Skip links
رجل يجلس على الأريكة ويمسك بيد بنت صغيرة تجلس بجانبه وينظر لوجهها

كيف تتحدث مع طفلك حول المواضيع الصعبة؟

الرئيسية » التعلم » التربية » كيف تتحدث مع طفلك حول المواضيع الصعبة؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الحديث مع الأطفال هو وسيلةٌ مهمّةٌ للتواصل الفعّال معهم وتوجيههم، كما يُعدُّ فرصةً لفهم مشاعرهم واحتياجاتهم، ويُتيح لهم التعبير عن أفكارهم بحرية، لكن ماذا لو كان الحديث مع الطفل يدور حول موضوعٍ صعبٍ أو حسّاس؟

ما هي المواضيع التي يخشى الأهل الحديث عنها مع الأطفال؟

هناك العديد من المواضيع التي قد يعتبرها الأهل صعبةً أو حساسةً للحديث عنها مع الأطفال، ومن بينها: [1]

1- الموت والفقدان

يتردّد العديد من الأهل في الحديث عن الموت مع أطفالهم خوفاً من أن يسبّب ذلك لهم القلق أو الحزن، فمن الصعب شرح مفهوم الموت بطريقةٍ تتناسب مع مستوى فهم الطفل، ولا تسبّب له الإرباك.

2- الطلاق والانفصال

عندما يتعرّض الأطفال لتجربة الطلاق أو الانفصال بين الوالدين، قد يتجنّب الأهل الحديث عن الموضوع لتجنّب إثارة مشاعر الخوف أو الحزن لدى الطفل.

3- الحديث عن الجنس والتربية الجنسية

هذا الموضوع غالباً ما يكون محاطاً بالحساسية، حيث قد يشعر الأهل بعدم الارتياح عند مناقشتها مع أطفالهم لعدم معرفة طريقة الطرح المناسبة.

4- المشاكل المالية

يخشى الأهل من الحديث عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة أو الأمور المالية مع أطفالهم خوفاً من أن يجعلهم ذلك يشعرون بالقلق بشأن المستقبل.

5- المشاكل الصحية

في حالة إصابة أحد أفراد العائلة بمرضٍ خطيرٍ، من الممكن أن يتجنّب الأهل مناقشة هذا الوضع الصحي مع الأطفال خشية إيذاء مشاعرهم أو تعريضهم للضغط النفسي.

6- الأحداث السلبية العالمية

كالأزمات، الحروب، الكوارث الطبيعية، أو الأوبئة، حيث يشعر الأهل بالحيرة حول كيفية تقديم هذه المواضيع للطفل بطريقةٍ تجعله يفهمها دون أن يخاف ويجزع.

7- التمييز والعنصرية

حيث يجد الأهل صعوبةً في شرح القضايا الاجتماعية، مثل: التمييز العنصري أو التحيز بأشكاله المختلفة خصوصاً في المجتمعات المتعددة الثقافات.

كيف يمكن أن يتأثر الأطفال بهذه الأحاديث؟

1- الخوف والقلق

عند تقديم موضوعات، مثل: الموت أو المشاكل الصحية بشكلٍ غير مناسب أو غامض قد يشعر الطفل بالقلق والخوف، ذلك لأنه يتخيّل ويتوقّع الأسوأ، مما يجعله عرضةً للتوتر الدائم.

2- الارتباك أو سوء الفهم

الأطفال الذين لا يتلقون شرحاً واضحاً لموضوعاتٍ معينة، مثل: الانفصال أو التربية الجنسية، قد يكونون عرضةً لسوء الفهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتباكٍ حول المفاهيم الأساسية، وخلق أفكار مغلوطة قد تؤثر على نموّهم النفسي والاجتماعي.

3- الحزن أو الانطواء

إن المواضيع المحزنة، مثل: الطلاق، أو السفر، أو الفقدان، قد تثير مشاعر الحزن العميق لدى الطفل خصوصاً إذا شعر بأنه لا يستطيع التعبير عن مشاعره أو لا يتمُّ دعمه عاطفياً، وهذا ما يقوده إلى الانطواء أو العزلة.

4- انعدام الأمان

مناقشة المشاكل المالية أو الأحداث السلبية العالمية قد تجعل الطفل يشعر بعدم الأمان أو عدم الاستقرار، خاصةً إذا لم يتمّ شرح هذه الأمور بطريقةٍ تهدّئ من مخاوفه، فالأطفال يحتاجون للشعور بالأمان والدعم، وإلا فقد ينشأ لديهم إحساس بالخطر المستمر.

5- تأثيرات سلوكية

من المحتمل أن يُظهر بعض الأطفال سلوكياتٍ انعكاسية على القلق أو الحزن، مثل: العدوانية، أو الانسحاب الاجتماعي، أو مشاكل في النوم، أو الدراسة، حيث تنتج هذه السلوكيات عن عدم قدرتهم على التعامل مع المشاعر الناتجة عن هذه الأحاديث. [1]

كيف يمكن أن يقدّم الأهل هذه الأحاديث؟

عندما يتحدث الأهل مع الأطفال عن المواضيع الصعبة، من المهمّ أن يكونوا مستعدين لتقديم هذه الأحاديث بطريقةٍ مناسبةٍ لعمر الطفل ومستوى نضجه العاطفي، وهنا بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الأهل في تقديم هذه المواضيع بشكلٍ فعّال: [2]

1- اختيار الوقت المناسب

ويعني ذلك اختيار التوقيت الذي يكون فيه الطفل هادئاً وغير مشتّتٍ أو مشغول، وتجنُّب البدء في هذه الأحاديث وقت النوم أو عندما يكون الطفل منزعجاً أو متعباً، كما يجب على الأهل التأكد من أنهم مستعدون نفسياً وعاطفياً للتحدث عن الموضوع، فالهدوء والثبات العاطفي سيساعدان على تقديم المعلومات بشكلٍ أفضل.

2- التحدث بلغةٍ بسيطةٍ ومفهومة

ذلك باستخدام كلمات وجمل بسيطة تناسب مستوى فهم الطفل، ومحاولة الابتعاد عن التفاصيل المعقّدة التي قد تزيد من ارتباكه.

3- الإجابة على الأسئلة

يجب توقُّع أن يسأل الطفل العديد من الأسئلة، لذا على الأهل أن يكونوا مستعدين للإجابة بصراحةٍ وشفافية دون تجاهل مخاوف الطفل.

4- الصراحة والوضوح مع الطفل

يجب تقديم الحقيقة، ولكن بطريقةٍ تخفّف من وقعها على الطفل، فالأطفال بحاجةٍ إلى معرفة الحقائق، ولكن ليس كل التفاصيل ضرورية خاصةً إذا كانت قاسيةً أو مخيفة، ومن المهمّ جداً عدم تضليل الطفل، أو تقديم معلومات غير صحيحة له، أو محاولة تجنُّب الموضوعات الصعبة تماماً، فهذا يؤدي إلى مزيدٍ من الارتباك والقلق، ويقلّل من الثقة المتبادلة بين الطرفين، لذا من الأفضل أن يكون الأهل صادقين بطريقةٍ تناسب قدرة الطفل على الفهم.

5- الاستماع الفعّال والتفاعل مع مشاعر الطفل

عن طريق منحه الفرصة للتحدث بعد تقديم المعلومات له، للتعبير عن مشاعره، وطرح أسئلته، ومن ثم الاستماع إليه دون مقاطعته أو الاستهانة بمخاوفه ورأيه بالموضوع.

6- تقديم الطمأنينة والدعم

من الضروري طمأنة الطفل بأنه في أمانٍ حتى عندما تكون الأمور صعبة، فالأطفال بحاجة إلى الشعور بأنهم محميون، وأن الأهل موجودون لدعمهم دائماً.

7- توفير الاستقرار

إذا كان الموضوع يتعلق بتغيراتٍ كبيرة، مثل: الطلاق أو فقدان أحد الأقارب، يجب محاولة الحفاظ على الاستقرار في الروتين اليومي للطفل قدر الإمكان، لتقليل التأثيرات النفسية الناجمة عن هذا التغيير.

8- استخدام الأمثلة والقصص

في بعض الأحيان يمكن أن يكون استخدام القصص أو الأمثلة وسيلةً جيدةً لشرح المفاهيم الصعبة، على سبيل المثال: تقديم قصص عن تجارب عائلات أخرى أو قصص خيالية تساعد الطفل على فهم الموضوع بشكلٍ أفضل.

9- التحكُّم في ردود فعلهم العاطفية

إذا أظهر الطفل ردود فعلٍ عاطفيةٍ قوية، مثل: البكاء أو الغضب، يجب على الأهل أن يكونوا هادئين ومتفهمين، فالدعم العاطفي في هذه اللحظات مهمُّ جداً.

10- مساعدة الطفل في معالجة مشاعره

قد يحتاج الطفل وقتاً لفهم أو قبول ما سمعه، لهذا يجب مساعدته خلال هذه الفترة في معالجة مشاعره باللجوء إلى الأنشطة الإبداعية، مثل: الرسم أو اللعب، للتعبير عما في داخله.

11- تقديم حلولٍ أو خططٍ مستقبلية

إذا كانت الأحاديث تدور حول مواضيع قد تؤثر على المستقبل، مثل: الطلاق أو المشاكل المالية، فمن الجيد أن يشرح الأبوان للطفل ما سيتمُّ فعله للحفاظ على استقراره وسعادته، حيث يمكن أيضاً للأطفال الأكبر سناً أن يكونوا جزءاً في عملية إيجاد الحلول، مثل: التخطيط لوقتٍ مخصّصٍ لرؤية الوالدين بعد الطلاق أو المشاركة في اتخاذ قراراتٍ صغيرةٍ حول كيفية التأقلم مع الوضع الجديد.

12- مراقبة التغيُّرات السلوكية

إذا لاحظ الأهل تغيّراتٍ سلوكية لدى الطفل، مثل: الانطواء أو القلق الزائد، قد يكون من الضروري تقديم المزيد من الدعم أو اللجوء إلى متخصصين في حال احتاج الأمر.

في الختام، يُعتبر الحديث مع الأطفال حول المواضيع الصعبة خطوةً أساسيةً في تربيتهم، وتشكيل شخصياتهم، وعندما يتمُّ التعامل مع هذه الأحاديث بحب وصبر وصدق يمكن أن تتحول إلى فرص تعليمية تعزّز من قدرة الطفل على مواجهة التحديات بثقة ووعي، فالحوار المفتوح والآمن ليس فقط وسيلةً لحل المشكلات، بل هو أيضاً جسرٌ يعبر به الأطفال نحو فهم العالم من حولهم بثباتٍ وطمأنينة.

المراجع البحثية

1- Faber, A., & Mazlish, E. (2012). How to talk so kids will listen & listen so kids will talk (Updated edition). Simon and Schuster. Retrieved September 22, 2024

2- Gottman, J. M., Gottman, J., & Declaire, J. (1998). Raising an emotionally intelligent child (63993rd ed.). Simon and Schuster. Retrieved September 22, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.