Skip links
رسم توضيحي لدماغ الإنسان

الارتجاج الدماغي – الأعراض، الأسباب وكيف يتمُّ علاجه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يتعرّض الكثير من الأشخاص حول العالم يومياً إلى رضوضٍ تصيب الرأس والقحف، غالباً ما تتحدّد الإصابة بتورُّمٍ بسيطٍ أو جرحٍ في فروة الرأس، وهي أذيات بسيطة لا تختلف عن أي رضٍّ بسيطٍ في أي مكانٍ آخر من الجسم، لكن بعض الإصابات الرضّية قد تسبّب أذياتٍ أشدّ داخل الدماغ، وتسبّب للمصاب أعراضاً عصبيةً مهمة، ومن بين هذه الأذيات الارتجاج الدماغي (Brain concussion).

وهو الشكل الأكثر شيوعاً من إصابات الدماغ الرضّية التي قد تسبّب عند المريض قلقاً من تطوُّر أعراضٍ أشد، لكن وبشكلٍ عام يعدُّ الارتجاج الدماغي سليماً، وتزول أعراضه عفوياً دون أي مضاعفات، إلا أنه في المقابل هناك العديد من حالات الارتجاج الدماغي قد تكون مؤشراً إلى إصابةٍ دماغيةٍ أكبر وأشد يجب متابعتها بحذر.

ما هو الارتجاج الدماغي؟

هو اضطرابٌ مؤقتٌ في وظائف الدماغ وطريقة عمله، وهو صنفٌ من أصناف الإصابات الرضّية للدماغ، وبشكلٍ مبسّطٍ يمكن وصفه بأنه رضٌّ دماغيٌّ ناتجٌ عن حركة الدماغ السريعة والمفاجِئة داخل الجمجمة بسبب التعرُّض لصدمةٍ شديدةٍ على الجمجمة. الميزة الأساسية لهذا النوع من الإصابات أن الأعراض العصبية لا تدوم لفتراتٍ طويلة، ولا توجد اختلاطاتٌ مهمةٌ مباشرة أو أذيةٌ دائمة.

أي أن كل ما يعاني منه المريض من أعراض يكون مؤقتاً، إضافةً إلى عدم وجود دلائل شعاعية تشير إلى إصابةٍ عضوية أو خسارةٍ نسيجيةٍ مهمة في الدماغ، وهو من المميزات الأساسية للارتجاج الدماغي التي تميزه عن الإصابات الدماغية الأخرى، حيث إن الارتجاج الدماغي يشير إلى اضطرابٍ في وظائف الدماغ وحالته الاستقلابية فقط دون خسارةٍ مهمةٍ في النسيج العصبي.

يعدُّ الارتجاج الدماغي من أشيع الإصابات العصبية الرضّية، خاصةً عند الشباب، كما أنه يشكل أكثر من نصف حالات الإصابات العصبية الرضّية في المستشفيات، وهي حالاتٌ شائعةٌ بشكلٍ خاص عند الرياضيين. الارتجاج الدماغي غير المترافق مع إصاباتٍ أخرى لا يحتاج إلى تداخلاتٍ طبية مهمة، إلا أن ترافقه مع إصاباتٍ نزفية يستوجب إجراء فحصٍ عصبيٍّ شامل، والتأكد من سلامة الجهاز العصبي المحيطي والمركزي. [1]

أعراض الارتجاج الدماغي؟

يمكن للمصاب أن يعاني من اضطراباتٍ متنوعة في وظائف الدماغ، بشكلٍ عام تتأثر الوظائف الذهنية، كالمحاكمة، والذاكرة، والتقلص العضلي، والنطق بشكلٍ واضح، وبدرجاتٍ متفاوتةٍ تبعاً للإصابة، قد يشكو المصاب من فقدان الذاكرة حول الحادث، إلا أنه غالباُ ما يستعيد ذاكرته بعد مرور فترةٍ من الزمن على الحادث.

بشكلٍ عام لا تدوم الأعراض لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن بعد الإصابة، وتزول بشكلٍ عفوي، خاصةً عند الإصابة بالارتجاج الدماغي لأول مرة، وليس من الضروري أن يكون الارتجاج الثاني بعد وقتٍ قصيرٍ من الأول قويًا جدًا حتى تصبح أعراضه دائمة. لذا فإن المتابعة الطبية للمريض بعد الإصابة برضوض الرأس مهمةٌ للغاية حتى في الحالات التي قد تظهر خفيفةً على المريض، ويمكن أن تشمل الأعراض المُلاحظة: [2]

– التخليط الذهني.

– الصُّداع.

– اضطرابات الرؤية (رؤية مزدوجة أو ضبابية).

– الدوخة أو عدم التوازن.

– الغثيان أو القيء.

– فقدان الذاكرة.

– طنين الأذن.

– صعوبةٌ في التركيز.

– حساسية للضوء.

– فقدان حاسة الشم أو التذوق.

– صعوبة في النوم.

مُسبّبات الارتجاج الدماغي

يمكن أن تحدث الارتجاجات نتيجةً لصدمةٍ مباشرةٍ في الرأس، مثل: السُّقوط، أو التعرُّض لضربة، أو حادث، ويمكن أن تحدث أيضًا نتيجةً للتسارع والتباطؤ المفاجئ في الرأس، ويفترض الكثير من الناس أن الارتجاجات تنطوي على الإغماء أو فقدان الوعي، لكن هذا غير صحيح. في كثير من الحالات لا يفقد الأشخاص المصابون بالارتجاج وعيهم أبدًا. في العديد من الحالات، قد تكون العلامات الخارجية لصدمة الرأس، مثل: النزيف غائبة أيضًا. [2]

اختلاطات الارتجاج الدماغي

بعد الإصابة بالارتجاج قد يعاني بعض الأشخاص من أعراضٍ مستمرة، مثل: مشاكل الذاكرة، والتركيز، وتقلُّب المزاج، وتغيُّرات الشخصية، والصُّداع، والتعب، والدوخة، والأرق، والنعاس المفرط لعدة أسابيع إلى أشهر، ويُعرف هذا باسم متلازمة ما بعد الارتجاج (Post-concussive syndrome). يجب على المرضى الذين يعانون من هذه المتلازمة تجنُّب الأنشطة التي تعرُّضهم لخطر الارتجاج المتكرّر، ويجب ألا يعود الرياضيون للعب أثناء ظهور هذه الأعراض.

تنجم متلازمة الاصطدام الثاني (Second impact) عن تورّم الدماغ الحاد والمميت في كثير من الأحيان، والذي يحدث عندما يستمر الارتجاج الثاني قبل الشفاء التام من ارتجاجٍ سابق. يُعتقد أن الصدمة الثانية تسبّب احتقان الأوعية الدموية، وزيادة الضغط داخل الجمجمة، والذي يمكن أن يحدث بسرعةٍ كبيرة، وقد يكون من الصعب أو المستحيل السيطرة عليه. [2]

تشخيص الارتجاج الدماغي

يعتمد التشخيص على الأعراض التي يعاني منها المريض بعد تعرّضه إلى حادثٍ مهمٍّ يشمل الرأس، غالباً ما يُشخَّص الارتجاج الدماغي عند ملاحظة أعراض الدوخة والتخليط الذهني لفترةٍ ليست بالقصيرة بعد الإصابة. على عكس الأمراض والرضوض العصبية الأخرى، فإن التصوير الشعاعي، مثل: التصوير الطبقي المحوري CT Scan، والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI، لا يكون مُستطباً عادةً عند الشك بالارتجاج الدماغي لكون الإصابة غير عضوية.

ولا تُظهر الصور الشعاعية أي نتائج مهمة أو تغيرات في الدماغ، إلا أن التصوير الشعاعي قد يكون مُستطباً في بعض الحالات لنفي الإصابة العصبية الأخرى التي قد تكون سبباً محتملاً عندما تدوم الأعراض لفتراتٍ طوليةٍ جداً من الزمن أو عند عدم تحسُّن حالة المريض عفوياً، وظهور أعراضٍ جديدةٍ أو تفاقم الأعراض السابقة، والشك بمتلازمة ما بعد الارتجاج. [1] [2]

علاج الارتجاج الدماغي

العلاج الأساسي والأهمّ للارتجاج الدماغي هو الراحة، وذلك لمساعدة الدماغ على معالجة البيئة الداخلية المتضرّرة من الإصابة الرضّية، وعادةً ما تكون الراحة التدبير الكافي المناسب للارتجاج الدماغي، يذكر أنه لا توجد مدةٌ معينةٌ للراحة موصى بها، حيث إن زوال الأعراض والشفاء العفوي يختلف بشكلٍ كبيرٍ من شخصٍ لآخر، حديثاً ينصح بالتدبير العرضي تبعاً لأعراض المريض، كما أن إجراء التصوير الشعاعي يمكن أن يشكل جزءاً من التدبير في بعض الحالات الشديدة لنفي الإصابات الأشد، وتدبيرها بأسرع وقتٍ ممكن. [1]

المراجع البحثية

1- Concussion. (2024، October 4). Cleveland Clinic. Retrieved November 15، 2024

2- American Association of Neurological Surgeons. (2024، April 29). Concussion. AANS. Retrieved November 15، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.