تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو اضطراب حب التملك؟

وهو رغبة الفرد في تقييد شريكه، ومنعه عن كل رفاهيات الحياة، مما يؤدي لخلق الكثير من المشكلات، كالكذب، والتوتر الدائم، وانعدام الثقة بينهما، والكارثة الأكبر هي أن هذا التملك لا يكون نابعاً عن حب، أو حنان، أو خوف على الشريك، بل يتمحور حول رغبة الشخص أن يمارس سلطته وقوته على الطرف الآخر لإثبات رجولته.

وليثبت أن كلمته هي التي ستنفذ، ولا مجال للمناقشة أبداً، وهنا فقط سيشعر بقيمته، وأهميته في حياة الآخر، ولا يكتفي المتملك بالتحكم، وفرض رأيه على الآخر، بل يمكن أن تصل للإهانة إذا رفض الآخر تنفيذ ما يريد، فعلى سبيل المثال: من الممكن أن ترتبط الأنثى برجلٍ يرتفع لديه حبه لذاته، بالتالي تكون درجة تملكه لشريكته تساوي حبه لنفسه ولخصوصياته.

ومن ثم يبدأ بفرض الأوامر عليها ليس من باب الخوف أبداً لأنه عندما يبرر لها السبب، فهذا يكون من جانب العاطفة والحب، لكن الحقيقة هي أنه لا يريد أن تكون أفضل أو أعلى منه مرتبة سواءً في العمل، أو الدراسة، أو في الحياة الواقعية، وعندما تفشل هي في شيءٍ معين أو ترفض رأياً له لن يقف بجانبها، بل سيكتفي بالتوبيخ، والتقليل من قيمتها لغايةٍ واحدة في نفسه، وهي أن يحكمها، ويسيطر عليها، وتبقى تحت جناحيه هو فقط، ويشعرها ألا حياة لها بدونه. ^[1]

ما هي علامات اضطراب حب التملك؟

توجد عدد من الخصائص التي تبدو على المصابين بهذا الاضطراب، ومنها:

1- التدخل العميق في تفاصيل الشريك، على سبيل المثال: (اللباس، أو الأصدقاء والدراسة، أو العمل).

2- الأسئلة المتكررة حول ماضي الشريك وعلاقاته.

3- التصرف مع الشريك، وكأنه احتكار له فقط، ومنعه من ممارسة حياته بشكلٍ طبيعي.

4- الرغبة بالتحدث والتواصل المستمر مع الشريك على مدار الساعة دون توقف.

5- مشاعر مختلفة من انعدام الثقة والتقدير، وماضٍ من الصدمات الكثيرة، على سبيل المثال: (التعرض لخيانةٍ مؤلمة أو النشوء في أسرة غير مستقرة عاطفياً، بالتالي قد يكون الشخص افتقد لاهتمامٍ معين، ويسعى في حياته إلى تملك شريكه بطريقة تشعره بالأمان والاطمئنان، وأنه لن يتركه أو يتخلى عنه.

6- الغيرة المفرطة التي تجعل الشريك يتساءل: “أهذا حب أم عذاب؟”.

7- الشك الدائم بالشريك، وملاحقته على أصغر الأخطاء، وتحميله كامل المسؤولية فقط ليجعله خاضعاً لأوامره.

8- شعور الضحية الدائم بالتعب والقلق من هذه العلاقة.

9- لا يقبل الاعتذار، ويتعمد الصعوبة في ذلك فقط ليشعر الآخر بالذنب، وأن الحصول على رضاه ليس بالأمر السهل، فهو سيحتاج إلى تقديم عدة أمور بالمقابل، وهذا كله ليضمن بقاءه معه.

10- إجبار الشخص المتملك شريكه على إجراء تغييراتٍ معينة في اللباس، أو الوجه، أو طريقة التعامل مع الأصدقاء، ومن ثم تتطور من ناحية العمل والدراسة، وقد يطلبها بشكلٍ مباشر، ودون سابق إنذار. ^[2]

ما هي أسباب اضطراب التملك؟

تشمل الأسباب المؤدية لحب التملك الكثير من العوامل، ومنها: ^[3]

1- التعلق غير الصحي بالأشخاص

توجد أنماط من الشخصيات لا تستطيع ضبط عواطفها، ولا التحكم في أحاسيسها، وقد نراهم من أكثر الأشخاص الذين يتعرضون للأذى في حياتهم بسبب عدم قدرتهم على خلق توازنٍ معينٍ في حياتهم، ولديهم التعلق المرضي بنسبةٍ كبيرةٍ جداً.

2- تعرض الفرد لصدماتٍ معينة في الطفولة

من الممكن أن تؤدي بعض التجارب المؤلمة أو الإهمال، وسوء المعاملة إلى خلق شخصيةٍ غير متوازنة لديها نقص في الاهتمام، أو العواطف، أو الشعور بالأهمية، بالإضافة لرغباتٍ أخرى غير مشبعة، وكل ذلك يؤدي في المستقبل إلى تكوين إنسانٍ متملك.

3- معاناة الفرد من اضطراب الشخصية الحدية

الأشخاص الذين يعانون من حب التملك حتماً سيكون لديهم شخصية حدية سريعة الغضب، ولا يقبلون اعتذار الآخر بسهولة، ويتصرفون بطريقةٍ غير منتظمة، ومتلاعبةٍ مع الشريك.

4- الاعتمادية على الشريك وعدم تحمل المسؤولية

التملك في بعض الأحيان ليس بالضرورة أن يكون نابعاً من حب وغيرة، بل من الممكن أن يكون الدافع هو المصلحة والاتكالية، ومع تطور العلاقة، فإن كثيراً من المشكلات قد تحدث عندما يمارس أحد الطرفين أنانيته على شريكه لاستنزافه سواءً أكان مادياً أو معنوياً.

5- سمات الشخصية

تلعب صفات الشخصية المزاجية دوراً في خلق هذا الاضطراب، على سبيل المثال:

1- الاندفاع والغضب السريع.

2- الخوف الدائم من العقاب.

3- انخفاض تقدير الذات.

4- القلق من الأصدقاء.

6- العادات والتقاليد الاجتماعية

لكل مجتمعٍ ثقافةٌ خاصةٌ به، وتلعب في تشكيلها عادات الفرد، وطرق المعيشة، وأساليب الحياة، لذلك قد نرى مجتمعات منفتحة، وأخرى منغلقة، وعلى أثرها تنجم كل الخلافات والاضطرابات، على سبيل المثال: (ارتباط أنثى تعيش في المدينة بشابٍ من إحدى القرى، قد لا تكون هذه العلاقة ناجحةً بسبب الاختلافات في التربية، وطريقة اللباس، وكثيرٍ من الأمور الأخرى، مما يخلق نمطاً من التملك لدى الرجل، ولكن بمستوياتٍ معينة).

ما هو تشخيص اضطراب الحب المتملك؟

هذا الاضطراب غير معترفٍ عليه في الطب النفسي، وذلك لأنه لا يعتبر اضطراباً مستقلاً، بل إنه يترافق مع حالاتٍ عصبيةٍ عقليةٍ أخرى، يتمُّ تشخيصها باضطراباتٍ معينة، ولكن ذلك لا يمنع من تواجد علاجٍ خاصٍّ به يهتمُّ بعدة أمور شخصية، وعائلية، وعاطفية، وغيرها. ^[4]

ما هو علاج اضطراب حب التملك؟

هنالك مجموعةٌ من العلاجات التي تساعد في التخفيف من شدة الاضطراب على الفرد، ومنها: ^[5]

1- العلاج المعرفي السلوكي

يُستخدم هذا العلاج مع أصحاب الشخصية الحدية والمزاجية الذين يعانون صعوبةً في الاستقرار على رأيٍ واحدٍ أو أمرٍ معين، ولديهم دوماً تسرّعٌ في اتخاذ القرارات، والغضب من أصغر التفاصيل، ويساعد هذا العلاج بتعديل السلوك بشكلٍ مرن ومتقبل، كذلك يمنح الفرد ثقةً بنفسه تساعده في حل مشكلاته، وتنظيم عواطفه بشكلٍ أفضل مما كان عليه.

2- العلاج بالأدوية

لا ينصح بتناول الأدوية إلا في حال استشارة طبيب حصراً أو إذا كانت الحالة تعاني من اضطراباتٍ شخصيةٍ حادة جداً، فعلاج الأدوية مع الخضوع لعلاج نفسي سيكون فعالاً جداً، ومن أنواع الأدوية:

1- الأدوية المضادة للقلق.

2- الأدوية المضادة للاكتئاب.

3- مضادات الذهان.

4- مثبتات المزاج.

طريقة التعامل مع اضطراب الحب المتملك؟

1- من أجل التخلص من اضطراب التملك على الفرد أن يعترف بأنه مصابٌ به، وقد يكون على معاناةٍ مع حالةٍ صحية عقلية أخرى تزيد من شدة التملك لديه، وينصح بالذهاب إلى أخصائي نفسي.

2- على الفرد أن يحدد الأنماط التي لا يستطيع أن يتكيف معها أو يتقبلها.

3- إعطاء مساحةٍ شخصيةٍ للفرد شيءٌ مهمٌّ جداً لكي يبدأ بفهم نفسه من جديد، لأنه في بعض الأوقات قد تكون العزلة مع بناء شخصية وتطلعات جديدة أمراً مهماً جداً.

4- ممارسة تمارين الاسترخاء واليقظة العقلية عند أخصائي نفسي، وذلك ليتمكن الفرد من فصل أفكاره القديمة عن الجديدة التي سيتمّ تكوينها.

5- وضع جدولٍ زمني لكل الأنشطة والهوايات التي يحب الفرد أن يمارسها، ولوحده لأن ذلك يمنحه الرفاهية، وبشكلٍ كبير بسبب أنه يمارسها، ويعطي كل اهتمامه لنفسه، وعندما يشبع نفسه سيكون قادراً على إشباع شريكه دون تملُّكٍ أو سيطرة.

6- تخصيص وقتٍ لقراءة كتبٍ مفيدةٍ عن علاقات الحب الصحية، ومفاهيم الزواج، والجنس، والبقاء على تواصلٍ مع استشاري نفسي لمتابعة، وتقييم الحالة باستمرار. ^[5]