تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ارتفاع التوتر الرئوي (Pulmonary Hypertension) هو ارتفاع الضغط الدموي في الشرايين الرئوية نتيجة اعتلالٍ في الأوعية، مما يُبطئ من كمية الدم الوارد إلى الرئتين، فيدفع ذلك القلب إلى المعاوضة بزيادة ضخّ الدم، فيؤدي إلى قصور القلب في الحالات المزمنة.

ما هو الضغط الرئوي (التوتر الرئوي)؟

التوتر الرئوي أو الضغط الرئوي مختلفٌ عن الضغط في الشرايين الجهازية الذي نقيسه بجهاز الضغط المعروف، وهو يعبر عن كمية الدم غير المؤكسج الناتج عن كامل الجسم، والذي يصبُّ إلى الأذينة اليمنى عبر الوريد الأجوف العلوي والسفلي.

فالبطين الأيمن هو الذي يضخُّه إلى الشريان الرئوي عبر الصمام الرئوي، ومنه ينتشر الدم في الشرايين الرئوية ليتأكسج عبر الأسناخ الرئوية التي تُحدث التبادل الغازي بين الهواء المستنشق الغني بالأوكسجين والدم غير المؤكسج الوارد من الجسم.

لذلك يحدث في أمراض القلب، أو الرئتين، أو الأوعية ارتفاع في التوتر الرئوي، وتبلغ قيمته الطبيعية وقت الراحة من 11 إلى 20 ميلي متر زئبقي. أما التوتر الجهازي، فهو كمية الدم الجاري في أوعية الجسم، ولا علاقة بين قيمته وقيمة التوتر الرئوي. ^[1]

ما أسباب ارتفاع التوتر الرئوي؟

توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع التوتر الرئوي، وهي إما أسباب مرضية، أو دوائية، أو طفراتٍ جينية، وكمثالٍ عن هذه العوامل المُسبّبة نذكر: ^{[2] [3]}

1- العوامل المرضية

الآفات القلبية الخلقية (Congenital Heart Disease (CHD)) أو بأنواعها المزرقة وغير المزرقة، وأمراض الصمامات، وخاصةً قصور الأبهر والتاجي، وضخامة البطين الأيسر، بالإضافة إلى أمراض الكبد، والطرق الصفراوية، وارتفاع توتر وريد الباب، والأمراض الرئوية، مثل: (COPD)، أو الداء الرئوي الانسدادي المزمن.

2- الأدوية

تسبّب الأدوية بعد استخدامها لفترة طويلة الإصابة بارتفاع التوتر الرئوي في حال وجود استعدادٍ وراثيّ للمريض، ومنها الأدوية التي تساعد على إنقاص الوزن (fen-phen) فن-فن، والأدوية المنبهة للجهاز العصبي، مثل: أمفيتامين (Methamphetamine).

 3- الطفرات الوراثية والاضطرابات الاستقلابية وبعض الأمراض المناعية

ما هي علامات ارتفاع التوتر الرئوي؟

إن العلامات هي تلك التي يكتشفها الطبيب خلال الفحص السريري للمريض وأبرزها: ^[4]

1- اشتداد الصوت الثاني في المركبة الرئوية

إذ تقسم الأصوات القلبية إلى أربعة أصوات يعبر الصوت الأول عن انغلاق الصمام التاجي ومثلث الشرف. أما الصوت الثاني، فيعبر عن انغلاق الصمام الأبهري والرئوي، وبسبب وجود المشكلة في الشرايين الرئوية تزداد شدة الصوت الثاني.

2- نفخة قذفية منتصف انقباضية في البؤرة الرئوية

والنفخات هي أصواتٌ قلبية غير طبيعية يسمعها الطبيب عند وضع السماعة على أماكن البؤرة التاجية، والرئوية، والأبهرية، وبؤرة مثلث الشرف، ففي حالة ارتفاع التوتر الرئوي تسمع النفخة الرئوية في منتصف الانقباض.

3- نفخة انقباضية في المنطقة الشرسوفية

والمنطقة الشرسوفية هي منتصف الجذع في القسم العلوي، وتعبر النفخة المسموعة في هذه المنطقة عن توسع الصمام مثلث الشرف الموجود بين الأذينة اليمنى والبطين الأيمن، وهذا التوسع ناتج عن ارتداد الدم من الشريان الرئوي إلى البطين الأيمن، فيتوسع البطين، وتتوسع حلقة الصمام، فيصاب بالقصور.

ما أعراض ارتفاع التوتر الرئوي؟

تظهر أعراض ارتفاع التوتر الرئوي بشكلٍ تدريجي وبطيء، وتتراوح مدة ظهورها من عدة أشهر إلى عدة سنوات، فيشكو المريض أولاً من الزلة التنفسية أو ضيق التنفس والألم الصدري عند المجهود سواءً أكان تمارين رياضية، أو أعمال منزلية بسيطة حسب شدة ارتفاع التوتر الرئوي.

وتظهر على المريض ألوان مختلفة في البشرة، مثل: اللون الأزرق الدال على نقص الأوكسجين في شرايين الجلد، ومن الأعراض العامة، التعب، والخفقان، والوذمة أو انتفاخ الأطراف السفلية ومنطقة البطن (الحبن في حالات نادرة)، والدوار، والغثيان، والإقياء أحياناً. ^[5]

كيف يُشخّص ارتفاع التوتر الرئوي؟

يُشخّص ارتفاع التوتر الرئوي باجتماع الفحص السريري الدقيق، والتحاليل المخبرية، والاستقصاءات الشعاعية، ويبدأ الطبيب أولاً بالفحص السريري وسماع أصوات القلب الطبيعية والشاذة بعد أخذ القصة السريرية بالتفصيل، بعدها يطلب الطبيب التحاليل الدموية من تعداد الدم الكامل واختبارات النزف والتخثُّر، وإنزيمات الكبد عند وجود علامات وأعراض المرض الكبدي.

أما الاستقصاءات التصويرية، فهي: إيكو القلب للاطمئنان على صحة القلب، وصورة الصدر البسيطة لنفي الاعتلالات الرئوية. أما التشخيص الذهبي لارتفاع التوتر الرئوي، يكون بالقثطرة القلبية، وهو عبارة عن قثطارٍ يدخل من الشريان الفخذي، ويصل إلى البطين الأيمن والشريان الرئوي، ويقيس الضغط الشرياني عندها، كما يبين حالة أجواف القلب والصمامات. ^{[3] [4]}

معالجة ارتفاع التوتر الرئوي

لا يوجد علاجٌ محدّدٌ لارتفاع التوتر الرئوي، فالمعالجة تهدف إلى تحسين الأعراض والبقيا، ومن أهمّ الأدوية المستخدمة هي الموسعات الوعائية أو خافضات الضغط التي تزيد من جودة جريان الدم داخل الأوعية الرئوية المصابة، ومنها: إيبوبروستينول (Epoprostenol)، وتريبروستينيل (Treprostenil) أو حاصرة أقنية الكالسيوم، مثل: أميلوديبين (Amelodepin) منبهات الغوانيلات سيكلاز (Guanylate cyclase stimulators)، مثل: ريوسيغوات (Riociguat)، التي تعمل على إنقاص التوتر، وإرخاء أوعية الرئة، بالإضافة إلى وصف المميعات لتقليل نسبة الخثرات.

وفي حال عدم الاستجابة للعلاج الدوائي يستطب إجراء العمل الجراحي بتخفيف التوتر الرئوي المرتفع بفتح الأجواف اليمنى على الأجواف اليسرى من القلب أو زرع القلب والرئة في الحالات المستعصية، لكن مدى احتمال نجاح هذه العملية منخفض، ومعدل الوفيات عالٍ. ^[6]

ارتفاع التوتر الرئوي والحمل؟

يمنع الحمل لدى مريضات ارتفاع التوتر الرئوي، وعند اكتشاف الحمل لديهن يستطب الإجهاض بالولادة المهبلية أو الطرق الأخرى، وفي حال عدم موافقة المريضة للإجهاض يجب أخذ التدابير المناسبة، وأهمها الراحة الكاملة في السرير، وعدم القيام بأي مجهود، بالإضافة إلى تناول المميعات بسبب وجود الأهبة العالية للخثار، والستيروئيدات القشرية في بداية الثلث الثالث للحمل، وموسعات الأوعية من بداية اكتشاف المرض وحتى موعد الولادة.

ومع ذلك إن خطر الوفيات عالٍ لدى الجنين والأم بنسبة أربعين بالمئة لوفاة الأم، وخمسين بالمئة لوفاة الأجنّة، وتكتشف أغلب أعراضهن في الثلث الثاني أو الثالث، ويجب التنويه على الأدوية المحظورة على الحامل، مثل: (Riociguat). ^[7]