تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

التربة والنباتات عنصران متكاملان في الطبيعة، فإذا كانت التربة أساس الحياة، فإن النبات هو الحياة ذاتها، فالتربة هي الحامل الفيزيائي لجميع النباتات وباقي الكائنات الحية، وتنوع التربة يؤثر على النباتات وباقي الكائنات الحية التي تعيش عليها حسب ما تحتويه من عناصر.

فهي تنشأ بشكل عام عن تحلل الصخور لتغطي الطبقة السطحية العليا ضمن قوامٍ خفيفٍ أو ثقيل حسب غنى المنطقة الجغرافية بالعناصر، ونجد أن التربة الفقيرة بالعناصر تضعف سماكتها وتركيبها وخصائصها، وتكون التربة إما أصيلةً من ذات طبقات الأرض، أو نتيجة حتّ الصخور.

أو تكون تربةً منقولةً من مناطق بعيدة بواسطة عدة عوامل أهمها: الرياح، كالغبار، أو مع الفيضانات المطرية، أو فيضان الأنهار، أو تحت تأثير جاذبية القمر، وتتعدد أنواع التربة حسب الطبيعة الجغرافية، مثل: التربة الطينية، الرملية، الخثية، الطفالية، الطباشيرية، الطمية، أو السلتية، أو الفيضية.

وتعدُّ الأخيرة من أنواع الترب المميزة بسبب فوائدها العديدة ومزاياها، إذ تنشأ طبيعياً على ضفاف الأنهار بسبب عدة عوامل أهمها: فيضان النهر وانحساره، وتتشكل على سرير النهر طبقة طينية مشبعة بالمواد العضوية.

التربة الطمية (السلتية)

تعدُّ من أفضل أنواع الترب الزراعية بسبب خصائصها التي تجمع بين التربة الطينية والتربة الرميلة، فهي تحتوي على كميةٍ عاليةٍ من الماء، وذات تهويةٍ جيدة ما يسمح لجذور النبات بالنمو بشكلٍ ملائم، وهي تربة خفيفة تسمح لديدان الأرض بالنمو ضمنها مما يزيد نسبة التهوية.

وتمتلك مواد عضوية بكميةٍ مناسبة، وهذا يجعلها غنيةً بالعناصر الغذائية، وتتغير ألوانها من منطقةٍ إلى أخرى، ونشاهدها إما بنية اللون أو سوداء، وتتشكل هذه التربة عند خروج المياه من مجراها الطبيعي تحت الظروف الطبيعية، مثل: فيضان النهر لنشاهد طبقة تربةٍ طرية تحتوي على رمالٍ تغطي جانبي النهر، كما تساهم السيول المطرية بتشكيلها أيضاً. ^[1]

أنواع الطمي

1- الطمي الأسود

وهو عبارة عن تربةٍ سوداء اللون حبيباتها ذات أصلٍ معدني من الكوارتز والفلسبار نتيجة حتّ مياه الأنهار للأحجار.

2- طمي الخزان

وهو عبارة عن تربةٍ ناعمةٍ ودقيقة حملها الفيضان الناتج عن الأمطار من المناطق المرتفعة الى المناطق المنخفضة أثناء الجريان السطحي، وتحتوي على بقايا عضوية بشكلٍ كبير، وعند توقف الفيضان في نقطةٍ معينة تتشكل مستنقعات، وتترسب جميع المواد المحمولة مشكلةً طمي الخزان، وتتحلل بعد فترةٍ من الزمن، ويكون طمي الخزان من أغنى أنواع الطمي بالعناصر لأنه يعمل على جرف التربة وما يعلوها من محاصيل زراعية، وكائنات حية.

3- طمي الأنهار

وهو عبارة عن خليطٍ من الرمل، والطين، والمواد العضوية تترسب في قاع الأنهار أو الممرات المائية بحكم جريانها الدائم، وما ينعكس عن الجريان من عمليات حتٍّ وترسيبٍ بشكلٍ دائمٍ مشكلاً رواسب في قاعه. ^[2]

تواجد التربة الطمية (السلتية) حول العالم

1- سهول نهري دجلة والفرات، وتعدُّ من أقدم السهول الطمية.

2- سهول نهر النيل في مصر والسودان.

3- سهول نهر المسيسبي في أمريكا الشمالية.

4- سهول نهر بارانا في أمريكا الجنوبية.

5- سهول دلتا الميكونج في فيتنام.

أقسام التربة الطمية (السلتية)

تمتلك التربة الطمية جزأين أساسيين، وهما:

1- جزء صلب

ويتألف من الرمال، والمعادن، والكائنات الحية، والمواد العضوية. وجميع المكونات السابقة مختلفةٌ بالحجم عن بعضها البعض، وتفاوت نسب المكونات الصلبة يحدد قوام التربة ومساميتها، وكمية الماء التي تحتويها وتوزيعه، وهي دلالة على إمكانيتها على تخزين الماء، وإمداد النبات به حسب الحاجة.

2- جزء مسامي

ويتألف من الماء والهواء. كما تلعب ديدان الأرض دوراً في زيادة تهوية التربة.

مزايا التربة الطمية (السلتية)

1- مقاومة للجفاف بسبب قدرتها على الاحتفاظ بالماء.

2- تمتص حرارة الشمس أسرع من باقي التربة، مما يجعل النبات أسرع نمواً.

3- تمتلك خصوبةً عاليةً وتهويةً جيدة.

عيوب التربة الطمية (السلتية)

قد تحتوي على كمية من الأحجار، وهذا الأمر يعوق عملية حصاد المحاصيل. ^[3]

أفضل استخدام للتربة الطمية (السلتية)

تعدُّ من أغنى الترب بالمعادن، والمواد العضوية، والكائنات الحية، فهي خصبة جداً، لكنها تشكل جزءاً بسيطاً من طبقات القشرة الأرضية، فهي في حالة تشكلٍ وتغيرٍ بشكل مستمر، حيث تتراوح سماكتها حتى 2 سنتيمتر، وتختلف فترة بقائها حسب المناخ المحيط بها.

ففي المناطق المعتدلة والرطبة تدوم أكثر من المناطق الحارة، حيث يتراوح قطر حبيباتها بين (0،05/0،002) ميلي متر، وتمتلك حبيباتٍ كوارتيزية، إضافةً إلى جزيئاتٍ طينية، والتي تحتوي على نسبةٍ عالية جداً من الرطوبة، كما يمكن ضغطها بسهولة بسبب صغر حجم جزيئاتها.

كما يمكن خلط التربة الطمية (السلتية) مع التربة الطينية لإكسابها الخصوبة، وقد استخدمها الإنسان منذ القدم كسمادٍ في وادي دجلة، والفرات، ونهر النيل، وأفضل أنواع المزروعات لاستخدامها هي: القمح، الأشجار المنتجة للزيوت، كأشجار الزيتون، الأشجار المعمرة، وتشمل أيضاً: النخيل، النباتات العشبية. ^[4]

مواصفات السهول الطمية (السلتية)

عادةً تتشكل التربة الطمية على جانبي النهر والمجاري المائية التي تتعرض للفيضانات بشكلٍ دوري، ولعبت السدود دوراً مهماً في منع تشكل التربة الطمية لأنها تمنع فيضان النهر، فلا تتشكل على ضفافه التربة الطمية (السلتية)، وتتشكل أيضاً السهول الطمية عند انحسار مستوى مياه البحار والمحيطات. ومن أكثر الحيوانات تعايشاً بأوساطها، الزواحف، الأفاعي، السلاحف، الطيور البرية، والبرمائيات من ضفادع وحشرات، كما تعدُّ غنيةً بالموارد المائية، والحيوانية، والزراعية.

العوامل التي تشكل السهول الطمية (السلتية)

1- كمية الأمطار الهاطلة على مدار العام.

2- انحدار التربة، حيث يعدُّ أهمَّ عاملٍ بسبب تحكمها بجهة مجرى مياه الأمطار الهاطلة وتجمعها.

3- نوعية التربة، فكلما كانت التربة غضاريةً قابلةً للحتّ يسهل على السيول نقل كميةٍ أكبر من التربة. أما إذا كانت الأرض حجريةً أو كتيمة يصعب على الفيضانات نقلها وحملها، كما تلعب التربة دوراً في قدرتها على امتصاص مياه الفيضان أو العكس.

4- جغرافية الأرض التي تحدد مكان توقف جريان الفيضان واستقرارهُ لتشكل مستنقعات بداية، ثم لا تلبث أن تتحول إلى طبقةٍ طمية ترابية تغطي الأرض تحت مسمى السهول الطمية، والتي تعدُّ موقعاً زراعياً حيوياً ومناسباً للاستثمار بسبب احتواء التربة على الماء والعناصر المتنوعة بوفرة. ^[5]