Skip links

البوزيترون – كيف يتمُّ إنتاجه، وأهمُّ تطبيقاته؟

الرئيسية » المقالات » الفيزياء » البوزيترون – كيف يتمُّ إنتاجه، وأهمُّ تطبيقاته؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الجسيمات الأولية أو الفيزياء عالية الطاقة هي فرعٌ من العلوم الطبيعية الذي يدرس البنية الأولية للمادة. فيزياء الجسيمات الأولية يعالج المكونات الأساسية للمادة، والتأثيرات المتبادلة فيما بينها. أما الجسيم في الفيزياء، فيشير لشيءٍ لا يملك أبعاداً مكانية، ويمكن تمثيله بنقطة.

كل شيءٍ في هذا الكون من النجوم والكواكب إلى أجسامنا مكونٌ من اللبنات الأساسية نفسها أي من الجسيمات الأولية نفسها. إن بعض الجسيمات تمّ ملاحظتها بعد الانفجار العظيم (Bing Bang) بجزءٍ من بليونٍ من الثانية. الجسيمات الأخرى تشكل معظم المادة حتى وقتنا الحاضر.

ما هو البوزيترون؟

البوزيترون (Positron) هو جُسيمٌ أوليٌّ لا يعتبر من المكونات الأساسية لنواة الذرة، ولكن يمكن أن ينتج فيها نتيجة تفاعلات الاضمحلال، ويعتبر الجسيم المُضاد للإلكترون، فهو يتطابق مع الإلكترون في الصفات والخصائص الفيزيائية كافةً، له كتلةٌ سكونيةٌ تعادل كتلة الإلكترون السكونية، وشحنة كهربائية مكافئةٌ لشحنة الإلكترون، ولكن يحمل البوزيترون شحنةً موجبة، وله سبينٌ مساوٍ لسبين الإلكترون، ويساوي ½، ويرمز عادةً للبوزيترون بالرمز [math]\beta^{+}[/math] أو [math]e^{+}[/math].

يعتبر البوزيترون من الجسيمات غير المستقرة، حيث إن فترة حياته قصيرةٌ جداً، سرعان ما يتفاعل مع إلكترون، ويشكلان مع بعضهما مجموعةً تسمّى البوزيتيريوم، ويدوم هذا الارتباط فترةً زمنيةً قصيرة حوالي 140 جزء من الثانية، ويُفني كل منهما الآخر، وينتج فوتونين من غاما طاقة كل منهما 511 كيلو إلكترون فولت. [1]

كيف تمّ اكتشاف البوزيترون؟

اكتشف البوزيترون من قبل العالم كارل أندرسن Carle Anderson في عام 1932 من خلال دراسة تفاعلات الأشعة الكونية، وذلك عند تعريض الحجرة الضبابية للأشعة الكونية.

ما هي آليات إنتاج البوزيترون؟

هناك عدة آليات لإنتاج البوزيترون، وهي: [2] [3]

1- الأشعة الكونية

تنتج البوزيترونات بالقرب من سطح الأرض من تفكك البيونات، فتنتج الميونات لتتفكك فيما بعد هذه الميونات لتعطي البوزيترونات والنيترينو الإلكتروني والميوني.

[math]\pi ^{\pm}\rightarrow \mu ^{\pm }+\nu _{\mu }[/math]

[math]\mu^{\pm}\rightarrow e^{\pm}+\overline{\nu}_{e}+\nu_{\mu}[/math]

2- الاضمحلالات

إن النوى التي تحتوي على فائضٍ من البروتونات يمكن أن يتحول فيها أحد البروتونات إلى نيوترون، ويرافق ذلك إصدار البوزيترون والنيوترينو، وهذا يعرف بالاضمحلال البوزيتروني، كما هو مبين في المعادلة التالية:

[math]p\rightarrow n+e^{+}+\nu [/math]

وكمثالٍ على ذلك اضمحلال نواة الصوديوم 22 كما في المعادلة التالية:

[math]_{\square }^{22}\textrm{Na}\rightarrow _{\square }^{22}\textrm{Ne}+e^{+}+\gamma [/math]

يتمُّ الكشف عن البوزيترونات من تفاعل الفناء، حيث يتحد البوزيترون مع أحد الإلكترونات، وينتج عن ذلك زوجٌ من أشعة غاما طاقة كل منهما تساوي0.511 مليون إلكترون فولت، ويتحركان باتجاهين متعاكسين.

3- إنتاج الأزواج

عندما تسقط أشعة غاما على مادةٍ ما بطاقةٍ أكبر من الطاقة السكونية للزوج إلكترون بوزيترون (ee+) المساوية إلى (1.022) مليون إلكترون فولت، تتحول كامل الطاقة الإشعاعية إلى طاقةٍ كتلية، أي يفنى الإشعاع.

4- المصادمات

يمكن إنتاج مضاد الإلكترون (البوزيترون) بواسطة المصادم الإلكتروني البوزيتروني LEP، وهو متواجدٌ في مدينة جنيف بسويسرا، وطوله 27 كيلو متر، وهو تابعٌ للمركز الأوروبي لبحوث فيزياء الجسيمات.

كيف تفقد البوزيترونات طاقتها؟

عندما تمر البوزيترونات في مادةٍ ما، فإنها تفقد طاقتها بآليتين:

1- التأيُّن أو الإثارة

يصطدم البوزيترون بأحد الإلكترونات المدارية في المادة، فيتخلى عن جزءٍ من طاقته، فإذا كانت هذه الطاقة غير كافيةٍ لإحداث التأين ينتج عن ذلك إثارة للذرة، أما في حال كانت الطاقة التي تخلى عنها البوزيترون للإلكترون المداري كافيةً لتحرره من مداره، ينتج أزواج إلكترونية –أيونية، وهكذا في كل تصادمٍ مع إلكترونات ذرات المادة يفقد البوزيترون جزءاً من طاقته.

بعد أن يفقد البوزيترون طاقته بالكامل عند نهاية المسار يتحد مع إلكترون في المادة، ويفنيان معاً، وتتحول كتلتهما إلى طاقة، وتنطلق الطاقة الناتجة عن هذه العملية من منطقة التفاعل على شكل فوتونّين باتجاهين متعاكسين طاقة كل منهما تساوي الكتلة السكونية للإلكترون أو البوزيترون، وهي 0.511 مليون إلكترون فولت، وتسمّى عملية تلاشي المادة والمادة المضادة عند تلاقيهما بالفناء (Annihilation).

2- إنتاج أشعة الكبح أو الفرملة

ينتج من قوانين الإلكتروديناميك أنه عندما تتسارع شحنة كهروستاتيكية (كهربائية ساكنة) في حقل النواة أو في حقل الإلكترونات الذرية يحدث إشعاع طاقةٍ على شكل فوتونات تدعى بأشعة الكبح، وتتناسب شدتها مع مربع هذا التسارع أو التباطؤ، وبما أن التسارع يتناسب طرداً مع القوة الكهربائية بين الإلكترون والنواة، وعكساً مع الكتلة [math]a= F/m[/math]، وبما أن القوة بين الإلكترون ونواة المادة هي قوة كولونية [math]F \infty \frac{q_{1}\times q_{2}}{\Upsilon ^{2}}[/math] ، لذلك يكون مقدار ما يشعّ الجسيم من طاقةٍ متناسباً مع 2(zZe2/m). حيث: Ze شحنة النواة للوسط الماص، ze شحنة الجسيم الوارد.

ما هي أهمُّ تطبيقات البوزيترون؟

للبوزيترون تطبيقاتٌ عديدة أهمها استخدامه في المجالات الطبية: [4] [5]

1- التصوير المقطعي البوزيتروني ((PET) Positron Emission Tomography)

إن التصوير المقطعي البوزيتروني يساعد في الكشف عن الوظائف الحيوية للأنسجة والأعضاء، حيث يتمُّ إنتاج البوزيترون من اضمحلال بعض النظائر المشعّة، مثل: الفلور 18، الكربون 11، الأوكسجين 15، والغاليوم 68، والنحاس 64، وغالباً ما يُستخدم الفلور في تطبيقات التصوير المقطعي البوزيتروني نظراً لعمره النصفي القصير، مما يسمح بتخلص الجسم منه بعد فترةٍ وجيزةٍ من إجراء التصوير.

2- التصويرُ المقطعي المحوسب بالإصدار البوزيتروني (PET-CT)

إن التصوير المقطعي البوزيتروني لا يظهر التفاصيل البنيوية والتشريحية للأنسجة والأعضاء، لذلك غالباً ما تطبق تقنية جهاز (PET-CT)، حيث يرافق التصوير المقطعي البوزيتروني بالتصوير المقطعي المحوسب CT (التصوير بالأشعة السينية)، بذلك يتمُّ الجمع بين وظائف الأعضاء وبنيتها التشريحية. إن هذه التقنية مفيدةٌ جداً في تشخيص الأورام الخبيثة (السرطان)، وتمييزها عن الأورام الحميدة.

وهذه التقنية مفيدةٌ بشكلٍ خاص لتشخيص سرطانات الرقبة والحوض، حيث تحتوي هذه الأعضاء على أنسجةٍ مختلفة قريبة من بعضها البعض، وهي تساعد على وجه التحديد على تحديد موقع السرطان، ويمكن الكشف عن عودته في وقتٍ مبكِّر.

3- مسرعات الجسيمات

يتمُّ في المُسرعات تسريع البوزيترونات والإلكترونات إلى سرعاتٍ عالية قريبة من سرعة الضوء، بعدها يتمُّ قذف هذه الجسيمات لنوى المواد، ودراسة التفاعلات الناتجة، وبهذه الآلية تمّ اكتشاف جسيماتٍ جديدة.

4- مطياف فناء البوزيترون

يمتاز مطياف فناء البوزيترون (Positron annihilation spectroscopy (PAS)) بحساسيته الكبيرة للعيوب الناتجة على المستوى الذري، حيث تنجذب البوزيترونات إلى مناطق الشبكة، وهو يعمل كحساسٍ للعيوب في الشبكة البلورية، والإزاحة في المواد الصلبة، وأماكن تركيز الأيونات في أشباه الموصلات.

المراجع البحثية

1- Positron Physics. (n.d). Oeaw.ac.at. Retrieved May 23, 2024

2- Rich, A., & Van House, J. (2003). Positron microscopy. In Elsevier eBooks (pp. 1–7). Retrieved May 23, 2024

3- Zz_Hugo. (2023, August 14). Positron. laradioactivite.com. Retrieved May 23, 2024

4- Positron emission tomography (PET). (2021, August 20). Hopkinsmedicine.org. Retrieved May 23, 2024

5- PET scan. (n.d.). Cleveland Clinic. Retrieved May 23, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.