Skip links
روبوت صناعي أحمر اللون يعمل ضمن خط الإنتاج في المعمل

الأتمتة الصناعية – المفاهيم الأساسية والأنواع

الرئيسية » المقالات » التحكم الآلي » الأتمتة الصناعية – المفاهيم الأساسية والأنواع

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الأتمتة الصناعية تستخدم أجهزة الحاسوب والروبوتات للتحكم في العمليات التكنولوجية والآلات، مما يقلل من التدخل البشري في عمليات الإنتاج. تفيد الأتمتة الصناعية في تعزيز الإنتاجية والكفاءة من خلال الحصول على العمليات المستمرة والسريعة والدقيقة، وتشمل الفوائد زيادة الإنتاج، وتحسين جودة المنتج، وتوفير التكاليف على المدى الطويل، وذلك من خلال خفض كل من تكاليف العمالة والهدر.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم بتعزيز السلامة والأمن الصناعي في مكان العمل من خلال أتمتة المهام الخطيرة، وقد أصبحت الأتمتة الصناعية مع التقدم التكنولوجي أمراً مهماً في العمليات الصناعية التحويلية في مختلف الصناعات.

تاريخ الأتمتة الصناعية

بدأ تاريخ الأتمتة الصناعية مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر. أحدث خط تجميع هنري فورد (Henry Ford) عام 1913 ثورةً في الإنتاج، تلاه الطلب على التصنيع الدقيق في الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى ظهور آلات التحكم الرقمي (NC) في الأربعينيات من القرن الماضي.

في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، تمّ دمج أجهزة الحاسوب في التحكم الرقمي، مما أدى إلى ظهور أنظمة التحكم الرقمي المبرمج بالحاسوب (CNC). في السبعينيات دخلت المعالجات الدقيقة وأجهزة التحكم المنطقية القابلة للبرمجة (PLCs) في مجال التصنيع الآلي.

شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين ظهور الروبوتات وتكنولوجيا المعلومات (IT) في مهام تصنيعية، مثل: اللحام، وتحليل البيانات. في القرن الحادي والعشرين، استخدمت الأتمتة الصناعية أنظمةً ذكيةً تستخدم إنترنت الأشياء الصناعية (IIoT) والذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين عمليات الإنتاج. [1]

المفاهيم الأساسية في الأتمتة الصناعية

تعدُّ الأتمتة الصناعية مجالًا معقدًا يتمحور حول المفاهيم الأساسية المهمة لتصميم وتنفيذ وتشغيل أنظمة الأتمتة. المفهوم الأساسي هو نظام التحكم، وهو المسؤول عن إدارة، أو توجيه، أو تنظيم عمل الأجهزة، أو الأنظمة لتحقيق النتائج المرجوة في العمليات الصناعية.

هناك نوعان رئيسيان من أنظمة التحكم هما: نظام الحلقة المفتوحة التي يكون فيها إجراء التحكم مستقلاً عن قيم المخارج، ونظام الحلقة المغلقة التي يرتبط فيها إجراء التحكم بقيم المخارج. تلعب أجهزة الاستشعار (الحساسات) دوراً حيوياً، حيث تقوم بقياس الكميات والقيم الفيزيائية، مثل: درجة الحرارة، أو الضغط، وتحولها إلى إشاراتٍ لنظام التحكم، والمحركات تستجيب لأوامر نظام التحكم من خلال تنفيذ الإجراءات الفيزيائية.

تعدُّ الروبوتات الصناعية جزءًا لا يتجزأ من الأتمتة الصناعية، فهي مبرمجة للقيام بمهام، مثل: التجميع، أو الطلاء، أو اللحام بدقةٍ وسرعة. تشكل هذه المفاهيم مجتمعة أساس الأتمتة الصناعية، وتشكل كيفية إدارة الآلات والعمليات في بيئة الإنتاج. [1]

1- أنظمة التحكم

تعدُّ أنظمة التحكم جزءًا لا يتجزأ من الأتمتة الصناعية وإدارة وتنظيم الآلات والعمليات في خطوط الإنتاج، وهناك نوعان رئيسيان هما: أنظمة الحلقة المفتوحة، وأنظمة الحلقة المغلقة. تتمتع أنظمة الحلقة المفتوحة بإجراءات تحكمٍ مستقلة، مثل: السير الناقل ذو السرعة الثابتة، وتقوم أنظمة الحلقة المغلقة بضبط إجراءات التحكم بناءً على قيم المخارج، مثل: نظام التحكم في درجة حرارة الفرن. تُستخدم وحدات التحكم المنطقية القابلة للبرمجة (PLCs) والمعروفة بتعدد استخداماتها، وقوتها، وموثوقيتها بشكلٍ كبيرٍ في تنفيذ أنظمة التحكم في الأتمتة الصناعية.

2- الحساسات والمشغلات (المحركات)

في الأتمتة الصناعية، تكتشف الحساسات الخصائص الفيزيائية، وتوفر بياناتٍ مهمة لنظام التحكم، بينما تقوم المحركات بتنفيذ الإجراءات المناسبة. تقوم الحساسات، مثل: حساس درجة الحرارة، والحساس التقاربي بإبلاغ نظام التحكم بالقيم، وهو الذي يقرر ما سيتمّ فعله، وتقوم المشغلات، مثل: المحركات، والصمامات بالتنفيذ الدقيق للعمليات.

تعتبر هذه المكونات بمثابة عيون وأيدي نظام التحكم، مما يتيح للآلة التفاعل مع العالم المادي، على سبيل المثال: في خط تعبئة الزجاجات الآلي، تكتشف الحساسات التقاربية وجود الزجاجة، مما يؤدي إلى حركة المحرك، بينما يقيس حساس الضغط مستويات المشروبات، ويأمر الصمام بالفتح عند الضرورة. تلعب الحساسات والمحركات دورًا حيويًا في ضمان دقّة وموثوقية أنظمة الأتمتة الصناعية.

3- الروبوتات الصناعية

تعدُّ الروبوتات الصناعية مكونًا رئيسيًا للعديد من أنظمة الأتمتة الصناعية، وهي آلاتٌ قابلةٌ للبرمجة تصمّم لأداء مجموعةٍ من المهام بدقةٍ وسرعة وتكراريةٍ عالية. لقد أحدثت الروبوتات الصناعية ثورةً في التصنيع من خلال تولي المهام التي كان يؤديها في السابق البشر، وغالبًا ما يكون ذلك بكفاءةٍ أعلى، وتقليل خطر الإصابة، وهناك عدة أنواع من الروبوتات الصناعية، كلٌّ منها مصمّمٌ لتطبيقاتٍ محددة.

تقوم الروبوتات الصناعية التي يتمُّ التحكم فيها بواسطة متحكماتٍ روبوتية متخصصة، بتفسير الأوامر القادمة من نظام تحكمٍ عالي المستوى لتنفيذ حركاتٍ دقيقة، وتتفوق في المهام المتكررة عالية الدقة، مما يزيد جودة المنتج، ويقلل الهدر. تعمل الروبوتات بشكلٍ مستمر على تعزيز الإنتاجية، كما أنّ قدرتها على التعامل مع المواد الخطرة، ودرجات الحرارة العالية، والمهام التي تتطلب القوة الكبيرة أو البراعة تجعلها لا تقدر بثمن.

يؤدي التقدم التكنولوجي إلى توسيع قدرات الروبوتات الصناعية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من أنظمة الأتمتة الصناعية المتطورة.

أنواع الأتمتة الصناعية

يمكن تصنيف الأتمتة الصناعية إلى عدة أنواع بناءً على مستوى مرونة النظام، وقدرته على التكيف، ويعتبر فهم الأنواع المختلفة للأتمتة الصناعية أمرًا مهماً لاختيار الحل الأنسب لتطبيق أو صناعة معينة. الأنواع الثلاثة الرئيسية للأتمتة الصناعية هي: الأتمتة الثابتة (Fixed automation)، والأتمتة القابلة للبرمجة (Programmable automation)، والأتمتة المرنة (Flexible automation). [2]

1- الاتمتة الثابتة

هي عملية صناعية ذات تسلسلٍ محدد مسبقًا لمنتجٍ أو عمليةٍ معين، وقد تمّت عملية الأتمتة خصيصاً لهذه العملية المحددة، وتنتج الأتمتة الثابتة سرعات إنتاجٍ عالية، لكن مرونتها منخفضة تناسب الإنتاج الكمي الكبير، مثل: خطوط تجميع السيارات، أو مصانع التعبئة.

على الرغم من كونها مفيدة لتحسين الإنتاج، وانخفاض تكاليف التصنيع للقطعة الواحدة، إلا أن الأتمتة الثابتة لها حدود في القدرة على التكيف، مما يتطلب وقتًا ونفقاتٍ كبيرة لإجراء التعديلات عند الحاجة إلى التغييرات. غالبًا ما تكون التكاليف الأوليّة مرتفعةً لأنها تتطلب استعمال أجهزةٍ خاصةٍ بالعملية.

2- الأتمتة القابلة للبرمجة

الأتمتة القابلة للبرمجة هي نوعٌ من الأتمتة الصناعية، حيث يمكن لأجهزة وآلات الإنتاج التكيّف مع أنماط إنتاج مختلفة، عن طريق تغيير تسلسل العمليات. يتمُّ التحكم في هذه الأنظمة بواسطة برنامج، تستعمل في خطوط التصنيع الآلي والتجميع الآلي، والميزة الرئيسية هي المرونة، مما يتيح إعادة التشكيل السريع لمختلف المنتجات، لكن انخفاض معدلات الإنتاج مقارنةً بالأتمتة الثابتة يعتبر أحد سلبياتها، وارتفاع تكاليف إنتاج القطعة الواحدة، كما أنها بحاجة إلى موظفين ماهرين لإنشاء البرامج وصيانتها.

غالبًا ما تحتاج أنظمة الأتمتة القابلة للبرمجة أنظمة طاقةٍ وتحكمٍ حسابية متقدمة لتفسير البرامج وإدارة تسلسل العمل، ويستخدم هذا النوع وحدات التحكم المنطقية القابلة للبرمجة (PLCs) وأجهزة الحاسوب لإعادة برمجة الآلات للقيام بمهام مختلفة.

3- الأتمتة المرنة

تعتبر الأكثر قدرةً على التكيف مع العمليات الصناعية، وتسمح الأتمتة المرنة إعادة التشكيل السريع لمعدات الإنتاج ولمجموعةٍ متنوعةٍ من المنتجات، وهي تعتمد على آلاتٍ قابلةٍ للبرمجة، وأنظمة تحكمٍ متقدمة لإدارة تسلسل التشغيل المعقدة، مما يجعلها مفيدةً للطلبات غير المتوقعة ودورات إنتاج المنتج القصيرة في الصناعات، مثل: التصنيع المرن، والتجميع الآلي.

تكمن الميزة القصوى للنظام في قدرته على الاستجابة السريعة لتغيرات السوق، ومن خلال تعديلاتٍ بسيطة على البرنامج، يمكن للمصنعين إعادة تكوين النظام لإنتاج منتجات مختلفة، مما يسهل التكيف السريع مع المتطلبات المتغيرة، وتفيد بشكلٍ خاص الأسواق التي يكون فيها التخصيص أمرًا بالغ الأهمية.

توفر هذه الأنظمة قدرةً لا مثيل لها على التكيف، لكنها مكلفة، وتميل الآلات والمعدات المستخدمة إلى أن تكون أكثر تكلفةً من نظيراتها الثابتة أو القابلة للبرمجة، وتتطلب أنظمة التحكم مستوى أعلى من الخبرة الفنية للتشغيل والصيانة. أيضاً غالبًا ما تتطلب الأتمتة المرنة قوةً حسابيةً كبيرة وأنظمة تحكمٍ متطورة للتعامل مع تسلسل التشغيل المعقد، وللتكيف مع التغييرات في تصميم المنتج أو جداول الإنتاج.

على الرغم من هذه التحديات، تظل القدرة على التكيف مع الأتمتة المرنة أمرًا بالغ الأهمية في الأسواق الديناميكية، التي تعتبر فيها القدرة على إنتاج مجموعةٍ واسعةٍ من المنتجات بكمياتٍ صغيرة ميزةً استراتيجيةً رئيسية. تندرج الروبوتات الصناعية وآلات التحكم الرقمي المبرمج CNC ضمن هذه الفئة.

4- الأتمتة المتكاملة

تتضمن التكامل بين مكونات الأتمتة المختلفة، مثل: الروبوتات، والمتحكمات المنطقية المبرمجة(PLC) ، وأنظمة التحكم المركزي SCADA))، لتحسين عمليات الإنتاج بأكملها.

الخلاصة

أحدثت الأتمتة الصناعية ثورةً في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصناعات التحويلية، والسيارات، والأغذية، والمشروبات، فمن خلال أتمتة العمليات، يمكن للشركات زيادة الكفاءة، وتحسين جودة المنتج، وتعزيز السلامة الصناعية. مع استمرار تطور الصناعات من المتوقع أن ينمو دور الأتمتة الصناعية، مما يؤدي إلى مزيدٍ من التقدم في تقنياتها.

المراجع البحثية

1- Ambadkar, A. (2024, January 18). Understanding Industrial Automation: A Comprehensive guide. Wevolver. Retrieved June 27, 2024

2- Basilius Inc. (2023, September 28). Introduction to Industrial Automation Systems – Basilius Inc. Retrieved June 27, 2024

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.