الفظ بشكلٍ جدي، فقد يصبح عادةً متأصّلةً في شخصية الطفل.

5- مشكلات نفسية مستقبلية

قد يتطور السلوك الفظ إلى اضطراباتٍ نفسية أو سلوكية، مثل: العدوانية أو العناد الشديد، وهذا في حال لم يتمّ التعامل معه مبكراً.

ما هي تأثيرات السلوك الفظ على الأهل؟

1- زيادة التوتر الأسري

السلوك الفظ يخلق أجواءً من التوتر داخل المنزل، خاصةً إذا لم يتمكن الأهل من التعامل معه بشكلٍ فعّال.

2- الإحباط والقلق

قد يشعر الأهل بالإحباط لعدم قدرتهم على ضبط تصرفات الطفل، مما يزيد من الضغط النفسي عليهم والقلق المستمر حول تأثير سلوك الطفل على مستقبله وعلاقاته الاجتماعية.

3- التأثير على العلاقة مع الأشقاء

السلوك الفظ قد يخلق منافساتٍ أو نزاعاتٍ بين الطفل الفظ وأشقائه، مما يؤدي إلى شعورهم بالغيرة أو الغضب.

4- الإحراج الاجتماعي

إن تصرفات الطفل الفظ في الأماكن العامة قد تسبّب إحراجاً للأهل، خاصةً إذا تلقوا انتقاداتٍ من الآخرين بسبب تصرفاته.

كيف تتعامل مع الطفل الفظ؟

التعامل مع الطفل الفظ يتطلب الصبر والوعي بأسباب السلوك مع استخدام استراتيجياتٍ تربويةٍ فعاّلةً تعزّز تعديل السلوك بطريقةٍ إيجابية. فيما يلي مجموعة من النصائح العملية للتعامل مع الطفل الفظ: [2]

1- فهم أسباب السلوك

يجب محاولة فهم الذي يدفع الطفل للتصرُّف بفظاظة هل هو الغضب، الإحباط، أو ربما الشعور بالإهمال؟ حيث يمكن التواصل مع الطفل، وسؤاله عن مشاعره ودوافعه بأسلوبٍ هادئٍ وغير اتهامي، مثل: “أشعر أنك غاضب، هل ترغب في التحدُّث عن السبب؟”

2- التحلّي بالصبر والهدوء

من الضروري تجنُّب الردّ بفظاظة، حيث يؤدي التعامل السلبي من الأهل إلى تفاقم السلوك الفظ لدى الطفل، لذا من المهمّ ضبط النفس قبل التعامل مع تصرُّفات الطفل لاحتواء الموقف.

3- وضع حدودٍ واضحةٍ وثابتة

يجب وضع قواعد واضحة للسلوك المقبول وغير المقبول، وشرحها للطفل بأسلوبٍ بسيط، وإخباره عن العواقب التي ستترتب على التصرُّف بفظاظة، مثل: الحرمان من لعبة أو من وقت مشاهدة التلفاز.

4- تعزيز السلوك الإيجابي

عندما يتصرَّف الطفل بلطف أو يُظهر تحسُّناً في سلوكه يجب مدحه أو مكافأته بطريقةٍ مناسبةٍ ومُشجّعة.

5- الانتباه إلى تصرُّفات الآباء

على سبيل المثال: إذا تصرَّف أحد الآباء بفظاظةٍ تجاه الطفل أو أمامه يجب عليه الاعتذار له ليشعر بأهمية الاحترام المتبادل، وأن هذا السلوك خاطئ، ويتطلب الاعتذار.

6- تحسين مهارات التواصل لدى الطفل

أي مساعدة الطفل على تعلم التعبير عن غضبه أو إحباطه بطريقةٍ صحية، مثل: استخدام الكتابة، أو الرسم، أو الحديث الهادئ البنّاء.

7- تقليل المُحفّزات السلبية

وذلك بضبط البيئة المحيطة، ومراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل، وتجنُّب البرامج التي تعزّز السلوكيات العدوانية أو غير اللائقة، كما يجب التأكد من أن الطفل يحصل على قسطٍ كافٍ من النوم والغذاء، حيث قد تزيد عوامل، مثل: الإرهاق والجوع من السلوك الفظ عند الطفل.

8- التحدُّث مع المدرسة أو الأخصائيين إذا لزم الأمر

من المفيد مشاركة المعلمين في فهم سلوك الطفل، والعمل معهم على وضع خطةٍ لتحسينه في المدرسة، وفي حال استمر السلوك الفظ، وأثر بشكلٍ كبيرٍ على حياة الطفل قد يكون من الضروري استشارة أخصائي نفسي أو مستشارٍ أسري للمساعدة في هذه المشكلة.

9- إظهار الحب والدعم

بتخصيص وقتٍ للأنشطة الممتعة التي تعزّز العلاقة الإيجابية بين الأهل والطفل، وتأكيدهم له أنهم يحبونه حتى عندما لا يوافقون على سلوكه هذا سيمنحه الشعور بالأمان والدعم.

في الختام يمكننا القول: إن السلوك الفظ لدى الأطفال ليس سوى مؤشر على احتياجات غير مُلبّاة أو مشاعر غير معبّرٍ عنها بشكلٍ صحيح، ومن خلال الفهم والصبر، يمكننا تحويل هذا السلوك إلى فرصةٍ لتعليم الأطفال قيم الاحترام والتواصل الإيجابي، فعلينا أن نتذكر دائماً أن كل طفلٍ يستحق الدعم والتوجيه لينمو بشكلٍ صحي وسعيد، فبالحب والتفاهم يمكننا أن نصنع فارقاً حقيقياً في حياة أطفالنا ومستقبلهم.

المراجع البحثية

1- Siegel, D. J., & Bryson, T. P. (n.d.). No-Drama Discipline: The Whole-Brain Way to Calm the Chaos and Nurture Your Child’s Developing Mind. (July 12, 2016). Retrieved November 22, 2024

2- Greene, R. W. (n.d.). The Explosive Child: A New Approach for Understanding and Parenting Easily Frustrated, Chronically Inflexible Children. (January 19, 2010). Retrieved November 22, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.