الصحة النفسية للطفل في المدرسة – أهميتها، دور المعلمين والأهل
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هي أهمية الصّحة النفسية للطفل داخل المدرسة؟
تُعتبر صحة الطفل النفسية في المدرسة أحد أهمّ العناصر الأساسية التي تشكل تأثيراً كبيراً على تقدّمه وتطوُّره الاجتماعي والأكاديمي، لأنها تساهم في تشجيعه على التّعلم والتغيير نحو الأفضل، وتنمية مهارات التواصل الفّعال الإيجابي مع أقرانه، وبالتالي التحسين من مستوى الذكاء العاطفي لديه.
حيث يصبح أكثر قدرةً على المشاركة في الدرس، والتفاعل مع معلميه، والحصول على درجاتٍ مميزةٍ في الاختبارات، فالطفل الذي يُنمّي مهاراتٍ سلوكيةٍ جيدة، ويُظهر جرأةً وذكاءً في إجاباته دون تلبُّكٍ أو خجلٍ أثناء ساعاته في المدرسة، ومع عائلته في البيت.
فهو حتماً يتمتع بثقةٍ عاليةٍ بالنفس جداً على العكس من الأولاد الذين يعانون من مشكلاتٍ نفسيةٍ معينة، كالاكتئاب أو القلق، مما يُعطي نتائج سلبية، ويبدو ذلك واضحاً على ملامحهم، وقدراتهم الشخصية، وتحصيلهم الدّراسي. [1]
ما هو تأثير الصّحة النفسية على التحصيل الدراسي؟
في حال كان الطفل يعاني من مشاكل نفسية، كالتوتر أو الخوف والخجل، فإن قدرته على التركيز ستكون ضعيفةً ومحدودة، مما سيؤدي إلى انخفاضٍ في درجات تحصيله، وبالتالي سيطرة الأفكار التشاؤمية عليه، ومن ناحيةٍ أخرى لا يمكن إخفاء حقيقة أن الطفل الذي يتمتع براحةٍ نفسيةٍ عاليةٍ في بيئته الدراسية، وسيكون أكثر قدرةً على التّعلم والمشاركة مع أصدقائه، والإبداع في دراسته والأنشطة التعليمية الأخرى. [1]
ما هي العلاقة بين الصّحة النّفسية والتّفاعلات الاجتماعية؟
لا شكّ أن الطفل الذي يتمتع بصحةٍ نفسيةٍ جيدة يكون أكثر قدرةً على تكوين علاقاتٍ اجتماعيةٍ مفيدة وصحيّة مع محيطه عكس الأطفال الذين يعانون من انعزالٍ ووحدةٍ اجتماعية، حيث يجدون صعوبةً في تكوين صداقاتٍ قوية، كما يكون التّواصل لديهم معقّداً بسبب سيطرة أحاسيس الخجل على شخصيتهم، ومن الممكن أن يتعرضوا للتنمُّر والإحباط حيال ذلك، مما يؤثر سلباً على المرونة النفسية. [1]
ما هو دور المعلمين في تحسين الصّحة النفسية للأطفال؟
للمعلمين دورٌ مهمٌّ في دعم وتعزيز الصّحة النفسية للطلاب إذ إن دورهم لا يقتصر على التعليم الأكاديمي فقط، بل إنه يتعدّى ذلك ليشمل الجوانب العاطفية والتربوية، مما يساهم في خلق بيئةٍ صحيّةٍ تعليميةٍ آمنة، ومن الطّرق التي يمكن من خلالها تحسين الحالة النفسية للطفل: [2]
1- تقديم التّوجيه والدّعم المستمر للأطفال
يمكن للمعلم أن يقدم للطفل خدماتٍ مختلفة تتجلى في أمور عاطفية ومعنوية، وذلك من خلال الاستماع للمشاعر، وتفهُّم الاحتياجات النّفسية التي يمكن أن يفتقدها، فعندما يشعر الطالب أن معلمه يحبه، ويهتمُّ لأمره يصبح أكثر قدرةً على مواجهة الصّعوبات النفسية والتعليمية، على سبيل المثال: يمكن للمعلم أن يلاحظ تراجع تحصيل طالبه العلمي في مادته عندها يجب أن ينتبه له أكثر، ويوجه له بعض الملاحظات والأسئلة حول السبب، ويعطيه إحساساً دائماً أنه بجانبه، وسيساعده ذلك على التّحسُّن بجميع الأحوال.
2- خلق بيئةٍ مدرسيةٍ آمنة
البيئة الدراسية التي تُشعر أطفالها بالأمان النفسي تساهم وبشكلٍ كبيرٍ في تعزيز الأحوال النفسية، حيث يمكن للمعلم أن يساهم في خلق هذه البيئة من خلال التعامل مع التلاميذ باحترامٍ ولطف، وتشجيعهم على التّعبير عن مواهبهم بحريةٍ تامة، كما يجب على المعلم أن يكون على علم بأساليب العدوانية أو التنمُّر التي تحدث في الصف مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان بيئةٍ خاليةٍ من العنف والفشل.
3- الاهتمام بتقديم خططٍ واستراتيجياتٍ معيّنةٍ لمواجهة الضغوط
على المعلم أن يعلّم طلابه كيفية تخطّي الفشل والتّعامل مع الضّغوط الدراسية بشكلٍ منظّمٍ سابقاً، وذلك من خلال إلقاء محاضراتٍ عن كيفية تنظيم الوقت، وفهم التحدّيات الأكاديمية، والتي هي طبيعيةٌ جداً، وتحصل مع أي تلميذ، ويمكن للأخصائي النفسي أن يعلم الطّلاب تقنيات التنفُّس العميق أو الاسترخاء والتأمل، وذلك من أجل تفريغ الشّحنات السلبية، وإعادة شحن العقل بطاقةٍ إيجابية.
4- تشجيع الطلاب على التّواصل المفتوح
من المهمّ أن يشعر الطالب بالراحة عند التّحدث مع معلمه عن أحاسيسه ومشكلاته، فالمعلم يجب أن يعزّز التّفاعل المفتوح بينه وبين تلاميذه، وألا يقمعهم بحجة أنهم يسبّبون له الإزعاج، فذلك سيساهم في تخفيف آثار الضغط النفسي لأن المعلم وبهذه الحالة يجعل التلاميذ يفرغون ما يكبتون من سلبيات، فالمناقشات الصّفية تكسبهم أيضاً مهاراتٍ لمعالجة القضايا الاجتماعية والنفسية، كالتمييز أو القلق والتنمُّر ضعف التّحصيل.
ما هو دور أولياء الأمور في تعزيز الصّحة النّفسية؟
يعدُّ التواصل الفعّال مع أولياء الأمور من العوامل الرئيسية التي تساهم في تحسين الصّحة النّفسية للطلاب داخل المدرسة، ويمكن أن يكون لآراء ودعم العائلة أهميةً في تحفيز رفاهية الطّفل الفكرية والمزاجية، ومن خلال التعاون بين الأسرة والمدرسة يتمكن المختصون والمعلمون من فهمٍ أفضل لرغبات واحتياجات الطفل الأمر الذي يشكل عاملاً إيجابياً متكاملاً لتوفير بيئةٍ مُحفّزةٍ للدعم، وهنالك بعض الطّرق التي تُستخدم من قبل أولياء الأمور للمساهمة بتحسين الصحة النفسية لأطفالهم، ومنها ما يلي: [3]
1- إشراك العائلة في البرامج التّوعوية للصحة النّفسية
من المهمّ أن تساهم المدرسة في عقد ندواتٍ لتوعية الأسر حول أهمية الصحة النفسية للأطفال، وكيف يمكن التّعرف على المشاكل النّفسية المبكرة، كالقلق أو اضطرابات النوم والاكتئاب، فكلما زاد وعي العائلة تجاه ذلك زادت القدرة على دعم الطفل ومساعدته للتغلب على هذه التحدّيات والمصاعب.
2- عقد جلسات تدريبٍ مع أولياء الأمور حول كيفية التّعامل مع المشكلات النّفسية
قد يواجه الآباء صعوبةً في التّعامل مع الضغوط النفسية للأطفال، كالقلق الامتحاني أو الخجل، لذلك يمكن للمدرسة تنظيم جلساتٍ عمليةٍ تدريبيةٍ للأسر حول أساليب مواجهة المشكلات، كتقنيات الاسترخاء أو كيفية تقديم الدعم العاطفي، واستخدام برامج مخصّصة لتعزيز الثقة بالنفس بشكلٍ صحي، فهذه التدريبات تساعد الأهل على تحسين استجابتهم للمواقف الصّعبة التي قد يتعرّض لها الطفل.
3- التعاون من أجل وضع خطط دعمٍ فرديةٍ للطفل
عندما يلاحظ المرشدون النفسيون أو المعلمون في المدرسة طفلاً يعاني من مشكلاتٍ سلوكيةٍ أو اضطراباتٍ نفسيةٍ يمكنهم عندها العمل مع أولياء أمر الطّالب لوضع خطة دعمٍ فرديةٍ مناسبةٍ لاحتياجات الطفل، ويشمل ذلك تحديد طريقة التدخُّل سواءً جلسات استشارية أو أنشطة مُعزّزة للدعم النفسي، كالتمارين الرياضية والفنية، فالتعاون بين العائلة والمدرسة يؤكد على تلقّي الطّفل الدعم الكافي في جميع جوانب حياته.
ما هي أهمية برامج الدّعم النفسي؟
تعدُّ البرامج النّفسية في المدارس من أهمّ الركائز التي تساهم في تعزيز الحالة النّفسية للتلاميذ إذ تمثل هذه البرامج أداةً فعّالةً لدعم الطالب الذي يعاني من مشكلاتٍ وصعوباتٍ معينة على الصعيد الدراسي والعاطفي أو الاجتماعي، وفي هذا المحور سنتحدث عن دور هذه البرامج: [4]
1- تقديم جلساتٍ جماعيةٍ وفردية
يتضمن برنامج الدعم النفسي في المدارس تنظيم مواعيد جلساتٍ استشاريةٍ جماعيةٍ وفردية، فالجلسات الفردية تقدم مساعداتٍ مخصّصةً للطلاب الذين يعانون من مشكلاتٍ سلوكيةٍ ونفسيةٍ معقّدة. أما الجلسات الجماعية، فهي تهتمُّ بتعزيز التّواصل بين الأطفال، وتُكسبهم مهارة التعبير عن عواطفهم وأحاسيسهم في جوٍّ آمن، مما يعزّز من مشاعر الانتماء لديهم، ويقلّل من مشاعر الوحدة.
2- تعزيز مهارات التّأقلم لدى الأطفال
فمن خلال برامج الدعم يمكن تعليم الطفل مهارات التّكيف التي تساعدهم على التّعامل مع الضّغوطات النّفسية والتوتر بطرق صحيّة، على سبيل المثال: يمكن للطفل أن يتعلم كيفية تجاوز الفشل أو الصعوبات الاجتماعية، وذلك بتقنيات رفع الاستحقاق الذاتي، وتعزيز الثقة بالنفس، فتعلُّم مثل هذه المهارات يشجع الطّلاب على مواجهة صعوبات الحياة بطريقةٍ ذكية ودون ترك آثار سلبية في داخلهم.
3- ممارسة نشاطات تعزيز الصّحة النّفسية في البيئة الدراسية
يمكن للمدارس أن تضمّ أنشطةً متنوعةً ضمن برنامج الدعم، كالأنشطة الرياضية مثلاً أو الموسيقى والرّسم، فهذه الأنشطة ليست فقط طريقةً لتخفيف الاكتئاب، بل إنها تلعب دوراً في إكساب الطّفل مهارات تواصلٍ فعّالة، إضافةً للعمل الجماعي والتعاون مع الزملاء.
4- تعزيز ثقافة المدارس حول الصّحة النّفسية
في النهاية ينبغي أن تركز برامج الدعم على تبنّي ثقافة مدرسية تحترم وتوظف الصحة النفسية بشكلٍ أساسي في عملية النمو والتّعلم، فعندما تكون المدرسة داعمةً ومطوّرةً لأساليب الإرشاد النفسي بشكلٍ مستمر، عندها سيشعر التلاميذ بأنهم في مكانٍ آمنٍ معزّزٍ للقدرات، ومُقدّر للمواهب، فإن ذلك حتماً سيكون عنوان الازدهار والتقدُّم الدائم.
المراجع البحثية
1- Children’s mental health. (2022, May 16). Retrieved November 28, 2024
2- Barnardos. (2023, September 20). The importance of supporting children’s mental health. Barnardo’s. Retrieved November 28, 2024
3- Psychosocial support. (2023, February 13). CEDEFOP. Retrieved November 28, 2024
4- Hoy, T. (2024, November 13). Support groups: types, benefits, and what to expect. HelpGuide.org. Retrieved November 28, 2024