تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الكبد الموجود في القسم العلوي الأيمن من البطن، والمؤلف من عدة فصوص، له تركيب خاص، ووظائف متعددة في جسم الإنسان، لذلك علينا الاهتمام به، والابتعاد عن العادات السيئة التي تضره لتجنُّب الأمراض، والإصابات المتعلقة به، والتمتُّع بكبدٍ ذي فعاليةٍ عالية.

لمحة عن الكبد

يعدُّ الكبد من أكبر الأعضاء الحشوية في الجسم، فهو يقع تحت القبة اليمنى للحجاب الحاجز، ومقسّم إلى أربعة فصوص: الفص الأيمن، والأيسر، والفص المربع (Quadrate)، والفص المذنب (Caudate Lobe)، وينقسم الفص الأيمن عن الأيسر برباطٍ منجلي الشكل (Falciform).

وتقسم هذه الفصوص الأربعة أحياناً إلى ثمانية فصوص لكل منها ترويته الشريانية، وعوده الوريدي، وتصريفه اللمفي، والقناة الكبدية الخاصة بها، ويحيط بالكبد الطحال، والبنكرياس، والحجاب الحاجز، والمرارة، وتخرج منها القناة الكبدية المشتركة التي تتصل بالقناة الصفراوية لتشكل القناة الجامعة.

يعمل الكبد على تصنيع البيلروبين المرتبط بحمض الغلوكورونيك، ويدعى بالبيليروبين غير المباشر، وهو العضو الأساسي لتصنيع الألبومين، وهو عبارة عن بروتينٍ صغير وخفيف الوزن الجزيئي، ويعمل على نقل الفيتامينات والهرمونات إلى الخلايا المحتاجة لها، وله دور أساسي في توازن السوائل في الجسم، ويصفّي الكبد الدم من السموم، والفضلات الضارة بالجسم.

بالإضافة إلى تنظيم الحموض الأمينية في مجرى الدم، ولعل من أهمّ الوظائف التي يعمل بها الكبد في جسم الإنسان بمساعدة الفيتامين K هي تصنيع بروتينات التخثُّر التي تعمل مع الصفيحات الدموية على إيقاف النزف، وتفعيل شلالات التخثُّر، كما يخزن الكبد سكر الغلوكوز على شكل جليكوجين لاستخدامه عند الحاجة. ^[1]

كيف نحافظ على صحة الكبد؟

هناك بعض الخطوات البسيطة وغير المكلفة للحفاظ على صحة الكبد، لكنها تتطلب المواظبة عليها لتصبح من العادات اليومية، ونمط الحياة الصحي لدى الإنسان، ونذكر منها: ^{[2] [3] [4]}

● للوقاية من التهابات الكبد بأنماطها الثلاث A, B أو C يجب الحفاظ على نظافة اليدين عند تحضير الطعام، والخروج من الحمام، وملامسة الحيوانات الأليفة، والحرص على غسل الخضار والورقيات جيداً، وطبخ اللحوم بشكلٍ كافٍ، لأنها طرق شائعة لانتقال الإصابة بالتهاب الكبد A.

أما النوع الثاني، فتتمُّ الوقاية منه عبر استخدام أدواتٍ معقمة لسحب الدم، وتجنُّب رسم الوشوم، واستخدام شفرات الحلاقة بشكلٍ عشوائي بسبب زيادة احتمالية انتقال التهاب الكبد B بالطريق الدموي، أما النوع الأخير، وهو الأخطر ينتقل عن طريق الجنس، فينصح بتجنُّب العلاقات المحرمة، وتجنُّب استعمال الواقيات الجنسية بشكلٍ عشوائي.

● يتأثر الكبد بشكل كبير بالأدوية، حيث إن معظم الأدوية يكون استقلابها كبدياً، خاصةً عند تناول الأدوية بشكلٍ غير منتظم، أو بجرعةٍ كبيرة تفوق الجرعة الموصوفة طبياً، أو تناول الدواء بشكلٍ مزمن، ومن هذه الأدوية مسكنات الألم أو مضادات الالتهاب، وينصح بعلاج العامل الأساسي المسبّب، وعدم الاعتماد على تهدئة الأعراض لتجنُّب الإصابة بتسمُّم الكبد الدوائي.

● للنمط الغذائي السليم تأثيرٌ كبيرٌ على صحة الكبد، ويتمثل ذلك بالابتعاد عن الأطعمة الدهنية، والوجبات السريعة، والمحتوى عالي السعرات الحرارية، ويستعاض عن ذلك بالتركيز على الألياف، والخضار، والفواكه، والأطعمة الغنية بالعناصر الأساسية لاسيما فيتامين K الذي يساعد الكبد في بعض مهامه.

وينبغي التركيز على شرب المياه والعصائر الطبيعية بكمياتٍ كافية، ولعل أهمّ النقاط الواجب التركيز عليها هي الامتناع عن المشروبات الكحولية التي تسبّب تشمُّع الكبد، حيث يمرّ الكبد بمراحل تتمثل بالضخامة الكبدية، والتشحم وصولاً لتشمُّع الكبد (Cirrhosis)، وينصح بالانسحاب الكحولي التدريجي بإشراف كادرٍ طبيٍّ مختصٍّ لدى الأشخاص المدمنين.

● الابتعاد عن التدخين بأنواعه، والمبيدات الحشرية، والمواد المسمّمة، مثل: مواد التصنيع الكيميائية لتأثيرها على الكبد بشكلٍ غير مباشر، بالإضافة لتأثيرها على الأعضاء الأخرى، مثل: الرئة، والمثانة.

ما هي الأطعمة المفيدة لصحة الكبد؟

من أهمّ المنتجات الغذائية التي تساعد في المحافظة على صحة الكبد هي:

1- المشروبات

القهوة، فقد أثبتت الدراسات أن شرب القهوة يومياً بكمياتٍ معقولة يحمي الكبد من خطر التشمُّع، وتدهور نسيج الكبد، كما يمكن أن تقلّل القهوة من خطر الإصابة بسرطان الكبد حسب دراسات أجريت عام 2016، وذلك بفضل تقليل القهوة لنسبة تشكل الدهون والكولاجين في المتن الكبدي.

ويعدُّ الشاي من المشروبات المفيدة لصحة الكبد، لاسيما الشاي الأخضر إذ يعمل على تقليل نسبة الإنزيمات الكبدية، وهي الناقلات الأمينية المعروفة باسم ALT ألانين ترانسفيراز (Alanine Transferase)، وAST أسبارتات أمينوترانسفيراز (Aspartate Amino Transferase)  لدى المرضى الكبديين.

2- الفاكهة

تتمتع ثمرة الغريفون (Grapefruit) بخصائص مضادة للأكسدة لاحتوائها على مادتي نارينجين (Naringin)، ونارينجينين (Naringenin) التي تحمي الكبد من المواد السامة عبر خصائصها المضادة للالتهاب، وحماية الخلايا، وترميم المفقود منها.

وقد أثبتت دراسة نشرت في العام 2023 حول مساعدة هذه الفاكهة في الوقاية من تليُّف الكبد، كما يتمتع التوت بأنواعه المختلفة بخصائص مشابهة للصنف السابق لاحتوائه على مادة أنثوسيانين (Anthocyanins) التي تقي الكبد من التنكس الدهني، وهو تجمُّع الدهون والأحماض الدسمة في النسيج الكبدي، وتوجد أنواع أخرى من الفاكهة المفيدة لصحة الكبد، مثل: العنب، والإجاص، وغيرها.

3- اللحوم

يعدُّ السمك من أكثر اللحوم فائدةً للكبد، وذلك لاحتوائه على أوميغا 3، وهي عبارةٌ عن أحماض دهنية ضرورية لمعظم أعضاء الجسم الحيوية، وذلك بتخفيضها لنسبة دهون الكبد في سياق داء الكبد غير الكحولي بشرط عدم الإفراط في تناولها، وخاصةً بأشكالها الصيدلانية التي تباع على شكل حبوب زيت السمك.

4- الزيوت

زيت الزيتون هو الخيار المفضل للكبد باعتباره قليل الدسم والسعرات الحرارية بالمقارنة مع الزيوت الأخرى، والسمن الحيواني أو النباتي، والزبدة التي تحوي على الدهون المشبعة، وقد أثبتت فعالية زيت الزيتون في تحسين مستوى الإنزيمات الكبدية في الدم. إن الوقاية من الأمراض الكبدية هو حجر الأساس لتجنُّب المخاطر التي تمسُّ الكبد، وأعضاء الجسم ككل، وذلك بالتغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، والابتعاد عن الملوثات، والعادات السيئة. ^{[5] [6]}